القاهرة 31 اكتوبر 2023 الساعة 01:57 م
كتب: حاتم عبد الهادي السيد
لا شك أن للأدب دورًا كبيرًا في دعم القضية الفلسطينية؛ عبر بنية الخطاب الأدبي الذي يمثل قوة الدعم المعنوي الذي يرفع من معنويات الشعوب والجنود؛ فالكلمات أقوى من الرصاص أحيانا، وهي التي توجه الرأي العام العربي والعالمي باتجاه الحقيقة واليقين والبرهان؛ وتدحض الشائعات التي تحاول قوى الاحتلال كما في حرب غزة الآن نشرها؛ وذلك لإخفاء الجرائم التى ترتكبها في محاولة منها لتجميل وجهها القبيح أمام العالم.
لقد قدم الشعر تحديدًا الكثير من الأعمال الأدبية التى رسخت لفكرة المقاومة،ومناهضة المحتل وعدم الركون إلى الاستسلام؛ وتحفيز الجنود معنويًا وهو الأمر الذي يمكن أن يغير معادلة القوة في الحروب. ولاشك أن الشعر هو الرصاصة والقذيفة التى تحفز الطاقات نحو مواصلة القتال ودعم معنويات الجندي الفلسطيني؛ والشعب عمومًا لتشجيعه واستلهام نخوته وقوته للتكاتف والصبر وتحمل الصعاب لتحقيق النصر في النهاية على أعداء الإنسانية؛ الصهاينة النازيين الذين يتلذذون برؤية مشاهد القتل والدمار؛ ومنظر الدماء المسكوبة من شرايين الأطفال والعجائز والأبرياء وينتهكون كل القوانين الدولية والإنسانية ويقومون بإبادة جماعية ومجازر تئن لها الجبال ضد سكان غزة الأبرياء؛ بل ضد سكان الضفة الغربية؛ ويستبيحون حرمة المسجد الأقصى المهيب.
الرواية والمقاومة:
يمكن لي أن اقول بأن الرواية أوسع رؤية وفضاءً للتعبير عن القضية الفلسطينية؛ من الشعر؛ ولكن الشعر هو صاحب التأثير المباشر الآني؛ لأنه يواكب الحدث ويكثفه بما يجعل الخطاب الشعري أكثر تأثيرات في اللحظة الحالية، ومن يريد أن يكتب رواية -كما أرى - فإن أبلغ شكل هو الكتابة التوثيقة عبر سرد دافق ومخيال يعدد مشاهد الموسى والقتل والدمار وحرق أشجار الزيتون وانتهاء المسجد الأقصى وغير ذلك.
إن أبلغ رواية تكتب للتأريخ لما يحدث في غزة الآن هو السرد الواصف للأحداث؛ وأعنى بذلك الرواية التسجيلية التي تسجل الواقع الذي بلغت تأثيراته على النفس والذات كل تخيل؛ ولا يحتاج الروائي إلى إضافة مخيال مواز لفجيعة الحقيقة المنظورة عبر مشاهد الدم والدمار والموت والمآسي التي نراها عبر شاشات التلفاز؛ فنبكي ونشجب؛ ولا عزاء للشهداء الأبرياء.
المقاومة بالابداع :
لا بد من تمكين الإبداع العربي؛ والاهتمام به كسلاح للمقاومة للدفاع عن الهوية والقومية العربية؛ ولنستلهم أصداء وقيم ونهج البطولات العربية؛ولنهتم بثقافتنا العربية وتراثنا؛ لذلك لا بد من توحيد القوى الناعمة وعمل مؤتمرات تستنهض الفكر العربي دون تعصب لمذهب ودون تشدد؛فالثقافة توحد الفكر وتقرب الشعوب والأمم وتقضي على الخلافات بين الدول والممالك؛ وتقرب الشعوب لفهم الآخر واحترام حرية العقيدة ومن هنا يستيقظ المارد العربي الشرق أوسطي الأفريقي الأسيوي من جديد ليصبح قطبًا فاعلا في معادلة القوة.
إن الحروب يمكن أن تكون الآن فرصة جيدة لتوحد الشرق الأوسط وتعاونه ضد أساطيل الغرب التي تريد محو الهوية والعروبة والإسلام والمسلمين في كل الخارطة الشرق أوسطية والتى تحاربهم بالتمذهب والعرقيات عبر صراعات سياسية وحروب استعمارية ومؤامرات تستهدف تغييب العقيدة وطمس الهوية وإزكاء الصراع المذهبي والعقائدى وطمس وتغريب العقيدة الإسلامية ومحو الأديان عبر صراع الأيديولوجيات والحضارات وغيرها .
وأقول ما أحوج المسلمين الآن إلى نبذ كل الخلافات؛ والوقوف بقوة ضد قوى الشر التى تريد الهلاك لنا جميعًا.
لا بد من جمع شمل العرب والمسلمين؛ فالاتحاد قوة؛ ليستيقظ المارد العربي من جديد كما قال الشاعر :
المارد العربي ألقى قمقمه
افتحوا الباب وإلا حطمه
أنا شعب وفدائي وثورة
ودم يصنع للإنسان فجره
ترتوي أرضي به من كل قطرة
وستبقى مصر حرة
مصر حرة.
القوة الناعمة والمقاومة بالفن والكلمات:
يمكن للأدباء والشعراء والمترجمين والفنانين التشكيليين إحداث حراك عالمي للتأثير على الرأي العام العالمي عن طريق كتابة القصائد الموجهة لنصرة فلسطين وتصوير حقيقة الأمور والإبادة التي يمارسها المحتل وتُنشر عبر الشبكة العنكبوتية وشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي وتوجيه رسائل لأدباء وأحرار العالم للانضمام إليهم والضغط على شعوبهم ومن هنا تتحقق مقولة: أن الأدب والفنون هم القوة الناعمة التى توجه الرأي العام العالمي وتؤثر في خطاب القوة وآلة الحرب الهوجاء. كما أن ترجمة هذه الأعمال للغات العالم يمكن أن تستقطب شعوبا؛ بل دولا للتدخل لوقف الحرب وإعادة التعادل لميزان القوى؛ وإلا فإن الصمت ضعف، والكلمة قوة وليس هناك أقوى من الكلمات لمجابهة الدبابة والصواريخ.. ولو تكلم وهدد حكام العرب ولو بالكلمات ولوحوا بالتدخل في الحرب في غزة ستقف آلة الحرب فورًا ويتحقق النصر للكلمة والخطاب. وهنا تنتصر الدول بقوة الخطاب الأدبي والثقافي ضد إرادة القوة؛ وخطاب الإعلام ضد خطاب المجنزرات و لا عزاء للخائفين ولا حياة ولا سلام لمقهورٍ ومهزوم.. القوة تجابهها قوة موازية، وقوة القلم رادعة؛ ولا يمكن لأحد أن يستهين بها على الإطلاق.
|