القاهرة 21 نوفمبر 2023 الساعة 01:25 م
بقلم: د. حسين عبد البصير
تعد مرمدة بني سلامة، في الخطاطبة في غرب الدلتا، من أهم مواقع العصر الحجري الحديث في دلتا نهر النيل، وكانت مساحتها حوالي 200000 متر مربع. وكانت تتكون من طبقات عمرها من 50000 سنة إلى 41000 سنة.
وقد اشملت الطبقات السفلى، والتي احتوت على آثار العصر الحجري الحديث، على بقايا عشش كأرضية المسكن، وحفر لطحن الحبوب، وسلال كبيرة لحفظ الغلال. وفي الطبقات العليا من الموقع، دلت البقايا على قرية منظمة في صفوف بينها عدد من الحواري الضيقة. وتكونت من مساكن ذات أرضية محفورة في الأرض. وكانت الحبوب وغيرها في تلك المساكن تُخزن في حفر كروية بالأرض. واستخدموا أيضًا الصوامع الدائرية بسعة تُقدر بحوالي 60 كجم من الغلال.
وبالإضافة إلى زراعة الشعير والقمح، مارس سكان مرمدة قنص الحيوانات البرية وصيد الأسماك. ودلت أنماط الفخار والأدوات الحجرية على ارتباط حضاري كبير بين سكان الدلتا ومنطقة الفيوم. ودلت آثارها على أنها ترجع إلى العصر الحجري الحديث. وسكن إنسانها كوخًا أقامه من أفرع الشجر. وأسدل بعض الستائر من الحصير المجدول على جوانبه. وصفت الأكواخ في خطوط متوازية. وكانت تفصل بينها شوارع عريضة؛ فدل ذلك على أقدم حضارة ذات مظاهر سكنية متقدمة. وعُثر فيها على أكثر من مخزن أقيم من الطمي غير المشكل، ووُجد في القاع بعض الحبات من الشعير والقمح المزدوج الحبة.
وقد اعتاد الناس على دفن موتاهم داخل القرية. وكانت الجثة توضع منثنية دون أن تزود بأدوات جنائزية، على خلاف ما كان سائدًا في مصر العليا. ولعل السبب في ذلك أن الموتى كانوا يدفنون عادة في تحت أرضية المنازل أو بالقرب منها مما جعل الأحياء يعتقدون أن الموتى يشاركون الأحياء طعامهم في الوجبات المختلفة. وكان الأحياء أيضًا يقدمون القرابين لموتاهم في كل مرة يتناولون فيها الطعام.
واستعمل إنسان تلك الحضارة أنواعًا من الأواني الفخارية المصنوعة باليد. واختلفت مادتها وأشكالها عن تلك التي صنعها المصري في مصر العليا. وقام أهل تلك الحضارة بصناعة أدوات حجرية ذات وجهين مشطوفين. وكثرت لديهم المناجل والمكاشط والسكاكين والسهام.
|