القاهرة 24 سبتمبر 2023 الساعة 09:57 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
تحتفل مصر هذا العام بذكرى مرور 50 عامًا على العبور المجيد، 50 عامًا مرت على أعظم نصر عسكري في حروبنا الحديثة، نصر أكتوبر المجيد.
ملحمة عسكرية وطنية خالصة أذهلت العالم وما تزال!
لم تعد انتصارات أكتوبر خاصة بالحرب فقط وإنما بعبور كل عائق وأزمة حياتية تهدد الوطن في أي زمان، يثبت فيها المصري أنه على قدر التحدي وصعوبته، خضنا حروبًا عدة طيلة الخمسين عامًا ونحن نضع الوطن أولاً في كل شيء وقبل أي شيء، حاربنا الفساد، الفتن الطائفية، الفقر، العوز، والتجبر والتكبر، الإرهاب الأسود ومحاولة تمزيق الوطن، حاربنا العديد والعديد من الأمور حتى وصلنا بالبلاد لما هي عليه الآن، ما زالت هناك عقبات تعيق طريق التنمية والتميز ، طريق التنمية والنجاح لم يكن مفروشًا بالورود، أمام الآخرين ممن سبقونا ولحقوا بركب التنمية والتقدم..
عزيزي عمر خورشيد،،
أجمل ما في الاحتفالات المبكرة بذكرى نصر أكتوبر، الأغاني الوطنية والأفلام الحربية بما فيها من بصماتك الموسيقية..
في فيلم "حتى آخر العمر" انتبهت لمفاجأة فريدة من نوعها، مشاهد العبور في الفيلم كانت على أنغام لحنك الملحمي لحن "الرصاصة لا تزال في جيبي"، لحنك الذي أعشق، اخترقت موسيقاه قلبي، حتى ولو لم يكن كاملاً كباقي الأفلام التي يزينها لحنك الذي أحب..
يبدو أن مخرجي هذه الحقبة اعتمدوه لحنًا للعبور والنصر وأظنهم موفقين في اختياره.
عندما أدرت مؤشر القناة ورأيت الفيلم يذاع سألني مرافقي بتهكم: أليس هذا الفيلم الذي به حبيبك الخائن؟!
لا أخفي عليك أني تضايقت، فأنت لم تكن خائنًا!
اعتدت أن أرى الأمور من وجهة نظر مغايرة، وبانحياز تام لك!!
طيلة احداث الفيلم الأيقونة تُشاركنا الأحداث باللحن ذائع الصيت، موسيقاك التي أصبحت علامة بارزة من علامات الرومانسية الأفلاطونية الطاغية.. نغمات موسيقية حالمة شهدت ميلاد قصة الحب الدافئة.. شاهدة على حب البطل لحبيبته، وشاهدة على حبنا نحن لهم، ولك، وللوطن.. حتى إذا ما تعرض للحادث الذي أقعده وجعله سجين كرسيه المتحرك، لنفاجأ بأنه بدأ يتحول ويصبح أكثر عصبية، وأكثر غيرة على حبيبته، وبدأ الشك يجد طريقًا لقلبه الممتلىء بالحب.. حتى ظهرت أنت بقامتك الممشوقة، وابتسامتك الآسرة، ونبرة صوتك الهادئة..
عبرت عن وجهة نظرك في المرآة، كونك شاب دائم الترحال، اتخذ من الجيتار رفيقا، والموسيقى وليفًا.
وجهة نظر تعبر عن قناعات فصيل كبير من الرجال في هذا الزمن وكل زمن!
تمنى البطل لك الاستقرار والتغير، لكنك أجدت أداء دورك حد الإدهاش، كعادتك تتقن أي مجال تقتحمه بحب!
جاءت النهاية صادمة، كيف لك أن تخون ثقة صديق عمرك على هذا النحو المقيت؟! سقطت في بئر الخيانة، وسميت بالخائن؟!
دافعت عنك أمامهم، بحكم طبيعتى العاطفية المتحيزة لمن أحب، دافعت عنك كونك أعدت للبطل ثقته المفقودة في حبيبته.. لقناعتي أن من يحبك يغفر لك أي شيء، وكل شيء، هكذا أنا معك، ومعك فقط!!
عزيزي عمر خورشيد،،
عندما نقابل من نتوهم حبه نعتقد أن لدينا المقدرة على الغفران، نعتقد أن لدينا ما يكفي لتجاوز تقصيره بحقنا سواء عن قصد أو دون قصد! هكذا نتوهم.. لكن بمرور الوقت ندرك أن هذا لا يحدث لأنه لم يكن حبًا، بقدر كونه حبًا للحالة بأكملها، فالمحب الحق لا يجد للقساوة مكانًا في قلبه.. أينما حلت القسوة محل الحب تأكد أنه لم يكن حبًا، هو فقط ربما اعتياد أو رغبة في المرور بتجربة سمع عنها، قرأ عنها، شاهدها على الشاشات، رحلة في عالم الخيال توهم أنها حقيقة، خاصة لو شاءت الظروف أن تجسد على الأرض أمامه!
الحب أسمى من كل ذلك وأرفع مقامًا من كل هذا.. لا يولد الحب بين ليلة وضحاها، كما أنه وليس قرارًا أستطيع تنفيذه بسهولة!
الحب الحقيقي هو أن أعبر معك البحر جنبًا إلى جنب لا على أنقاض حطام سفينتك!
الحب هو أن أكون شريكًا لك في السراء والضراء.. أن أكون معك ملجأ ومرسى.. أن أتبادل معك كل شيء، وأي شيء.
الحب ليس مجرد كلمات تسمعها الأذن فتطرب.. الحب تصرفات، الحب هو الثبات على المبدأ، لا التذبذب في المشاعر بين ما أريد ولا أريد!
الحب حالة كَتبَ عنها الكُتاب، ونظم بحقها الشعراء القصائد، وعبرت عنه أنت بجُمل لحنية بمنتهى البساطة..
رغم ذلك يظل وجود الحب أسطورة، سمعنا السابقين يحكون عنه أجمل الرؤى والقصص والحكايات، بينما لا وجود له بيينا أو على أرض الواقع!
الحب الوحيد الذي أجزم بوجوده دون نزاع هو حب الأم لأبنائها، وما دون ذلك محض هراء!
عزيزي عمر خورشيد،،
كل عام ومصرنا أكبر وأغلى حب في قلوبنا، فمصر وحدها أمنا التي تسع الجميع، دون أن تنتظر أي مقابل منا سوى أن نكون جديرين بها.. وحدها تستحق أن تظل حتى آخر العمر..
ختامًا، كن بخير دومًا، لأكتب لك.
|