القاهرة 16 ابريل 2024 الساعة 10:53 ص
بقلم : محمود يسري حلمي
إن أية حركة ثقافية أو أدبية أو فنية يلزم أن تواكبها حركة نقدية نشطة. وما يؤسف له أشد الأسف افتقاد حياتنا الثقافية إلى حركة نقدية مواكبة للمنتجات الثقافية للأطفال .
إن تنشئة الأطفال على التفكير النقدي يمثل أحد أهم الأسس التربوية لتكوينهم تكوينًا سليمًا.
ويلاحظ ما يلي :
* قلة ما يصدر من كتابات نقدية في مجال ثقافة الأطفال .
* ندرة شديدة فيما يمكن اعتباره صالحًا لأن يكون نقدًا حقيقيًّا في هذا المجال.
* معظم ما ينشر يفتقد إلى منهجية منضبطة ومناسبة لخصوصية مجال الأطفال .
* تركيز الاهتمام على الجانب التربوي والديني ؛ فيما يُدَّعى أنه نقد .
* عدم الاهتمام بالفنيات الخاصة بطبيعة النص و إبرازها ، وتعيين إن كان الكاتب أو الكاتبة تعامل كل منهما معها سلبًا أو إيجابًا .
* الافتقار إلى المعرفة بالمراحل العمرية المختلفة وخصوصية كل مرحلة في طبيعتها و احتياجاتها.
* عدم وجود الناقد المتخصص ؛ فمن ينبرون للكتابة في هذا المجال ؛ إما أن يكونوا غير متخصصين ، أو من الكتاب والكاتبات المتخصصين في الكتابة للأطفال ؛ وليس كل من يكتب للأطفال يكون مؤهلًا لممارسة النقد .
* شيوع المجاملات الفجة سواء في حفلات التوقيع أو المقالات المنشورة ؛ فالكاتب أو الكاتبة يمتدح الواحد منهما عمل كاتب أو كاتبة من الزملاء في المجال؛ لينال منه رد الجميل لاحقًا ، وهلمجرا .
وتلاحظ المجاملات التي يمارسها بعض رؤساء تحرير المجلات الذين لا يميزون مستوى جودة الأعمال ؛ وبالتالي نواجه بمقالات تتسم بالسطحية وافتقاد المنهجية .
إن نقد الأعمال المنتجة للأطفال من كتب وأشعار وأغان وأفلام ومسلسلات ومسرحيات وبرامج تلفزيونية ذو خصوصية مستمدة من خصوصية المتلقين المستهدفين .
ولهذا فله مستويان :
أولًا : النقد الاحترافي الموجه إلى منتجي أعمال الأطفال . و هذا هو المستوى الأهم . والمستهدف هو النقد الموجه من النقاد المحترفين للكتاب والفنانين والمخرجين والمنتجين . ولهذا يجب أن تخصص المجلات الثقافية أبوابًا ثابتة لنقد الأعمال الموجهة للأطفال .
ثانيًا : من الأطفال إلى الأطفال :
أن يعبر الأطفال عن آرائهم ومدى تأثرهم بالأعمال التي تقدم لهم لهو أمر شديد الأهمية ينشئ حوارًا وينشط التفاعل الإيجابي بينهم . ويمكن تدريب الأطفال على ممارسة النقد واكتساب مهاراته بالتالي :
* عمل استبيانات مسبقة للمنتج الفني مصوغة بحرفية للتعرف على آراء الأطفال .
إقامة ورش عمل للمناقشة و الحوار .*
عقد المسابقات للقراءة و المشاهدة و التعليق .*
* تخصيص أبواب في مجلات الأطفال لقراءات الأطفال النقدية .
قد يكون مهمًّا تصنيف النقاد الذين يتصدون لنقد الأعمال الموجهة للأطفال .
وسنجد أنهم يصنفون إلى فئات ؛ أولها : الناقد الشامل الجامع الذي يمكنه التصدي لأي جنس من أجناس المنتج الثقافي ، وهذا سيكون من الندرة بمكان ؛ إذ يجب أن تتوفر لديه المعرفة والخبرات الواسعة التي تتعلق بكل المجالات المستهدفة ؛ وهو أمر صعب تحققه وإن كان ممكنًا بدرجة ما
أما غير ذلك ؛ فسيكون الناقد المتخصص ؛ فالناقد الأدبي يتناول الشعر والقصة والرواية والنص المسرحي .
والناقد الموسيقي يتناول الأغاني والمسرحيات الاستعراضية و الأوبريتات .
والناقد المسرحي يتناول العروض المسرحية بأنواعها .
والناقد السينمائي يتناول الأفلام و المسلسلات .
أما البرامج التلفزيونية ؛ فيلزمها متخصص في مجال الإعلام المرئي للأطفال .
وفيما يتعلق بالقصص والروايات العلمية ؛ فيلزم أن يكون الناقد ملمًّا بالعلوم من بيولوجيا وفيزياء وكيمياء وفلك .
إذن ؛ فما الشروط التي يلزم توفرها في ناقد الأعمال الموجهة للأطفال :
* أن يكون متسلحًا بثقافة ومعارف عامة واسعة .
* أن يكون على دراية كافية بعلم نفس الأطفال وعلم نفس النمو .
* أن يعتمد منهجية محددة في تناوله للعمل موضوع النقد .
* أن يكون على درجة عالية من العلم بخصائص الموضوع مجال نقده ؛ إن كان نصًّا أدبيًّا قصة أو رواية ، أو كان نصًّا شعريًّا ؛ فيكون عارفًا بخصائص الشعر وأوزانه وملمًّا بأصول موسيقاه . وفي حال إذا ما كان النقد لفيلم أو مسلسل أو مسرحية من الأعمال الموجهة للأطفال ، فلابد من أن يكون على دراية كافية بخصائص وسمات المجال الذي يتصدى للنقد فيه . وقد يتخصص الناقد أو الناقدة في مجال بعينه ؛ وهذا هو الأفضل . أما إذا أراد أن يكتب أو تكتب في أكثر من مجال، فلا ضير شريطة الإلمام الكافي بهذه المجالات التي يتصدى لها .
* ولابد للناقد أو الناقدة ممن يمارسون النقد في مجال الأطفال من توافر خبرة بصرية تمكن من إبراز الجوانب الجمالية في العمل ؛ من الناحية التشكيلية متمثلة في الرسوم والإخراج الفني.
|