القاهرة 10 سبتمبر 2023 الساعة 04:50 م
بقلم: أمل زيادة
عزيزي عمر خورشيد،،
مرت الأيام سريعًا، وها نحن ذا نلتقي من جديد.. اشتقت إليك كثيرًا..
انتكست الأجواء، وهذا لو تدري شأن عظيم، مر شهر أغسطس بسرعة وهدوء بأجواء نادرة، لطيفة، مبهجة.. ثم عاد فصل الصيف للانتقام منذ بدأ سبتمبر العزيز.
بكل الأحوال هكذا هي الدنيا، كل يوم هي في شأن، وكذلك نحن.
رغم سوء الطقس وتلك الأجواء الخانقة، إلا إن سبتمبر ما زال يحمل في طياته الكثير من رائحة الحب المميزة، لا سيما الحنين والذكريات..
عزيزي عمر خورشيد،،
أيام ويبدأ العام الدراسي الجديد.. أتذكر طفولتي السعيدة، ولهفتي على عودتي للمدرسة لرؤية رفيقاتي وممارسة هوايتي، ففي مدرستي تتحقق الأحلام، أرتدي زيي المدرسي الجديد الذي يتقن والدي كيه بحرفية، ويظل نظيفًا محتفظًا برونقه طيلة الأسبوع، وأرتدي حذائي الأسود وقميصي الناصع البياض، أربط شعري برباط أبيض، حيث لا وجود لأي ألوان تخالف الزي المدرسي، أحمل حقيبتي الجديدة وأقف في شرفة منزلي أراقب الجميع وهم يتزينون في أول يوم وكأنهم في مهرجان من نوع خاص..
"عيد" يرتدي الجميع فيه ملابس جديدة تمامًا، يتملكهم شعور بالسعادة، لا لبدء الدراسة بالطبع، وإنما لمقابلة أصدقاء الدراسة، الذين لا نراهم إلا من العام للعام..
سألت ابن صديق لي لا يتعدى الثامنة: ما أكثر ما تحبه في المدرسة؟ أجاب بلا تفكير: أصدقائي أجمل ما بها، أما عن الأسوأ فحدث ولا حرج.. الواجبات الكثيرة، الاستيقاظ مبكرًا، النوم مبكرًا، ضرورة الانتباه لما يشرح خلال اليوم، البعد عن الهاتف، الاختبارات الدورية، الدروس الصعبة..
لا أخفي عليك أني أشفقت عليه، ولم أجد ما أسري به عنه، فاكتفيت بالصمت والابتسام..
أشفق حقًا على هذه الأجيال، حيث يتعرضون لإغراءات وضغوط تفوق قدراتهم العمرية.. يكفي أنهم يتصدون لإغراء التكنولوجيا، يكفي أنهم يقاومون استعباد الهواتف لنا، حتى ولو جبرًا تحت سلطة المدرسة والدراسة..
الهاتف، هذا الساحر الملاصق لنا حتى في نومنا.. عالمنا الخفي أو الوهمي الذي نتمسك به من خلف الشاشات، رغم أن هناك عالمًا أكثر حيوية وحب وحياة حولنا.. نهرب من حياتنا لحياة أبعد ما تكون عن الواقع، هروبًا أو تحرًرا من القيود والقوانين، ربما رغبة في هزيمة الزمن واستعادة ما سرق منا!
صراعات عديدة داخلنا أجمعين أوجدت الهواتف الذكية، طرقًا ذكية بل أكثر ذكاء لتخطيها أو الانغماس أكثر فيها..
في السابق كان الصراع المحتدم بين الأجيال، صراع بين القديم والحديث، أما الآن فالصراع الحقيقي بين الشخص ونفسه، بين سطوة التكنولوجيا والعلم، والقناعات الشخصية والأخلاقية!
هل ينتصر الخير، وينحاز الإنسان لذاته، و ينتصر لنفسه؟ أم سيترك الآلة تتحكم في كل شيء؟!
هذا سؤال من المبكر الإجابة عنه، خاصة وسط كل هذا الزخم المعلوماتي والتكنولوجي..
عزيزي عمر خورشيد،،
ارغب كثيرا في رؤيتك وأنت طفل أو طالب، لدي شغف للجلوس معك ورؤيتك.. أتساءل دومًا ما الألعاب التي تستهويك؟!
هل كنت طفلا مشاغبًا؟ أم تراك كنت طفلا هادئا؟!
كيف اكتشفت ولعك بالموسيقى؟!
استمعت للقاء عابر لك مررت فيه على طفولتك بشكل عابر، قلت أنك كنت ترغب في اللهو و الركض هنا وهناك، بل ومشاهدة برامج الأطفال وأصر والدك على تعليم فنون وآليات توظيف الموسيقى التصويرية في الدراما..
هل يا ترى لو مارس الآباء بضغط وإصرار ما يحبون ويميل إليه الأبناء لأنتج لنا جيل من العظماء؟!
هل الإجبار على الموهبة وزرعها بهذا الشكل يؤدي لوجود العديد والعديد من النوابغ في شتى العلوم والآداب؟!
هل سيصبح لدينا ملك للجيتار مثلك؟!
هل سيصبح لدينا قامات موسيقية نفخر بها محليًا وعالميًا؟!
عزيزي عمر خورشيد،،
ربما تكون أنت الساحر الوحيد الذي وقع أسيرًا للموسيقى فأصبحت أيقونة تاريخية للحب والموسيقى، فبقدر ما تخلص وتعطي لما تحب، يظل الأثر، وأنت أفنيت عمرك كله في عشق الموسيقى وحب الجيتار، فأصبحت أسطورة لا ولن تتكرر..
عزيزي عمر خورشيد،،
كن بخير دومًا، لأكتب لك.
|