القاهرة 17 اكتوبر 2023 الساعة 12:11 م
ترجمة وإعداد: محمد زين العابدين
في هذا المقال يشرح الكاتب أهمية التنفس السليم للحياة الصحية، ويقدم نصائح للحفاظ على الصفاء الذهني ومقاومة التوتر والضغوط التي يتعرض لها الإنسان على مدار اليوم..
-
راقِبْ تنفسك لجعله سليمً:
إن تخصيص ولو دقيقة على مدار اليوم للتركيز على تنفسك يمكن أن يعزز مزاجك بشكل إيجابي، ويقلل مستويات التوتر في أوقات تعرضك لضغوط العمل وأعباء الحياة..
قبل أن تبدأ في قراءة هذا الكلام، توقف لبضع لحظات، وانتبه إلى تنفسك. من أي مكانٍ في جسمك سوف تطلِقُ أنفاسك؟ هل بالقرب من أعلى صدرك، أو من حلقِك؟ أو عميقًا من بطنك؟ هل تتنفس بسرعة أم ببطء؟ وهل أنت فعلا تتنفس، أم تحبس أنفاسك؟ وإذا كانت مستويات التوتر لديك تتزايد مع اقتراب فصل معين؟
من المحتمل أن يكون تنفسك، الذي لاحظته للتو في المنطقة العلوية للصدر، سريعًا ومتقطعًا إلى حدٍ ما، أو ساكنًا وتتخلله تنهدات، أو لهثات ثقيلة جدًا؛ وهذا ليس بالأمر غير المعتاد، فمعظمنا نستخدم فقط ثلث سعة رئتنا عند التنفس.
-
أهمية التنفس لحياتنا ولمقاومة الضغوط:
إن التنفس كافٍ لإبقائنا على قيد الحياة، ونقلنا من النقطة(أ) إلى النقطة(ب)، وإنجاز مهامنا، ولكن عندما نفكر في أهمية التنفس بالنسبة لتنظيم عواطفنا فليس من الصعب معرفة سبب شعور الكثير منا بالتوتر والقلق، على الأقل لبعضٍ من الوقت.
-
العلاقة بين التنفس والضغوط:
إذا كنت قد جرَّبتَ الشعور بالرغبة في النوم في نهاية جلسة (اليوجا)، أو الارتياح عند التثاؤب العميق، أو عند إطلاق مشاعرك عندما تضحك أو تبكي، فقد اختبرتَ بذلك قوة التنفس لديك.
يقول معلم اليقظة الذهنية (توم جرانجر): "إن التنفس هو المدخل إلى أجزاءٍ من نفسِكَ، تشعر أنك لا تستطيع السيطرة عليها"، وهو يشير بهذا الكلام، إلى الجهاز العصبي اللا إرادي الذي يربط الدماغ بالجسم، من خلال حالتين متعارضتين: العراك في مقابل الهروب، والراحة في مقابل التحمل.
والحقيقة أن معظمنا في وضع العراك والهروب لمعظم الوقت، وأنفاسنا تكون سريعة وغير عميقة، ومعدل ضربات قلوبنا يزداد، وأجسامنا جاهزة للتحدي التالي.
عندما نكون مسترخين وهادئين بعد جلسة (اليوجا)، أو عندما نجلس بجوار النار، يتم تنشيط الجزء المسؤول عن الراحة والتحمل من الجهاز العصبي، وينخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويتباطأ التنفس.
قد يبدو الأمر وكأنه نظام فسيولوجي معقد، لكنه نظام يمكننا التأثير عليه بشكل مباشر من خلال أنفاسنا، يقول توم: "من خلال تغيير سرعة تنفسك، وعمقه وخصائصه الأخرى؛ يمكنك تحويل الوضع الداخلي لجسمك من حالة الذعر إلى حالة الهدوء".
وتوافق على ذلك (آشلي نيس)، مدربة تمرينات التنفس السليم، ومؤلفة كتاب"كيف تتنفس؟..25 ممارسة بسيطة من أجل الهدوء والفرح والمرونة". وهي تقول: "إن الاهتمام بجودة تنفسك، هو أسرع طريقة لتغيير مشاعرك وأفكارك".
يوضح (توم): إذا كنت قد جربت التأمل ولم يكن الأمر مناسبًا لك، فمن المفيد أن تجرب التنفس الواعي -أو تمرين التنفس- على عكس التأمل، الذي يقوم على مراقبة التنفس، فإن عمل التنفس هو تغيير متعمد للتنفس.
ويجد الكثير من الناس أن التعامل مباشرة مع الأمر الذي تسبب في الضغوط، أسهل من التأمل، وتقول (آشلي): "ما أحبه في تمارين التنفس، هي أنها أسهل في تأديتها، من ممارسات اليوجا والتأمل التقليدية".
