القاهرة 26 نوفمبر 2023 الساعة 06:05 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
رسائل لن تصل أبدًا
ها قد التقينا من جديد.. أخيرا توقفت طبول الحرب ولو بشكل مؤقت ومشروط.. نعاني مع الآخرين الأمرين جراء الاعتداء الغاشم على الأبرياء من المدنيين العزل والأطفال في قطاع غزة.. أبكتنا الصور والحكايا، عشنا المأساة منذ أول لحظة.
لم تكن مجرد مشاهد عابرة وإنما حياة لم ولن تكتمل، ربما كانت مزيجًا من الأحداث و القصص والأمنيات والأحلام، حياة كاملة بما بها من أفراح وأحزان لم ولن تعاش، لأنها ببساطة حياة لم تكتمل.. كتب القدر نهايتها قبل أن تبدأ!
ما أقساه شعور أن تكون أقصى أمنياتك أن تموت وأنت مكتمل الجسد ولست أشلاء!
من المحزن أن تتمنى الأم أن يموت ولدها غير مشوه ومتعارف عليه وليس مجهول أو أشلاء!
من المنطقي أن نأمل أن يكون أبناءنا أطباء أو مهندسين، اعتدنا أن تكون تلك أمانينا، ولكن هناك على الجانب الآخر أمنياتهم مختلفة، أحلامهم مختلفة، حتى ابتسامتهم مختلفة!
ابتسامات صافية، خليط من الحزن والألم والرضا والصبر.
نتألم جميعا شأننا شأن الآخرين حتى بتنا نتمنى أن يتوقف الزمن لكي يتوقف نزيف الدماء بالتبعية.
عزيزي عمر خورشيد،،
عندما يكون الحديث عن الألم أتذكر محنة فقد أمي وما عشته بعدها، وجدت وقتًا لأعبر عن حزني، وجدت وقتاً للتماسك، بكيت، ابتعدت عن الآخرين.. أما هم فحتى رفاهية الحزن والوجع والتعبير عن الفقد مسلوبة منهم.. كلما حاولت تخطي هذه الفترة أتذكر ما حدث بعد سبعة أكتوبر أشعر بالراحة، أنها لم ترى تلك الصور والأحداث التي تؤلم وتضعف القلب.. أشفق عليها من معايشة تلك الأحداث بما بها من أحداث ثقيلة على القلب والروح.
عزيزي عمر خورشيد،،
عندما يشتد الكرب وتزداد الآلام أفر للموسيقي، أتساءل لماذا لا يخترع العلماء آلة سحرية نهرب إليها عندما تزداد وتيرة الحرب وضغوط الحياة لنغرق في بحور الموسيقى والعزف فقط؟!
فهناك عازفين مثلك معجزات موسيقية، هم بحد ذاتهم معزوفات أبدية، خليط بين النغمات الموسيقية والروح بما تحب وتهوى.. كونك عاشق للجيتار قدمت لنا أرق وأعذب الألحان، التي بمجرد الإنصات إليها تختلف الحياة، ويسودها الهدوء، ويختفي الضجيج.
عزيزي عمر خورشيد،،
لا أخفي عليك أني اشتقت لحياتنا العادية بما فيها من صراعات تافهة وأمنيات أكثر تفاهة، تعلمنا على مدار الأيام الماضية أن ما كنا نعتقده تافها كان من أكبر نعم الحياة بالنسبة لنا، أدركنا أن اللا شيء أصبح له قيمة مع تصاعد وتيرة الحرب، بالرغم من الخسارات العديدة التي طالتنا جميعًا على كافة الأصعدة، إلا أن تجربة معايشة الحرب بكل تفاصيلها عن قرب غيرتنا، يكفي أنها جعلتنا نلتفت لأمور قد يراها البعض ضعف، إلا أنها قد تؤثر.. اقصد المقاطعة، إن ضعفي، وضعفك، وضعف الآخرين قد ينقذ البعض.. فقط إذا ثبتنا على موقفنا بجدية من التوقف عن تمويل والمساهمة غير المباشرة في دعم من يبيدون أهلنا هناك في فلسطين.
داخل كل محنة نور.. لعل بارقة الأمل الوحيدة من هذه الحرب والتي تمسنا بشكل مباشر هي إدراكنا لكنز يسمى الصناعات الوطنية..
اكتشفنا أن لدينا منتجات مصرية أصيلة، توارات أمام الحملات الممنهجه للترويج والدعاية للمنتجات المستوردة، أتمنى أن تدعم الدولة تلك المنتجات لأنها تستحق التشجيع، لابد أن نسخر كل المنصات الإعلامية للتوعية بأهمية دعم وتشجيع المنتج المصري، رغم جودته التي قد لا ترضي الجميع.. مع استمرار الدعم سيتحسن الأداء والجودة، بوجود الكوادر المصرية العديدة التي تعمل بنشاط وهمة، وتكافح في الظل.
عزيزي عمر خورشيد،،
هناك مطربين أصفهم بمطربي الظل، ليسوا نجوم صف أول، إلا أن أعمالهم مؤثرة لحد كبير، يختارون كلمات الأغاني بدقة وكذلك الألحان.. استمعت مؤخرا وبالصدفة لأغنية كلها عتاب ولوم.. راقت لي، استوقفني جملة "أنا علمتك تعرف تعشق بس الظاهر قلبك صدق، مين يستحمل يفضل جنبك، أنت ضعيف وأنا نقطة ضعفك"!
هالني ما سمعت.. انه يعبر عنا بدقة، عندما نجزل العطاء لمن لا يستحق، حتى بات يصدق أنه بتلك الأهمية لدى الجميع، بل أنه نسى أنه من الضعف أن يبدأ مجددًا مع احدهم! لأنه ببساطة شخص لا يطاق!
يالها من أغنية قاسية العبارات والأحكام، ورغم ذلك منصفة لحد كبير! أثبتت الحياة أن بيننا الكثير والكثير ممن تحدثت عنهم تلك التحفة الغنائية!!
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير، لأكتب لك دائما.
|