القاهرة 28 ابريل 2024 الساعة 05:41 م
بقلم: محمد خضير
الشباب هو صانع المستقبل ووقود المستقبل، ويعيش الشباب أدوارا متعددة فى الحياة ما بين مرحلة الطفولة والشباب والكبر، ومن أهم المراحل للشباب مرحلة تكوين الوعى وبناء العقل والوجدان والذى ينسج الآمال والقصص والحكايات في فصول حياة الشباب لمواجهة أى تحديات أو غزو فكرى أو ثقافى، ولذلك يجب تعظيم دور الشباب في صناعة الوعى الثقافي والفكري لبناء عقل الإنسان المصري.
ويعيش الإبداع داخل الشباب بداية من اكتشاف موهبته صغيرا، حيث يكمن داخل كل مبدع درجة من الشغف بانتظار شيء ما بداخله، أو تلقي أي محتوى إبداعي أو فني، ولهذا فالدراما الإنسانية كفيلة بأن تدفعنا للأمام في الحياة الإبداعية.
قرأت ذات مرة أن "سقراط" كان همّه اليومي هو التساؤل، فقد كان يلقي أسئلة لا تنتهي على كل من يقابلهم، فهو يسعى إلى أن يتعلم من الآخرين ما كان يزعم أنه تعلمه، حتى لا يكون رأيه من جانب واحد، ما جعل مفهومه للحياة مختلفا، وجعل داخله إنسانا مبدعا لا يهدأ، وهذا ما يجب أن نفعله نحن الشباب، أن نبحث ونسأل ونبدع ونغتنم فرصة اهتمام القيادة السياسية بالدولة المصرية بالشباب والإبداع.
ومن خلال هذا المقال نحاول أن نطرح جوانب مهمة ومضيئة عن أهمية الإبداع فى بناء الإنسان والوطن، ونقدم طرحاً عاماً عن آمال الشباب، ولأن عنوان المقال قد أتى حول "أهمية إبداع الشباب.. ودوره فى تطوير المحتوى الثقافى"، فنجد أننا أمام مسؤولية مشاركة كوننا بكل فخر من شباب مصر، وأتشرف أني من شباب الصحفيين وعضو لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، وأشارك شباب القراء الأعزاء حول جانب مهم فى حياة الإنسان.
ومن هنا نبدأ من تناول أهمية الدور الطبيعى لاكتشاف المواهب الإبداعية، بداية من رياض الأطفال، والمدرسة بمراحل التعليم الأساسي حيث اعتبارها نافذة لإخراج المواهب.
كما تدور أهمية إبداعات الشباب فى قدرته على النظر للأمور بطريقة مختلفة، ورؤية مغايرة، من أجل البحث عن حل للمشكلات بطريقة مبتكرة وجديدة، منطلقاً من مكونات الإبداع وهي العمل الإبداعي، والعملية الإبداعية، والموقف الإبداعي، بمعنى التعامل مع الأشياء المعتاد عليها بطريقة غير عادية، والمجتمع هو ما يعزز هذا الأبداع ويستفيد منه.
والشباب المبدع الرائد في أعماله وابتكاراته في مختلف المجالات الإبداعية، سواء أكانت علمية، ثقافية، اقتصادية، اجتماعية، رياضية، يحتاج إلى من يحتضن ويهتم بإبداعه أياً كان.
قرأت ذات مرة أن الفنان الإسباني "سلفادور دالي" كان يعمل لأيام دون نوم ، ثم ينام لأيام أو حتى أسابيع، كان أحياناً منتجاً وأحياناً أخرى كان يبيت بياتاً شتوياً فقط ولا يفعل شيئاً ، ولو أخضعنا “دالي” إلى المعايير الاجتماعية التي نحكم على الشباب من خلالها، وطلبنا الحكم عليه من خلال سلوكه سيقول البعض إن طريقته في التعامل مع نفسه فاشلة، وسيتساءل كيف يبدع وهو لا يستغل وقته جيداً، ولكن الحقيقة أن دالي كان متفهماً لنفسه جيداً، وعندما تدق لحظات الإبداع يبدأ بالعمل في الوقت الذي تشتهيه نفسه دون وضع أي اعتبارات، فهو يفهم نفسه ويفهم متى يحتاج أن يعمل ، ومتى يحتاج أن يرتاح، هنا يأتي فهم المبدع الشاب لذاته، وكيف يطرح نفسه في بورصة الإبداع.
ونلاحظ أن هناك خلطًا بين الإبداع الحقيقي والعبث، فالإبداع الحقيقي هو انعتاق من كل شيء إلا المعنى، والعبث يخلو من المعنى وإن كان محركه الرغبة الإبداعية، فهو ينطلق من طاقة بلا هدف، أو طاقة لا تجد أفقاً حقيقياً لتحقيق المعنى.
ولذلك نطرح رؤيه استراتيجية قادرة على المساهمة فى تنفيذ ما يحتاج الشباب المبدعون من رعاية لمواهبه وإبداعه، وتمكنهم من تنمية طاقاتهم، وهذا يتطلب وجود خدمات متكاملة تتجه إلى اكتشاف المبدع وتطويره.
ومن الخدمات العامة والمهمة والملحة والعملية التى يتطلب لوزارة الثقافة أن تعظم منها وتزيد من تقديمها ومتابعتها بشكل ثابت ودائم، هي إقامة مسابقات دورية، أو معارض علمية خاصة بالمبدعين، نستطيع من خلالها معرفة المبدعين وأعمالهم الإبداعية، بالإضافة إلى تشكيل لجنة من المختصين البارزين في النواحي العلمية، مهمتها تقويم العمل الإبداعي لدى المبدعين الشباب في مختلف المجالات، وافتتاح أكاديميات للمبدعين في جميع المجالات.
كما يجب تكثيف إعداد برامج هادفة لكي تشبع في الشباب المبدع رغبة حب الاستطلاع، وتنمية شخصية المبدع من خلال رعايته والعناية به، وتوفير الخدمات النفسية والتربوية والصحية والاجتماعية، ووجود صحافة خاصة بالشباب، تنقل كل المستجدات من كل مكان من أجل مساعدة المبدعين في مواكبة ما يجري حولهم، وكذلك وجود مجلات علمية يساهم المبدعون في الكتابة فيها، كما أن الشباب بحاجة أكبر إلى التعبير الابتكاري، والمنافسة، واستثمار إبداعاتهم وتوظيفه، والحياة لكي تستقيم لا بد أن تكون تبادلية، فلك حق وعليك حقوق.
وأخيرا وليس بآخر.. من حق المجتمع أن يستفيد من إبداعات الشباب ويجني من إبداعهم خبراتهم، كما أن من حق شباب الإبداع على وطنه أن تُهيأ له الأسباب والبيئة الصحية والاجتماعية ليبدع وينتج محتوى بنّاء مبنيًا على تقديم المحتوى الجيد والمفيد، ومن حقنا كمجتمع الاستمتاع بأي إبداع من شبابنا، فهذا يعزز الانتماء لدى الجميع، وهو بمثابة رابطة وعهد بين الشباب المبدع وبين مجتمعه، نتمنى أن نلتف حولهم ونشجعهم على الإبداع ونصفق لهم فى كل زمان ومكان.
|