القاهرة 29 مايو 2024 الساعة 03:54 م
بقلم: أحمد محمد صلاح
وُلد طاليس المالطي نحو عام 624، وتوفي تقريبا عام 546 ق.م، وحاول المؤرخون ترصد سيرته الذاتية فكان اجتماعهم حول أصوله بمنطقة الشام وبالتحديد من أهالي قورموس بن اجنور بصور بالشام، وعاني أهله من جور حكام هذه الفترة، فانتقلوا إلى اليونان وبالتحديد جزيرة ماليطا أو مالطا وهناك ولد طاليس، ويقول هيرودتس أن طاليس هو بن إكزامياس وكليوبولينا وينتمي كلاهما إلى عائلة نبيلة من أصول فينيقيَّة.
احترف طاليس في البداية التجارة وكان يتاجر في الزيتون، وحقق منه ثروة عظيمة، واستطاع تعلم أسس الفلسفة ونال لقب حكيم الأقضية "أي قاض كبير"، ولكنه لم يكتف بذلك بل رأى أنه يريد أن يعرف أصول الأشياء وأسرار الكائنات حتى يحقق أكبر قدر من المعرفة التي تفيده في عمله كقاض، فسافر إلى مصر ليتلقى هناك العلوم.
وبمجرد وصوله إلى مصر بدأ في تلقي العلم علي يد العلماء والحكماء والكهان المصريين، ولم يكن يكتفي بمعلم واحد بل كان يأخذ العلم من أكثر من معلم، وكان كثير التفكر قليل الكلام، يبني معارفه بطريقة التجربة، وتعلم علوم الفلك والرياضيات والهندسة وغيرها
وخلص في مصر إلى عدة نظريات هامة، ووضع أسس للعديد من العلوم والمعارف، صحيح أنه استقاها من مصر ومن فلاسفة مصر إلا أنها نسبت إليه بشكل أو بآخر، ومن ضمن تلك النظريات أنه قال أن الماء أصل الأشياء ، وأن الأرض ما هي إلا ماء وجمد، والهواء هو ماء ثقيل الزنة، وسائر ما في الكون لا يخلو من الإحساس، وأنه مملوء بما لا يدركه الطرف من المخلوقات، وكلها متحركة ذات أرواح، وقال أيضا أن الأرض في وسط العالم تتحرك على مركزها الأصلي الذي هو عين مركز العالم، لأنها من حيث كونها موضوعة على مياه البحار ثبت لها هذا الاضطراب الذي كان سببا في تحركها، ومن نظرياته أيضا أن كل الأشياء لابد وأن تتجاذب مثل المغناطيس.
وهو أول من أخبر عن كسوف الشمس وتوقع به واجتهد في ذلك اجتهادا كبيرا، وكان يقول أن الشمس جسم مضئ بنفسه وأن جرمها قدر جرم القمر مائة وعشرين مرة، وقال أن القمر جسم غليظ معتم، يعكس نور الشمس من جهة واحدة فقط من سطحه.
وتعلم من المصرين كيفية قياس الطول عن طريق قياس ارتفاع الأهرامات من خلال ظلها حين تكون الشمس في الاعتدال، وهو الذي قال أن السنة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، ورتب قواعد الفصول وحدد لكل شهر ثلاثين يوما، وأضاف في آخر كل اثني عشر شهرا خمسة أيام لتمام السنة، كما تعلمها من المصريين.
برع طاليس في الفلك، والهندسة، والتنبوء بالأعاصير والزوابع وغيرها من التغيرات الجوية، وبينما هو يمشي في الطريق ناظرا إلى السماء وقع في حفرة عميقة إلى حد ما ولم يستطع الخروج منها، فمرت عليه خادمته صدفة فوجدته في الحفرة لا يستطيع الخروج فقالت له: تعرف كل ما يحدث في السماء ولا تعرف ما تحت قدميك!.
|