القاهرة 17 سبتمبر 2023 الساعة 12:18 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
أحدثك اليوم بصفة شخصية بحتة، أُنحّي أي كلام منمق جانبًا، أحدثك عن هموم وأفراح رافقتني طيلة الأيام الماضية..
لنبدأها بالأفراح.. استمعت لمقولتك العابرة في أحد لقاءاتك: "ما اجتمع عازف وجيتار إلا وكان ثالثهما الملائكة".. اعتمدتها من مقولات العظماء الخالدة.. حقًا أنه أدق وصف لحالتك ولأي صاحب رؤية إبداعية مثلك ومثل العظماء، ممن زينوا طرقنا بفيض إبداعهم الذي يسمو بالروح..
أضيف إليك- أنه"ما اجتمع كاتب وقلم إلا وكانت الحياة ثالثهما" .. فالكتابة عنهم وعنا وعنها لغز يأخذك هنا وهناك، يتلاعب بك كيفما يشاء، يحلق بك فوق السحاب برقة الطيور ويهبط بك لباطن الأرض بثقل الهموم!!
الكتابة والموسيقى روح ونبض كل صاحب موهبة.. أسعدني الحظ والتقيت بجمع تجمع في محبة شخص لم يكن موجودًا ليتم تملقه!
أقيمت ندوة في محبة الكاتب والأديب "محمد جبريل"، امتدت لثلاث ساعات أو يزيد، تحدث فيها الحضور عن بداياته، مشواره مع القلم، اكتشفت أني أقوم بفعل بعض طقوسه في أثناء الكتابة، فأنا عندما أكتب لا أتوقف لتنميق وترتيب ما أكتب، إنما أستغل فيض القلم والبوح وبراح المشاعر ولا أتوقف أمام أخطاء إملائية أو نحوية أو نسيان اسم أو معلومة، تاركة القلم يفرغ ما في جعبته في التو، ثم أعيد تهذيب وتنميق ما فاضت به قريحتي فيما بعد بهدوء.. تعجبت أن عادات الكتابة قد تتشابه في بعض الأحيان كونها خاصة وسر بين الكاتب وذاته! رغم ذلك شعرت بسعادة داخلي، كوني أفعل مثلما يفعل هذا الأديب القدير، ليقيني أن هذا يعني أنه ربما يأتي يومًا وتقام ندوة ما باسمي ويتحدث الآخرون عني بحب وإخلاص مثله تمامًا..
لعل أجمل ما راق لي خلال هذه الندوة هو حرص رفاقه على الحضور من شتى المحافظات رغم المشقة الواضحة لبعد المسافة، وحرصهم على ذكر أدق المواقف الجادة والفارقة في حياتهم والتي جمعتهم به وكان لها أثر في مشوارهم الأدبي..
لا ضير فهذه عادة العظماء من جيل الرواد!
أما نحن جيل الوسط.. جيل شق طريقة بصعوبة، قد تكون لديه مقومات النجاح والانتشار السريع، لكننا نواجه أزمة كبيرة، وهي غزارة الإنتاج الأدبي لكثرة الأدباء والناشرين، في السابق كان عدد المبدعين قليلا والنوافذ التي ينشرون إبداعهم من خلالها تكاد تكون منعدمة، لذا برزت الأسماء ولمع نجم الكتاب..
كانت الندوة بمثابة الروح التي أعادت الحياة للمياه الراكدة، شعور هؤلاء -هذا الكم من عمالقة الحرف- بالامتنان لشخص واحد رغم غيابه عن الحضور، لهو منتهى الرقي والوفاء، يطمئنني أن ما يفعله المجتهد منا لن يضيع سدى..
عزيزي عمر خورشيد،،
كما أن الكتابة كانت سببًا في أن يتذكر الآخرون بوفاء مَن شاركهم المشوار، أنا أيضًا صادفت النور في حياتي، كلما شعرت بوهن أو ثقل أرى هذا النور، فينصلح كل شيء ويداوى أي ألم وتزول أية هموم!!
هذا النور يتمثل في صديقتي العزيزة "صديقة الممر"، اسمح لي أن أهنئها من خلالك بمناسبة عيد ميلادها السعيد.. اسمح لي أيضًا أن أعترف لها أني قبل أن أقابلها كنت شخصًا باهتًا يعيش في رمادية، ومنطقة وسطى، لكن بعد مقابلتها -وهذا من حسن حظي- أصبحت أستطيع أن أميز الطريق ورفاقه جيدًا..
أتمنى لها المزيد والمزيد من السعادة، والتألق، والحب، وأعوام عديدة لا تنقطع برفقة من تحب، وما تحب..
عزيزي عمر خورشيد،،
أدرك تمامًا أن مصر نجت من كوارث عدة بفضل "الحب"، كلنا نحب هذا البلد بما فيه من تناقضات وإحباط، لكننا لا نملك غيره.. لذا يحفظه الله بفضل دعوات الطيبين وحب أطيب من فينا..
تابعت ما يحدث مع أشقائنا في المغرب وليبيا من غضب الطبيعة، زلزال هدم قرى، وإعصار محا نصف مدينة بمن فيها وما فيها، ليبتلع البحر الجميع في طرفة عين!
فاجعة لا مثيل لها أصابت ليبيا، وشارفت على المساس بمصر لولا لطف الله ودعوات الصالحين.. أتوقف أمام ما رصدته الكاميرات من مشاهد مؤسفة، مؤلمة، حزينة، ودامية.. وأحمد الله الذي حفظ مصر من هذه الكارثة المروعة.. يعلم الله أن عددنا كثير يفوق المعتاد، لن نتحمل كارثة من هذا النوع.. يعلم الله أنه لا طاقة لنا على تحمل مثل هذه الفواجع، يعلم الله سبحانه وتعالى أنه لو طالتنا -لا سمح الله- مثل هذه الفواجع لتشرد الآلاف..
يعلم الله أننا شعب يكافح، ويتحمل كل شيء، وأي شيء، ولا يملك من حطام الدنيا إلا سقف يؤويه.. حفظ الله بلادنا من كل شر.. وعاشت مصر بأمان، بفضل دعوات الصالحين منا..
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير دومًا، لأكتب لك.
|