القاهرة 02 ابريل 2024 الساعة 08:29 م
كتب: صلاح صيام
ما زلنا مع حكاية عباس حلمى الثانى، تلقى شفيق باشا يوم 22 إبريل رسالة من الخديو موجهة إلى الصدر الأعظم، وفى اليوم التالى توجه بالرسالة إلى الصدر الأعظم وسلمها له، ويقول شفيق باشا: بينما كان الصدر الأعظم يقرأ الرسالة، دخل شخص لا أعرفه فبدا على الصدر الامتعاض لوجوده وثنى جانب التقرير حتى لا يرى ما فيه، ثم قال لى بالفرنسية: أخبر الجناب العالى أننا نجرى اللازم الآن لإنهاء مسألة طابا ويلزم أن يساعدنا، فقلت له إن بطرس باشا ينتظر المعونة فى مسألة الدير بالقدس، فأجابنى عليه مساعدتنا فى مسألتنا، وعلىّ أن أرضيه تمام الرضا.
وبعد قيامه بالتفاوض مع الباب العالى لترسيم حدود مصر الشرقية، تم توقيع الاتفاقية بعد الكثير من الخلافات، ومعها أيضا تم التفاوض مع الباب العالى مجددا حول عدد جنود الجيش المصرى ليصل العدد بعد التفاوض إلى 18 ألف جندى، على ألا يسمح للجيش المصرى بتجنيد أكثر من هذا العدد إلا بعد إذن من الباب العالي! ويلاحظ هنا كيف أن السلطان عبد الحميد وحتى نهاية عهده لم يكن يأمن كثيرا لمصر، وكان يعمل طوال الوقت على تحجيم دور جيشها خوفًا من استقلالها التام عن الخلافة العثمانية.
فى ذلك التوقيت كانت حركة وطنية جديدة تتشكل فى مصر تزعمها مصطفى كامل، وقد أدت إلى تطورات مهمة فى الحياة السياسية المصرية خلال عهد عباس.
وفى عام 1906 وقعت حادثة فى دنشواي، وعقدت محاكمة للأهالى وصدر ضدهم أحكام قاسية، وسافر مصطفى كامل لإنجلترا وشرح المأساة حتى نجح فى خلق رأى عام ضد سياسة لورد كرومر فى مصر، واستجابت الحكومة البريطانية ومجلس النواب، وهاجم الأديب الأيرلندى جورج برنارد شو الاحتلال، فأعفى لورد كرومر من منصبه فى 12 إبريل 1907.
فى حفل وداع لورد كرومر أثنى على الخديو توفيق وعلى نوبار باشا وتجاهل عباس حلمى، وأعلن أن الاحتلال البريطانى سيدوم وذلك فى تحدٍّ صارخ له وللمصريين وفى 7 يناير 1908 أعلن العفو عن 9 من المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة فى حادثة دنشواي.
وفى عام 1908 أرسل وفد يطلب من وزارة الخارجية البريطانية منح مصر الحق فى حكومة نيابية ذات سلطات معينة، وفى محاولة لإعادة سياسة الصدام وبإيعاز منه رفض البرلمان والحكومة مد امتياز قناة السويس، على أساس أن هناك «غبن» وقع على مصر مقداره 130 مليون جنيه، وفى 27 سبتمبر 1911 وصل المندوب السامى الجديد هربرت كتشنر وحاول إجراء إصلاح محدود، فضم مجلس الشورى مع الجمعية العمومية فى هيئة واحدة تسمى الجمعية التشريعية، وفى 22 يناير 1914 قام الخديو بإصدار قرار بإنشاء الجمعية الجديدة وتعيين سعد زغلول رئيسًا لها.
وصل إليه أن هناك رشوة للنظار وإفسادهم ضد ولى الأمر، فقال له «كتشنر» إن رغبت فى تغيير النظارة فلن نرضى إلا أن تكون تحت رئاسة مصطفى فهمى باشا، وتم ذلك وطلب من الخديو القضاء على الرشوة، وإمعانًا فى إذلاله طلب «كتشنر» تغيير مصطفى فهمى باشا فعين حسين رشدى باشا.
وفى 21 مايو 1914 استقل يخت المحروسة فى رحلة للخارج، وكان هذا آخر عهده فى مصر، وكان آخر ما فعله توقيع أمرين بتنقلات وترقيات لرجال القضاء الأهلى ووضع سلطاته لرئيس الوزراء.
وأقام بعد مغادرته مصر فى فرنسا متنكرًا، ثم غادرها لتركيا، وفى 25 يوليو 1914 بينما كان خارجا من الباب العالى قام شاب مصرى يدعى محمود مظهر بإطلاق الرصاص عليه، وتسبب هذا الحادث فى تأخير عودته لمصر فى الوقت الذى نشبت فيه الحرب العالمية الأولى ولم يعد السفر عبر البحار مأمونًا.
فما تفاصيل الحادثة، وماذا قال عنها عباس حلمى نفسه.. هذا ما سنعرفه فى الحلقة القادمة إن شاء الله.
|