القاهرة 21 نوفمبر 2023 الساعة 01:40 م
كتبت: نضال ممدوح
في روايته الأولى "الريح قبل هبوبها"، والصادرة مؤخرا عن الآن ناشرون وموزعون، يرصد الكاتب تاج الدين عبد الحق بناء وتشكّل شخصية بطله المنخرط منذ شبابه في مهنة المتاعب، ويعاين أبرز المحطات في تجربته الإعلامية التي تطورت خلال مرحلة زمنية معينة وفي بيئة غير مواتية كان التطور المادي أبرز مقومات التغيير فيها.
تتناول رواية “الريح قبل هبوبها” حكاية كاتب صحفي عربي شاب غادر بلاده إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في بدايات تشكل الدولة وفي بدايات العمل الصحفي، لتجمعه عدة مصادفات هناك، تتطور وتتشابك وتتصاعد وتدفع به إلى أن يتبوأ مكانه النفيس في الدوائر الضيقة للقرار حتى إنه صار يتنبأ بريح القرارات الحاسمة وأصبح يحس بـ "الريح قبل هبوبها".
لازمت بطل الرواية “إبراهيم” في أغلب فصول الرواية ميزتا أو صفتا الذكاء وهبة الحظ، وهما الصفتان/ الميزتان اللتان أبقتا على توهج حضوره فاعلاً ومؤثراً، حتى إن الأفكار بترك الغربة والاستسلام الذي راود البطل تراجعَ بعد الصفحات الأولى بمحض صُدَف وهبها له الحظ، وما كانت تعني شيئاً لولا ذكاء إبراهيم الذي كان يسير مع النسمة وينحني للريح العاصفة كي لا تكسر قاربه الوحيد، وكان القارب في تلك الرحلة هو الوظيفة، أي حبة القمح في بلاد الآخرين.
اعتمد الكاتب تاج عبد الحق، في بناءَ روايته “الريح قبل هبوبها”، علي البناء الهرمي التقليدي/ الكلاسيكي من حيث انطلاق الرواية من الأحداث الأقدم إلى الأحدث وصولاً إلى النهاية، وأن النهاية جاءت مغلقة لا مفتوحة على التأويل والتأمل، كما استخدم الراوي تقنية الراوي العليم المحيط بجميع مقتضيات السرد الروائي لأحداث تمتد لقرابة خمسين عاماً بسَطها على ما يقارب مئتين وأربعين صفحة تضمنت الأحوال النفسية والسياسية والاجتماعية، وواقع عالم الصحافة تحديداَ.
وخلق الكاتب مساحات جديدة وعوالم موازية مختلفة عن الواقع الجامد، وإن كانت تتقاطع مع وقائع وأحداث حقيقية جرت في مكان الرواية وفي الزمن العام لها"، كما زاوج الراوي بين تقنية السيرة الذاتية مع تقنية السارد العليم، مما سهّل عمله الروائي، إذ استفاد من تجربته الذاتية وسيرة حياته، فنجح في كتابة مئات الحيوات بكل ما فيها من صراع على القيم الكبرى المتمثلة بالحق والخير والجمال وأسئلة الوجود.
كما تطرقت الرواية إلي عرض لنماذج من الصحفيين العرب وخلفياتهم الفكرية والسياسية، تعرّف القارئ بصراعاتهم الفكرية والسياسية مع محيطهم، وتقدم لمحات من الحياة في أبوظبي، إذ قضى المؤلف نصف قرن فيها وتابع من خلال معايشته لتطوّرها كيف قرّرت النهوض والانطلاق إلى مستقبلها الذي نعرفه ونراه اليوم مجسّداً وملموساً في أكثر من مظهر من مظاهر التطوّر في الجانبين المادي والمعنوي.
يذكر أن تاج الدّين عبد الحق حصل على عدّة جوائز، منها: جائزة تقدير من جمعيّة الصّحفيين بدولة الإمارات للخدمة الطّويلة، وجائزة الفيلم الوثائقيّ لـ"إرم نيوز" في مهرجان الأردن للإعلام العربي.
|