القاهرة 23 نوفمبر 2023 الساعة 05:19 م
كتبت: نضال ممدوح
صدر حديثا عن دار الرافدين للنشر، النسخة العربية للجزء الأول من كتاب" إما- أو" للفيلسوف الدنماركي سورن كيركگورد ، وترجمة المترجم العراقي قحطان جاسم.
وكشف “قحطان” لـ “مصر المحروسة” عن تفاصيل ترجمته الجديدة مشيرا إلي: أستغرق عملي عليه حوالي ثلاث سنوات، وهو جزء من مشروعي لترجمة أعمال سورن كيركگورد عن لغته الأم الدانماركية، وقد سبق لي أن باشرت بترجمة العديد من أعماله مثل: “اللحظة، مرض حتي الموت” - عرض مسيحي سيكولوجي للتهذيب والإحياء. “التكرار” .. محاولة معامرة في علم النفس التجريبي. “الخوف والرعشة” .. أنشودة ديالكتيكية. “شذرات فلسفية” وغير ذلك.
• فهم عالم وحياة سورن كيركگورد:
في مقدمته لكتاب "إما- أو" للفيلسوف الدنماركي، سورن كيركگورد، يذهب المترجم قحطان جاسم إلى أن: "لا يمكن فهم عالم وحياة سورن كيركگورد (1813-1855) دون أن فهم علاقته العاطفية بريجينا أولسن (1822-1904) أولا، وما تركته هذه العلاقة من تأثير كبير فيه، ثم تحول هذه العلاقة، ثانيا، إلى واحدة من قصص الحب العالمية الشهيرة الخالدة، إذ سيكون من الصعب الإلمام بشكل تفصيلي بعالمه الفكري دون الخوض في هذه القصة، رغم أن ذلك لا يعني انعكاسها انعكاسا فوتوغرافيا مباشرا، بحيث يتم ايجاز محتويات النص وتفاصيله الفكرية والأدبية بهذه القصة.
"بقي كيركگورد منذ ذلك الحين وحتى مماته عاشقا لريجينا، وقد أوصى في رسالة لأخيه بيتر، طلب منه عدم فتحها إلا بعد وفاته: "أخي العزيز، هذه بالطبع إرادتي وهي أن ترث خطيبتي السابقة السيدة ريجينا شليجل أي شيء أتركه على قِلّته. وإذا كانت هي نفسها لا تريد قبوله، فينبغي سؤالها عما إذا كانت راغبة في إدارته لتوزيعه على الفقراء. ما أود أن أعبر عنه هو أن الخطوبة كانت بالنسبة إليّ ولا تزال ملزِمة تماما مثل الزواج، وبالتالي فإن تَرِكتي هي من استحقاقها، كما لو كنتُ متزوجا منها"
ويضيف “قحطان”: بقي صدى هذه العلاقة بينه وبين ريجينا وما نتج عنها من معاناة يتردد في معظم كتبه وحياته، وقد بدأ في تسجيل ذلك في كتابه الأهم "إما - أو"، حيث تتغلغل فيه تفاصيل خبرات كيركگورد الشخصية المؤلمة في علاقته بريجينا وما تلاها من شغف وعاطفة وتوق معذب، فالعشق، والشوق، والغيرة، والحب والكراهية، والحب الزيجي، والغواية في حياة الجمالي، ثم كاريكاتير الحب في حياة البرجوازي الصغير، وفي سلوك ما يسميه ضيِّق الأفق، تمثل جميعها بعض تفاصيل ذلك العمل.
• "إما- أو" يمثل الأساس لفهم كل فلسفة كيركگورد:
يشتمل كتاب "إما - أو"، الذي يتكون من جزأين، بالإضافة إلى اسم ناشر الكتاب ومحرره، فيكتور أرميتا، والذي يعثر على حزمة أوراق في أحد جوارير طاولة كتابة قديمة اشتراها من محل للأدوات المستعملة، على أسماء أربعة كتّاب مستعارين. وأطلق عليه أسم "أ"، الذي يمثل الجمالي؛ وهو شخصية كئيبة شاعرية شابة، يعيش يومه بشكل سطحي، ويكن احتراما كبيرا لموزارت، يكتب شعرا ويلقي أطاريح "لزميل الموتى"، و يترك انطباعا بأنه إنسان تعيس مسكين، الذي رغم شبابه الغض يصيبه اليأس أحيانا، ويشعر في الأساس إنه قد انتهى من الحياة.
وإلى جانب "أ" يوجد الكاتب السري ليوميات الغاوي، التي يُختتم بها الجزء الأول من الكتاب، ومما يلاحظ وجود "تشابه كبير بين محتوى الرسائل وتواريخها التي كان دبجها كيركگورد إلى ريجينا والتي تضمنتها أوراقه الخاصة، والرسائل التي كان يكتبها يوهانس إلى كورديليا في يوميات الغاوي".
واختتم “قحطان” مشددا على أن الكتاب هو واحد من روائع الأدب العالمي الفلسفي، ويمثل الأساس لفهم كل فلسفة كيركگورد وتصوراته الفكرية والجمالية والدينية والنقدية في كتبه اللاحقة.