القاهرة 25 فبراير 2024 الساعة 06:23 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مر أسبوع آخر من عمر رسائلنا التي لن تصل أبدا..
احترت كثيرًا عما أكتب، هل أكتب عن معاناة المواطن مع اقتراب شهر رمضان المعظم؟ أم عن معاناتي الشخصية بعد أن مررت بتجربة مريرة مست أقرب الأشخاص إليّ؟ أم أحدثك عن الحرب التي ما زالت تدور رحاها وتنغص علينا جميعًا حياتنا؟.. لم يعد أي شيء كالسابق جميعنا يشعر بالخذلان والتقصير واليأس..
رغم كل هذا جئت لأحدثك عن الحياة وما بها من جمال يتحدى الظروف والكون.. بدأت الشوارع في التزين استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المعظم، أعاده الله علينا جميعًا باليمن والخير والبركات.. لعل وجود الزينات والفوانيس بالشوارع والمحال هو الطقس الأصيل الذي يحافظ على ما تبقى منا من حب وخير ونور يكافح المنغصات الحياتية كافة، لأنه وحده القادر على إعادتنا بسهولة للماضي حيث الرقي والهدوء والرومانسية والفرحة التي باتت منقوصة مهما حاولنا التظاهر بالعكس!
عزيزي عمر خورشيد،،
تعرفت عن طريق الصدفة على سيدة جميلة قلبًا وقالبًا في إحدى الدورات التعليمية التي التحقت بها، استطاعت ببساطة أن تلفت انتباهي برقيها وحبها وعطائها، أخبرتني يوما أنها تود أن نقوم معًا بزيارة سيدة مسنة.
تحب ما أكتب.. طلبت محادثتها فورًا حتى يحين اللقاء، بمرور الوقت اكتشفت أنها أيقونة سعادة ونشاط وإبداع.. عملت في الإخراج السينمائي لفترة طويلة ثم استقالت وبدأت العمل بالتدريس، تقوم بتدريس الإعلام والفن والنحت والرسم والكتابة.. عندما تسمع أغنية مرحة أو لحنا رقيقا يستفز مخيلتها، فتنهض لريشتها وترسم أجمل اللوحات..
نموذج جديد أراه للمرة الأولى.. تتقن الفنون كافة! أيقونة نشاط وعطاء.. أول من مد يده لمساعدتي ومساندتي في مشكلتي الخاصة، لم تتردد لحظة، لم تفكر ولو لثوان، نفذت بالفعل، أوجدت حلول لكل شيء، وسعت لتعويض الخسارة قدر الإمكان..
أتأملها وأقول هل هي بشر مثلنا؟ لماذا تفعل كل ذلك؟! ألا تفكر مثلنا بتكاسل ولا مبالاة ولو لحظة؟!
لم تطلب مني ما يثبت صحة ما رويت، وإنما تفاعلت، وانفعلت، وحزنت، وتألمت، ثم قررت نفض الهموم، ونشر النور والسعادة، رغم أن معرفتنا حديثة جدًا وقد تكون سطحية.
عزيزي عمر خورشيد،،
هناك أشخاص نتمنى أن يوجد منهم نسخا كثيرة، نتمنى أن يمتلئ الكون بهم، فهم يعطون دون انتظار مقابل، ويقدمون الحب الدائم والخير غير المشروط.. إنهم ملائكة بيننا لا يتصنعون ما يفعلون، ولا يتباهون بنا يقدمون.
عندما أشكرها على فعل قدمته، تتجاهل ما أقول، وتأخذ دفة الحديث لمنطقة أخرى، وكأنها لم تفعل شيء! أرى أن تصرفها هذا ليس خجلا بقدر ما اعتقد أنها تراه طبيعي ومنطقي! هي لا تدري أن ما تفعله استثنائي، وخارق للعادة.
هي حلم تجسد في صورة إنسان.. تقدم يد العون للجميع بلا استثناء..
عزيزتي "مارجو ضيف" كوني بخير أينما كنتِ..
عزيزي عمر خورشيد،،
قررت أنا وهي المشاركة في مشروع حلم طالما تمنيت وجوده، كنت أرجىء تنفيذه لحين الوصول لمنصب ما يؤهلني لتنفيذه بحرفية وإتقان.. التوعية هدفه الوحيد، قررنا إنشاء مكتبة لخدمة العامة، تتيح القراءة للجميع في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار الكتب.. قررنا إتاحة الفرصة للجميع للحصول على الكتاب الورقي.. نحارب التكنولوجيا بالبساطة، ونعيد للكتاب الورقي دوره وقيمته في حياتنا..
تخبرني أن أجمل ما في القراءة ملمس الكتاب، وتظليل الجمل التي تلفت انتباهنا وتنال إعجابنا، وأن هذا مالا يدركه أبناء الحداثة!
تشاركني الحلم والفكرة، وها نحن نقدم على تحقيق الحلم الذي ظل حبيس ذهني لفترة طويلة، والذي صادف أنها تفكر به أيضًا، أخبرتني أن المحاضر -الصديق الثالث لنا وسبب التعارف- يجذب من يشبهه، وأن من يستمر معه يكون مثله.. أتذكر كلماتها كلما التقينا.
حقا نحن انجذبنا إلى بعضنا البعض لأننا نتشابه لحد كبير في كل شيء!!
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير لأكتب لك عن مراحل تحقيق الحلم.. وإلى اللقاء.
|