القاهرة 07 يناير 2024 الساعة 04:41 م
![No description available.](https://scontent.fcai22-2.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/414478901_272283018896492_5637624676523672967_n.jpg?_nc_cat=101&ccb=1-7&_nc_sid=8cd0a2&_nc_ohc=vDkSGWEHlhkAX8kf4mR&_nc_ht=scontent.fcai22-2.fna&oh=03_AdSwljSMoteVG2-T0TrW23osmNYRY6zu1LztHxz7WqReIQ&oe=65C26653)
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مر أول أسبوع من رصيدنا على قيد الحياة لهذا العام.. أتعجب حقًا من اعتدال الأجواء ودفئها، يبدو أن ما درسناه في الطفولة أصبح حقيقة؛ شتاؤنا دفيء بالفعل!
لفت نظري أنه رغم اعتدال الأجواء هناك شيء غريب به أو بنا بشكل عام!
لم نعد كما كنا، بفعل ما تركه بنا العام الماضي، رغم ذلك وكل ما نرى من أهوال ومخاطر تحيط بنا، إلا أنني ما زلت احمل قدرًا من التفاؤل، يكفي لطمأنة كل الكائنات على سطح هذا الكوكب المجنون، بأن القادم أفضل رغم سوداودية تكهنات أهل العلم والمنطق.
عزيزي عمر خورشيد،،
تتشبع الأجواء الباردة بالكثير من الذكريات والحنين، اعتقد أن الشتاء هو البوابة الوحيدة للحنين، الشتاء هو المحفز الحقيقي والوحيد للبحث عن الحب، عن تأجج المشاعر واشتعال العواطف، ليس لأنه يتحتم علينا الاستكان لبيوتنا بشكل أطول فقط، وإنما لأنه يرتبط في مخيلتنا بالذكرى، بالحب والاطمئنان حتى ولو كانت ذكرياتنا مجرد صور أو أقاصيص من ورق!
حتى رائحة هوائه تختلف، أراها قادرة على إنعاش عشرات القلوب المكلومة، عشرات الأرواح الصاخبة الهائمة التي تتخبط هنا وهناك بحثًا عن الذات، عن الراحة عن الاطمئنان، عن الحب.
قد يراني البعض أفرطت في الحديث عن فصل الشتاء بحماس، ربما لأن الشتاء يُعد أفضل فصول العام، بالنسبة إلي! لهذا يكون شعوري المتجدد هكذا كلما كتب الله لي أن اشهد بدايته مع كل عام.
عزيزي عمر خورشيد،،
نبدأ رسائلنا الجديدة هذا العام، بمناسبة تلقي بضيائها على سماء مصرنا العزيزة الغالية، نشارك رفاق الدرب أعيادهم المجيدة، لذا أتوجه لهم بالتهنئة عبر رسائلنا.
ما زال يرى البعض أن التهنئة أو المباركة أو مشاركة صورهم إثم وخطأ كبير، وما زلت أرى أن ما نفعله بدافع الحب أولا هو الأبقى والأنقى..
لأن الدين لله والوطن للجميع.
عزيزي عمر خورشيد،،
بدأت الاستعدادات لاستقبال أكبر وأهم حدث ثقافي ننتظره من العام للعام، أسابيع قليلة تفصلنا عنه، لنكون على الموعد السنوي مع الورق برائحته المتميزة!
أيام قليلة ونكون على لقاء مع مهرجان الكتاب الورقي، الذي تهدده التكنولوجيا بالاندثار، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية والتكلفة العالية، كل هذه الأشياء جعلت الكتاب سلعة ترفيهية يصعب صمودها أمام الارتفاع الجنوني في الخامات والورق! لهذا ما زال الكتاب الورقي يحارب بصمود.
لا أخفي عليك أني ممن يعشقون الكتاب الورقي، أحب فكرة مرافقته لي لأي مكان، أحب مشاركته ذكرياتي، كما يحب هو مشاركة ذكريات أحداثه معي.. علاقتي بالكتاب الورقي علاقة فريدة، أشعر بانجذاب تلقائي تجاه لونه، رائحته، ملمسه.
عزيزي عمر خورشيد،،
أيام قليلة ويبدأ معرض القاهرة الدولي للكتاب، هذا الحدث الثقافي المبهر السعيد الذي بدأت علاقتنا به تتطور منذ ما يزيد عن العشر سنوات، خصوصًا بعد أن انتقلنا من فئة القراء لفئة الكتاب، ندخله لنلازم كتبنا بحب، نقف بجوارهم، نأنس لوجودنا في محيطهم..
لكل كتاب رحلة طويلة لم تنته بكونه أصبح كتابًا بين أيدينا، رحلة صناعة المحتوى من أدق رحلات صناعة الكتاب، لم تكن فقط رحلة كتابة، وإنما يواجهه تحديات عديدة قد لا تروق للبعض وقد تروق للبعض الأخر.
"لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع"، أتفق تمامًا مع هذه المقولة، هناك من يهتم بالفكرة، وهناك من يهتم بالحوار، وهناك من تستهوية التفاصيل والسرد.. ما بين هذا وذاك يقف الكتاب باستكانة، ليقينه أنه سيرضي جميع الأذواق في كل مكان وكل زمان!
عزيزي عمر خورشيد،،
لا يمكن أن أختم رسالتي إلا وأنا أتذكر معك ومع كل من يتابعنا، أننا ما نزال نغرق في بحار من نعم الله العينية والمادية.
تواصلت مع صديقتي التي تم تهجريها عنوة وقسرا تحت القصف من منزلها لجنوب قطاع غزة، أخبرتني بقلب مفطور أنها رأت بيتها للمرة الأولى منذ بدأت الحرب!
تم حرقه تمامًا، لم يقصف، وإنما قصفت المباني المجاورة، يبدو أن إحدى الشظايا أصابته، فأشعلت به النيران التي أتت على كل تفاصيله!
أخبرتني بقلب موجوع أن ذكرياتها حرقت، وأحلامها أصبحت رمادًا!
فقدت بيتها وأمانها بين ليلة وضحاها!
اللهم أدم علينا نعمك التي لا تعد ولا تحصى، اللهم أدم علينا نعمة الوطن.
وأحفظ مصرنا من شرور كل من يكيد لها كيدا.
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، لأكتب لك مجددًا.
|