واللافت للانتباه، أننا عندما نشعر بالتوتر فإن عادة التنفس الأكثر شيوعًا هي عدم التنفس كثيرًا، حيث نكتم أنفاسنا كثيرًا، لذا فإن أول شيء يجب فعله هو إبطاء تنفسك وضبطه.
ويقول (توم): "فكِّرْ في الشهيق على أنه نشاط وتركيز، والزفير على أنه سلبي ومريح، وحاول تنظيم أنفاسك، بحيث تكون في حالة تأهب واسترخاء على حد سواء"، ويُنصح بالشهيق من الأنف، وتوجيه النفس إلى البطن مع العد إلى خمسة، وإطلاق الزفير بلطف من خلال الفم مع العد إلى خمسة، كما لو كنت تنفخ الفقاعات"، افعل ذلك لمدة ثلاث دقائق، وستشعر بحالة من الهدوء والصفاء الذهني تسيطر عليك. يمكنك أيضًا التنقل بين ممارسة تمارين التركيز، أو الاستنشاق أو الزفير لفترة أطول، اعتمادًا على التأثير المطلوب.
عندما يكون دماغك في حالة طنين مستمر، فإن بضع دقائق من التنفس الواعي ستؤدي إلى تحسين الوضوح العقلي، هل لاحظت يومًا كيف تحصل على أفكار ملهمة، عندما تكون في الحمام أو في السرير أو أثناء المشي؟ يقول (توم): "معظم الأفكار تأتي عندما نكون أكثر استرخاءً"
إن التنفسَ بشكلٍ صحيح، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى شعور أعمق بالجيشان العاطفي، وذلك لأن تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي يشجع على إطلاق الأوكسيتوسين، أو هرمون الحب، تمامًا كما يوحد التنفس بين العقل والجسد، فإنه يعمل كقوة موحدة بين الكائنات".
-
العلاقة بين التنفس والرسم:
إذا كنت تجد صعوبة في التركيز على أنفاسك فقد تجد أن الرسم في أثناء التنفس يساعدك على التركيز، ففي كتابه المصور الجميل (ارسم التنفس-فن التنفس واليقظة والتأمل)، يقترح (توم جرانجر) تمارين يستخدم فيها القلم الرصاص كامتداد للتنفس، بحيث ترسم على صوت تنفسك.
ويضيف: "إنني أجد أن الرسم يخلق ملاذًا من العالم الخارجي لما يحدث بداخل الجسم، إنه يساعد الأشخاص الذين يتشتت انتباههم، على أن يكونوا على دراية بأنفاسهم، وأن يكونوا على دراية باللحظة ا.
إن التعود على عادة التنفس، بحيث تأخذ بضع دقائق كل يوم للقيام بالتنفس البطيء والمنتظم، سيساعد على تخفيف استجابة العراك والهروب، حتى تشعر بالهدوء.
وقبل البدء بأي تمرين للتنفس احصل على الراحة. وقليلٌ من الناس يجدون وضع تربيع الأرجل مريحًا؛ لذا اجلس على كرسي، وظهرك مستقيمًا-ولكن مسترخيًا- وقدماك على الأرض.
هل لديك إحساسٌ بالدونية؟ أمسك قلم رصاص بشكل جانبي في فمك بحيث يستقر بين ضرسك الثاني والثالث، مع تمديد زوايا فمك برفق. خذ خمسة أنفاس عميقة مسترخية، شهيقًاًا عبر أنفك. غالبًا ما يجد الأشخاص الذين يقومون بهذا، أنهم يبتسمون بعد هذا التمرين، فمن خلال إجبار وجهك على الابتسامة، تكون قد خلقت حالة عاطفية إيجابية.
استلقِ على السرير، واشعرْ بدعم جسمك، وخذ عشرة أنفاس طويلة وبطيئة. قم بالعد إلى 10 أثناء الشهيق، وإلى 10 أثناء الزفير، وافعل هذا حتى تغفو.
في أثناء التنقل، يعد السفر هو الوقت المناسب لتجربة تمارين التنفس.
وإذا كنت تشعر بالتوتر الشديد، قم بإبطاء معدل تنفسك تدريجيًا بعد عدة أنفاس، وحاول تغيير إيقاع التنفس، بحيث يكون الزفير المريح أطول من الشهيق؛ مما يحفز الجهاز العصبي السمبثاوي.
حاول الاستنشاق لأربع مرات، والزفير ببطء لمدة ست مرات.
أما إذا كنت تشعر بانخفاض طاقتك؛ فإن الشهيق البطيء والمريح، الذي يتبعه زفير قصير وقوي(يشبه إلى حد ما التنهد المبالغ فيه)؛ سوف يملأ الجسم بمزيد من الأكسجين، ويقلل من الشعور بالخمول. قم بذلك عدة مرات ولاحظ الفرق.
• المصدر: مجلة The Simple Things الإنجليزية- عدد ديسمبر 2019.
|