القاهرة 26 مارس 2024 الساعة 03:49 م
بقلم: د. جافين فرانسيس
ترجمة: د. فايزة حلمي
-
نحن بحاجة إلى احترام عملية التعافي
مثلما يحتاج بعض الناس إلى فهم علم مرضهم من أجل تقدير كيفية التغلب عليه بشكل أفضل، يحتاج الآخرون إلى فهم المرض كقصة تميل نحو نهاية سعيدة، يسعدني اتباع أي نهج يفضله المريض: بيولوجية المرض، أو سيرته الذاتية؛ كلاهما طريقتان صحيحتان في التعامل مع اللقاءات الطبية بين الطبيب ومريضه، وبالمثل؛ من الأفضل كمُحترف، توسيع فكرة ما يمكن اعتباره علاجًا.
يمكن أن تكون الأدوية أقل شفاء، والفكرة القائلة بأن العلاجات يجب أن تكون أشياء تبتلعها أو تُحقَنْها؛ أي يجب أن تكون حبوبًا أو شرابًا أو حقنًا؛ غير صحيحة بشكل واضح، لقد رأيت الجوقات ومجموعات المشي ونوادي البستنة والعمل التطوعي؛ تُحدِث ثورة في صحة مَرضاي، وهناك العديد من الفرص، غير المستغلة في كثير من الأحيان، للمرضى ليصبحوا أفضل مايكونوا جسمانيا، غالبًا بمساعدة وكالات غير طبية.
وبالمثل ، يمكن أن تكون هناك حلول غير طبية تساعد بشكل كبير في حل المشكلات الطبية، بالنسبة لمدمن القمار الذي كنت أعرفه، كان العلاج الأكثر فعالية هو الإحالة إلى مستشار الديون، بالنسبة للمرأة التي تكافح ضد الإدمان على المخدرات، وتجويع نفسها لتغذية إدمانها، كان علاجها الإحالة إلى بنك الطعام، لمنحها ما يكفي من الطعام في الخزين فتشعر براحة بال لتتمكن من معالجة إدمانها، بالنسبة لرجل سليم؛ متقاعد حديثًا وأرمل حديثًا كنت أعرفه؛ كان التطوع في متجر خيري هو الذي ساعده كثيرًا، بالنسبة لسيدة تَهرَب من ضغوط الزواج المسيء مع أطفالها الثلاثة، كانت مكالمة هاتفية للفرع المحلي لمساعدة المرأة، بالنسبة لعائلة مهاجرة تعيش في حي فقير رطب ومكتظ أدى إلى تفاقم الربو لدى أحد الأطفال، كان العلاج رسالة إلى قسم الإسكان.
العياديون مثل الأطباء والممرضات وأخصائيي العلاج الطبيعي يدخلون ويخرجون من حياة المرضى بشكل عابر؛ لدرجة أنه بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يتعافون، فإن غالبية أعمال الرعاية تتم بواسطة العائلة والأصدقاء، وَجَد بعض مَرْضاي على مر السنين صعوبة في تذكّر احتياجات وإحباطات أحبائهم الذين يقومون بالجزء الأكبر من هذا العمل، لكن مساهمات من حولنا في التعافي لا يمكن الاستغناء عنها، ومرونتهم شيء يجب الاعتزاز به وحمايته، قد يحمل أيضًا مفتاح التعافي.
مِن المبالغة افتراض أن الإيجابية قادرة على تجاوز كل العقبات، يتكون الكثير مما يشكّل مَرَضا مِن أشياء لا يمكننا تغييرها، في كِتابِه "بين المرض والصحة": مَشهد المرض والعافية ، كتب اختصاصي إعادة التأهيل (Christopher Ward) "كريستوفر وارد" كيف أن خطوته الأولى مع مريض جديد هي دائمًا الاعتراف بمعاناته، ثم إعادة تعريف أهداف العلاج؛ ليس بالضرورة على أنها "إعادة التأهيل"، ولكن كـ"إمكانية": فرصة لكل شخص للعمل من أجل أفضل نسخة ممكنة من حياته.
حتى مع تقدم التكنولوجيا الطبية والجراحة وتوصيف الحمض النووي والعلاج الجيني في القرن الحادي والعشرين؛ فإن قائمة الأمراض التي يمكن علاجها نهائيًا هي قائمة قصيرة بشكل مدهش، فيما يتعلق بالعقاقير أو الحلول السريعة، فإن الدواء ليس لديه الكثير ليُقدّم للأشخاص الذين يعانون من أعراض Covid الطويلة، ولكن على الرغم من كل ما يخيب الآمال بالموقف الطبي الغربي تجاه الجسد والمرض في كثير من الأحيان؛ إلا أنه يظل نهجًا قويًا، ولهذا السبب تم اعتماده بشكل أو بآخر في معظم أنحاء العالم.
حتى القدرة على تعريف أمراضنا وتسميتها يمكن أن تقدم العزاء، لقد رأيت الكثير من الطمأنينة من خلال فِعل التسمية هذا، والراحة بمعرفة أن ما يصيبهم له وجود منفصل عن نفسه، تُتيح تسمية المرض؛ الوصول إلى مجتمع من الآخرين وجدوا طرقًا للعيش مع نفس الصعوبات، ويمكن أن يكون ذلك بحد ذاته مصدرًا للأمل، ولكن هناك مفارقة في العمل: يمكن أن يقدم تصنيف مرض إحساسًا زائفًا بالتعريف، مما يحبسنا في توقع يصبح تحقيق ذات، لقد عَرِفت المَرضى الذين يقبلون تسمية المرض بارتياح ، وغيرهم ممن يكرهون جميع التصنيفات على أنها وصمة عار، حيثما أمكن، أحاول أخذ هذه التفضيلات في الاعتبار.
حقيقة العقل والجسد هي حقيقة ديناميكية وتغيير، أي رؤية لحياة الإنسان ثابتة في القلب هي وَهْم، في بعض الأحيان؛ يكون الموقف الأكثر فائدة الذي يجب تبنّيه؛ هو عدم التفكير في فئات المرض على أنها مصائر ثابتة وأقدارغير قابلة للتغيير، ولكن كقصص للعقل والجسد، وضمن حدود معينة غير سالكة، يمكن إعادة كتابة القصص.
لا أحد يصغر سنًا، وكلّنا نُحسِن صنعًا لنتذكر أن الصحة لا يمكن أن تكون وجهة نهائية أبدًا، لكن توازن بين نقيضين، يختلف للجميع، وتحقيق ذلك أم لا؛ يعتمد على أهدافنا وأولوياتنا بالقدر الذي يعتمد به على علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء.
كل مرض فريد من نوعه، مما يعني أن جميع حالات التعافي يجب أن تكون فريدة إلى حد ما، لا يوجد مقياس واحد يناسب الجميع للتحسّن، وعلى الرغم من أنني حاولت وضع بعض المبادئ التي أثبتت فائدتها على مَر السنين في إرشادي ومرضاي، من خلال العديد من أساسيّات المَرض، أدرك أنه من الممكن التطرّق إلى بضع نقاط طريق، نادرًا ما يكون ذلك ممكنًا للإشارة إلى طريقة سهلة للخروج، إنه طريق طبيعي يتعين علينا جميعًا زيارته عاجلاً أم آجلاً، من وقت لآخر نحتاج جميعًا إلى تَعلّم فن التّعافي.
|