القاهرة 15 اغسطس 2023 الساعة 12:29 م
ترجمة وإعداد: محمد زين العابدين
إن التزايد في انتشار قصر النظر أصبح يمثل مشكلة صحية عامة ورئيسية في العقود الأخيرة، ووفقًا لبعض التقديرات يمكن أن يتأثر ثلث سكان العالم (حوالي 2.5 مليار شخص) بهذه المشكلة مع نهاية هذا العقد، وتشهد منطقة شرق آسيا -على وجه الخصوص- ارتفاعًا غير مسبوق في الإصابة بمشكلة قصر النظر، حيث تم تشخيص ما يزيد عن 90 في المئة من المراهقين والشباب من المصابين بقصر النظر، مقارنة بنسبة 10 إلى 20 في المئة قبل ستين عامًا، أما في مدينة (سيول) عاصمة كوريا الجنوبية فيعاني ما يقرب من 97? من الرجال البالغين من العمر 19 عامًا من قصر النظر.
• آليات الإصابة بحالة قصر النظر:
شهدت مناطق أخرى أيضًا من العالم زيادة كبيرة في انتشار حالات قصر النظر، والتي تؤثر الآن على حوالي نصف الشباب في الولايات المتحدة وأوروبا، بما يعادل ضعف الانتشار الذي كانت عليه قبل نصف قرن، وقد أدى هذا الانتشار المتزايد لهذا الوباء إلى زيادة الأبحاث على قدمٍ وساق، لتحديد الآليات الأساسية في حدوث الإصابة به، حيث بدأ العلماء في العثور على إجابات لأسئلتهم.
لسنوات عديدة، أكد الإجماع العلمي على أن قصر النظر يتم تحديده إلى حدٍ كبير من خلال علم الوراثة، ولكن تشير الأدلة الحديثة -وبشكلٍ متزايد- إلى أن العوامل البيئية تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا بالنسبة لخطر تطور حالات قصر النظر، فكما يقول (شانج مي ساو) الباحث في حالات قصر النظر بجامعة سنغافورة الوطنية: "في هذه الحالة، يجب أن يكون هناك تأثير بيئي محتمل يتسبب في اختلاف الأجيال".
وتبعاً لذلك، وجدت بعض الدراسات الوبائية أن الوقت الذي يقضيه المرء في الهواء الطلق، بالإضافة إلى مدى تعرضه لأشعة الشمس بشكل أكبر يمكن أن يثبط وبشكلٍ كبير معدل الإصابة بقصر النظر لدى الأطفال ويعيق تطوره، وتؤكد (كاترين روز) رئيسة قسم تقويم الإبصار بالجامعة التكنولوجية في (سيدني) العاصمة الأسترالية على ضرورة تعريض الأطفال للمزيد من الوقت في الخارج لكى يتعرضوا للقدر الكافي من أشعة الشمس والهواء.
• أهمية الإضاءة لعلاج قصر النظر:
بناءً على التقديرات الحديثة، فإنه يجب أن يقضي الأطفال ما يقرب من ثلاث ساعات يوميًا تحت مستويات إضاءة لا تقل عن عشرة آلاف (لوكس) للوقاية من الإصابة بقصر النظر، و(اللوكس) أو الشمعة العيارية باللاتينية Lux هي وحدة قياس شدة الاستضاءة في نظام الوحدات الدولي ويرمز لها بالرمز Lux أو lx ويختلف معدل تعرض الإنسان للضوء، من عدة آلاف إلى مئات الآلاف من (اللوكسات) يوميًا حسب فصول السنة، وحسب المكان الذي يعيش فيه الإنسان، ويتم اختبار هذه الدرجة من الإضاءة من خلال ارتداء نظارة شمسية في يوم صيفي مشرق والوقوف تحت شجرة مظللة، أما بالنسبة لليوم الملبد بالغيوم، فتكون درجة الإضاءة فيه أقل من عشرة آلاف لوكس، بينما لا يزيد مقدار الضوء الجيد بشكل عام في المكاتب أو الفصول الدراسية عن 500 (لوكس).
وتجدر الإشارة إلى أن الضوء الطبيعي الناتج عن الشمس يختلف عن الضوء الصناعي المستخدم بداخل المباني، من حيث التركيب الطيفي له وشدته، مما دفع الباحثين إلى التكهن بأن الارتفاع في شدة ضوء الشمس هو المسؤول عن التأثير الوقائي للأنشطة الخارجية، التي يتخللها التعرض لأشعة الشمس.
ومع ذلك، تشير الأبحاث التي أجريت على الحيوانات إلى أن الإضاءة الداخلية القوية يمكن أن تقدم فوائد مماثلة، على سبيل المثال، يمكن لصناديق الضوء التي يتم تسويقها كعلاج للاضطرابات المزاجية الموسمية أن توفر ما يصل إلى عشرة آلاف لوكس من الإضاءة، على الرغم من أن هذه النتائج لم يتم اختبارها على نطاق واسع من البشر حتى الآن.
• المصدر: مجلة (Well Being Journal) الإنجليزية عدد يونيه 2019.
|