القاهرة 27 فبراير 2024 الساعة 12:44 م
كتبت: شيماء عبد الناصر
في الكتابة لا نحتاج إلى ورقة وقلم فقط، نحتاج إلى صديق، قلب، عقل يساعدنا في الكتابة على إنجاز المهمة ويجلس بجوارنا يملي علينا أو يؤنس وحدتنا، قد تكون ذكرى، أو حدث عابر في الحياة، لكن وجوده مهم، ذلك الحزن الدفين داخلنا حينما نجلس في غرفة مغلقة مع ورقة وقلم، لا يمكن أن يحرك داخلنا نصوصًا مهما كانت، شعر أو كتابة أو حتى خواطر ذاتية بدون ذلك الحدث العابر أو الذكرى أو الونس، أتذكر مرة قررت أن أكتب عن صديقة، كانت بالفعل موجودة معي في الغرفة بروحها، بصوتها، بملامح وجهها الضخمة وعينيها الضيقتين وأنفاسها، حينما تذكرت حدثًا في يوم بيننا حينما أغضبتني وقتها اختفت الصديقة واختفى الكلام الذي كان يخرج من داخلي بطلاقة، حل الغضب محل الكتابة وانساب الألم مكان الكلمات، فتوقفت عن الكتابة ببساطة ولم أكمل القصة، حتى الآن، لم أعد استطيع استرجاع صديقتي مرة أخرى معي في الغرفة، ربما أستطيع ذلك في يوم من الأيام، لكن حتى الآن، فشلت.
قد يكون الصوت أغنية تحاورنا كلماتها حتى نخرج ما بداخلنا وحتى قد يكون شجارا بين قطة وكلبة في الغرفة معنا، لكن، هل الكتابة تخرجنا من الوحدة أم تدخلنا فيها؟ أم الكتابة هي الوحدة، أم هي الونس؟ وماذا يفعل الإنسان حينما لا يكتب، هل يظل واقفًا أمام مرآة غرفة نومه ويحادثها كأنه يخاطب نفسه كي يفهمها، يقف المتدربون هذه الوقفة للتدريب على إلقاء كلمة أو عرض مشروع، يقفون أمام المرآة ويتدربون عليها، ينظرون إلى حركات وجوههم في أثناء نطق الكلام وحركات الأيدي والجسد عموما، لماذا لا نعتاد المشهد الخاص بشخص سيسير في الشارع ويكلم نفسه، مثلما نعتاد مشهد شخص يكتب على ورقة، فالأول أشبه بمجنون، والثاني ينال الاحترام على الرغم من أن النتيجة واحدة، كلاهما يخرج ما بداخله ويجادل نفسه.
هل الذي يكتب في ورقة بالفعل يفهم نفسه وهل الذي يكلم نفسه أمام المرآة بالفعل يفهم نفسه، لماذا يكذب الذي يكتب في ورقة ويدعي ويخدع أم أن المقصود هو نوع آخر من الكتابة، ليس الكتابة الأكاديمية التي يسرق فيها الباحثون أفكار غيرهم أو حتى يستعيروها، لكن المقصود هو هذا النوع من الكتابة الذي به تطهر، قول، صراخ، حكي، وعلى سيرة الحكي، هل يفهم الحكاؤون أنفسهم؟ والستاند اب كوميديون الذين يروون مشاهد من حيواتهم على خشبة المسرح بطريقة كوميدية، لكن هذا النوع من الكتابة المطلوب بالفعل صعب، المواجهة صعبة ويميل أغلب البشر إلى الهروب، والغالبية يريدون الانخراط في الحياة والعيش والبحث عن الرزق، الكتابة ألم، نغم، حزن وفرح، تجربة لا يستطيع كل البشر خوضها، وأيضًا فهم النفس ألم، نغم، حزن وفرح، تجربة لا يستطيع كل البشر خوضها، فلا عجب حينما يرتبط فهم النفس بالكتابة.
|