القاهرة 03 اكتوبر 2023 الساعة 12:34 م
كتب: صلاح صيام
• هاشم صديق شاعر الثورة على عربة كارو!
كواحد من القلة المهتمين بتوثيق إنتاجهم من المبدعين السودانيين، أصدر المبدع السودانى هاشم صديق عشرة دواوين شعرية مخاطبًا الوطن، المرأة، الزمن اللعين، السفر والترحال، الألم، المدن، وغيرها من مفردات ورموز شكلت بوضوح عطاء الشاعر فيه، ورسمت صورته لدى المتلقي.
تنوعت كتابات "صديق" الشعرية بين العامية التي سجل بها أغلب أعماله، والفصحى التي كتب بها أحد أشهر القصائد الوطنية السودانية في ذكرى ثورة أكتوبر الشعبية عام 1964, وبقيت قصيدة الملحمة بصوت الفنان محمد الأمين، النشيد الرسمي للاحتفالات بذكرى أكتوبر كل عام، وتوجت بفوزها بلقب أغنية القرن في استفتاء استديوهات "سودانيز ساوند" بمناسبة الألفية الجديدة.
و"صديق" شاعر وسيم المفردة، عميق العبارة، يتكئ على قاعدة ثقافية ضخمة أتاحت له معاينة المشهد الفني والثقافي بعدة زوايا، لأنه في الأصل مبدع متعدد المشارب ومختلف الألوان، فمن البديهي أن يتربع على وجدان الشعب السوداني لأنه خرج من رحم المعاناة، وذلك يتضح أكثر في مخطوطته جواب مسجل للبلد التي أعلن فيها البيعة كاملة غير منقوصة، ولكنه ما زال يدفع ثمن تلك البيعة من صحته وراحته، حتى انزوى في ركن قصي بمنزله بحي بانت الأمدرماني العريق، يسامر غرف المنزل وشبابيكه التي يفتحها مشرعة للشمس للدخول في دواخله النقية والصافية.
إذا كان هاشم صديق يجلس وحيدًا، فذلك لا يعني مطلقًا بأنه ابتعد عن الهم العام للبلد فهو منغمس حتى أذنيه.. صمد في وجه كل الرياح والأعاصير ولم ينهزم، لم ينحن أو يستسلم, رغم محاولات التحجيم، ولكن شعره كان ينطلق في كل الفضاءات، وكلما منعوا له قصيدة من النشر، تجد حظها من التداول الكبير بين الذين يتلهفون لكل حرف يكتبه.. كل تفاصيل الأشياء حاضرة أمامه.. ينظر إليها بعين العارف المستنير لأنه يعلم تمامًا:
ومنذ عدة أيام تناقل ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، صورا مؤثرة لإجلاء عملاق الأدب السوداني، وشاعر ثورة أكتوبر على ظهر عربة يجرها حصان، من منزله في حي بانت بمدينة أم درمان، وكان"صديق" قد مر بأوقات صعبة، بعد أن حاصره رصاص الحرب المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، ومنعه من تلقي العلاج لعدة أسابيع.
وجاء خروج "صديق" من منزله بعد معاناة تقاسمها مع المئات من سكان منطقته، التي ظلت تحت حصار كامل لأكثر من أربعة أسابيع بسبب الاشتباكات الدامية المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من مناطق مدن العاصمة، ويعاني "صديق" مشكلات صحية عدة، ولم يتمكن طوال الأسابيع الماضية من الوصول إلى المستشفيات بسبب الأوضاع الأمنية الخطيرة في أم درمان.
وفي تسجيل صوتي مؤثر، قال صديق إن خروجه من منطقته المحاصرة "ليس خوفًا من الموت بل للبحث عن أمل في الحياة، من أجل مواصلة أعماله الإبداعية"، التي ظلت تشكل الوجدان السوداني لنحو خمسة عقود، وأضاف أنه "رغم الوهن الجسدي والنفسي، فإنه يسعى لإيجاد مكان آمن يلقى فيه الرعاية الطبية، ويواصل إنتاج الشعر والكتابة".
وأوضح تفاصيل رحلة خروجه من منزله بحي بانت شرق إلى ضاحية الثورة بمدينة أم درمان، وطمأن الجميع بأنه بخير في كنف أسرة سودانية بضاحية الثورة شملته برعايتها ولم تحوجه إلى شيء.
وفي كلمات مؤثرة، قال هاشم إن كل ما قدمه خلال مسيرته الإبداعية كان محبةً للشعب السوداني، وتعهد بأن ينذر ما تبقى من عمره لإكمال مسيرته الإبداعية، داعيًا لتوفير أدوات إنتاج تعينه على ذلك، وكشف عن حلمه بأن يتمكّن رغم الوهن النفسي والجسدي من كتابة مسرحية جديدة ومن تقديم برامج جديدة، وتمنى أن تجد مجموعاته الشعرية القديمة وعددها 12، حظّها من إعادة النشر مرةً أخرى بعد أن نفدت كل الطبعات السابقة من الأسواق.
|