القاهرة 24 اكتوبر 2023 الساعة 11:40 ص

كتبت: رابعة الختام
طرح جديد لكتاب سوزان بريسو قرينة الدكتور طه حسين "معك"، عن جوانب أخرى في حياة قاهر الظلام الذي جعل التعليم كالماء والهواء، فعلى محبة الدكتور طه حسين، تجمع صحبة من الكتاب والنقاد والأكاديميين في صالون الشاعرة مي مختار بمقهى الفيشاوي احتفالًا بمرور خمسين عاما على رحيل عميد الأدب العربي، وتألفت المنصة من الأستاذ الدكتور محمود الضبع، والدكتورة زينب فرغلي، والدكتور شريف صالح، وأدار الندوة الأستاذ الدكتور زين عبد الهادي، لمناقشة مشروع طه حسين الإبداعي والتنويري وقبلهما قيمته الإنسانية من خلال طرح رؤية زوجته الفرنسية سوزان في مؤلفها عنه كتاب "معك".
استهل الدكتور زين عبد الهادي بشرح مجمل لتاريخ طه حسين ومعاركه الأدبية، إلى جانب طرح للكتاب ورؤية السيدة الأقرب لعميد الأدب العربي، وكيف عاشا معًا خمسة وسبعين عامًا، وكيف يعد حسين من أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة، فقد كان أول المنتسِبين للجامعة المصرية عامَ 1908، وحصل على الدكتوراه عامَ 1914، لتبدأ أولى معاركه مع الفكر التقليدي، حيث أثارت أطروحته "ذكرى أبي العلاء" مَوجة انتقادات.
وحين أوفدَتْه الجامعة المصرية لفرنسا، أعد أُطروحةَ أخرى للدكتوراه بعنوان"الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، اجتاز دبلوم الدراسات العليا في القانون الرُّوماني.
وكان لزواجه بالفرنسية "سوزان بريسو" عظيم الأثر في مسيرته العلمية والأدبية، فكانت عيناه التي يقرأ بهما ويبصر العالم، الرفيقة المخلصة التي دعمته.
• إنسانية عميد الأدب العربي
بينما كشف الدكتور محمود الضبع عن جانب جديد في شخصية الكاتب التنويري الذي يستطيع رؤية مصر من تحت، يعرف كيف يفكر الفقراء كيف هي معاناتهم، ولفت النظر إلى مذكرات ابنه مؤنس موضحًا الفارق بين ما كتبه وما كتبته سوزان، قائلاً: سوزان تكتب بالعاطفة ولكن مؤنس يكتب بالعقل بل بالعقلية العلمية المرتبة.
مؤكدًا أن طه حسين يخفي جانب البكائية والحزن والمرض في مشروعه الإبداعي والتنويري، بينما سوزان طرحت هذه التجربة بحرفية شديدة.
وفي سياق متصل أوضح الضبع أن مؤنس تزوج حفيدة أحمد شوقي لتتضح معالم اللوحة السردية لكل هذا النتاج الثقافي والأدبي.
وذكر الدكتور شريف صالح الجانب الأنثوي في مشروع طه حسين، وطبيعة زواجه من سوزان بجانبه التقليدي إلى جوار الوجه الحضاري والحداثي وشراكة العلاقة في كل تفاصيلها.
وهذا التكامل بين طه المسلم وسوزان المسيحية وكونها عينه وهو أذنها، هذا بخلاف الصداقة العميقة بينهما إلى جوار الحب واشتراكهما في مشاعر الغربة والاغتراب.
وأكد صالح على عمق العلاقة بينهما والكفاح المشترك، ونبل الحياة رغم معاناة طه وكون الحياة مليئة بالمشقات والمتاعب، لكنه لم يصرخ ويدعي المظلومية.
وقد ضمت الندوة عدة نقاد وأدباء وروائيين، إلى جانب الحضور اللافت لعدد من الشباب والقراء.
وفي كلمتها كشفت الدكتورة زينب فرغلي عن أن هذا العصر كان محظوظًا بأبنائه كطه حسين وعباس محمود العقاد والمفكرين الذين أسهموا في تغيير شكل الإبداع والثقافة في هذا العصر.
واستطردت "فرغلي": أبهرتني سوزان وهي تطرح كيف كان يعاملها إلى آخر أيام العمر واستعرضت خطابات طه لها وكم الرومانسية بها والورود التي كان يهديها لها.
وتساءلت فرغلي، هل يعد الكتاب تخليدًا لسوزان أم لطه حسين، وهل أرهقتها الغربة بعد رحيل طه حسين وشعرت بالفراغ فقررت أن تعلن للعالم أنها ما زالت موجودة، وكان لها دور في حياته الثقافية ومعاركه الفكرية.
• طوفت بنا سوزان في السيرة الذاتية والغيرية
وفي كلمتها أوضحت الكاتبة الروائية سلوى بكر أننا في حاجة لطه حسين جديد بعد أن أصبح التعليم يكرس للعقل النقلي وليس العقل النقدي.
مستطردة: ما يعنينا الحداثة في تجلياتها حينما تكون علاقة المرأة بالرجل بها هذا الجانب من الحداثة، حين تسوس العلاقة بالحب والحرية والتبادلية، والفارق بين سلطان المرأة وسلطة الرجل.
والتقطت الدكتورة صفاء النجار أطراف الحديث قائلة: طه حسين قهر كلمة المستحيل وأزال عوائق المعرفة كافة، تعلم اللغات وربما ساعده عدم الإبصار على تفادي نظرات الآخرين المحبطة وهذا الرفض الاستنكاري الذي ربما كان ليجهض مشروعه كاملًا.
وبنبرة حانقة ختمت "النجار" كلمتها: ربما لو كان الكوب فارغًا لملأناه، لكن الكوب أصبح ملآن بالغثاء، فبعض من يظنون أنفسهم نخبة ومتعلمين متمترسين حول أفكارهم.



|