القاهرة 25 يوليو 2023 الساعة 11:24 ص
كتبت: فلي هير
ترجمة: سماح ممدوح حسن
الأشخاص المصابون بالخرف لديهم الكثير للمساهمة في المجتمع، والتغييرات الصغيرة في بيئتنا وسلوكيتنا يمكن أن تساعد.. فقد جعلنا خبر إصابة الصحفية والمذيعة "فيونا فيليبس" بمرض الزهايمر نتوقف جميعًا ونفكر. حيث شعر كثيرون بالحزن الشديد عليها والخوف على أنفسهم.
ففي المملكة المتحدة، يعاني واحد من كل 14 شخصًا فوق سن 65 عامًا من الخرف، وواحد من كل ستة أشخاص فوق سن 80، لذلك من المحتمل أن يتأثر معظمنا به خلال حياتنا. ومع ذلك، فإن التعايش مع الخرف أو رعاية شخص مصاب بالمرض ليس شيئًا يخطط له الكثير منا. قالت "فيليبس" إن والديها وأجدادها وعمها مصابون بالمرض. قالت "إنه مرض كنت أظن أنني على الأرجح سأصاب به في ال 80. لكنني لا أزال فى سن ال61 عامًا فقط. حاليًا، أشعر بالغضب أكثر من أي شيء آخر".
أنا محظوظ جدًا لأن عملي مع Innovations in Dementia يجعلني على اتصال بالعديد من الأشخاص الذين يعانون من الخرف، وقد تعلمت الكثير من الاستماع إليهم والعمل معهم. إذن ماذا أريد أن أقول لفيليبس؟
أولاً، لقد شجعتني كلماتها: "أنا أتعامل مع المرض.. ما زلت موجودة، أخرج وأعمل، أقابل الأصدقاء لتناول القهوة". يوضح لنا عملنا أن تشخيض مرض الخرف يغير الحياة، لكن لا ينبغي أن يعني هذا نهايتها. هناك الكثير من الحياة المتبقية للعيش.
إذا حصل الناس على الدعم المناسب، واستمروا في الاندماج في المجتمع ومع عائلاتهم ومجتمعاتهم، فلا يزال هناك قدر هائل يمكنهم المساهمة به.
وفى داخل "شبكة مجموعات الأشخاص المصابين بالخرف من كل أنحاء المملكة المتحدة" يجتمع الناس من جميع أنحاء البلاد معًا، يقدمون تجربتهم المعيشية الحالية مع الخرف ومهاراتهم الحياتية وخبراتهم العملية.
ومن دون التعمق كثيرًا، بإمكاني التفكير فى الفنانين والممرضات والمسؤولين الماليين ومديري الشركات والبستانيين والكتّاب والمديرين والمعلمين والصحفيين. جميعهم يتعايشون الآن مع مرض الخرف، ويكتسبون الثقة والدعم من بعضهم، ويستخدمون مهاراتهم للتأثير على الممارسة الوطنية والسياسة المحلية.
فبعضهم يعملون مع الوحدات التنظيمية الصحية والجامعات، ويشتركون في تصميم وإدارة دورات ما بعد التشخيص. يقدم البعض المشورة لهيئات النقل أو البنوك حول كيفية جعل خدماتهم أكثر سهولة، على سبيل المثال باستخدام لافتات أوضح وخطوط أكبر. وصنع البعض أفلامًا للتثقيف والإلهام. يسجلون يوميات الخرف لإعطاء رؤى في حياتهم، الجيدة والسيئة والقبيحة.
ثانيًا، كنت مهتمة بشكل خاص بسماع "فيليبس" تتحدث عن التزامها بالمشاركة في البحث، والذي تقول إنه قد يساعد الآخرين على الأقل في المستقبل. وأعتقد أن المشاركة بهذه الطريقة ستساعدها هى أيضًا. نحن نعلم أن المشاركة في البحث يمكن أن تجلب الثقة واحترام الذات والمعنى. كما أخبرنا دوري الذي يتعايش مع الخرف"لقد غيرت حياتي. لا يزال بإمكاني أن أكون مفيدة "وكما تقول إيرين "لقد كان الشيء الذي أعادني لذاتي".
يدعم الكثيرون، مثل فيليبس، التجارب السريرية، وغالبًا ما يشاركون بانضمامهم في أبحاث الخرف. يشارك آخرون كمستشارين في البرامج النوعية، مع التركيز بشكل أكبر على تجارب الحياة اليومية مع الخرف. أحد الأمثلة البارزة، البرنامج المثالي بجامعة إكستر، أنتج أدلة بحثية ممتازة وموارد رائعة يمكن الوصول إليها، عن أمور مثل البقاء على اتصال والأنشطة وكلها نتائج شارك فى التوصل إليها الأشخاص المصابين بالخرف أنفسهم.
يريد الباحثون الأكاديميون بشكل متزايد إشراك الأشخاص المصابين بالخرف ليس فقط كمواد للبحث ولكن كمستشارين أو حتى باحثين مشاركين. كان برنامجنا الرائد Dementia Enquirers يدور حول زيادة مهارات ومعرفة الأشخاص المصابين بالخرف لتولي أبحاثهم الخاصة.
أكثر من 20 مجموعة، أدارت مشاريعها البحثية الصغيرة، حول الموضوعات التي تهمهم. تجربتهم تضعهم في وضع جيد للغاية لتحديد ما يجب أن تكون عليه أبحاث الخرف. في هذه المشاريع، لم يركزوا على الشفاء أو العلاج ولكن على الحواجز التي غالبًا ما تمنعهم من عيش حياة كاملة. مثلًا، ضعف وسائل الموصلات العامة، وتعذر الوصول إلى المتاجر، والأماكن الصاخبة، وطريقة عمل الهواتف النقالة، وسلوكيات العامة. أظهروا لنا أن إشراك الأشخاص المصابين بالخرف في تصميم وتخطيط وتقديم الأبحاث يجعل العمليات والمخرجات البحثية أفضل للجميع. من خلال العمل كفريق واحد، تمكن الأشخاص المصابون بالخرف من تحديد نقاط قوتهم وتأدية أدوار وفقًا لاهتمامهم أو مهاراتهم. يعترفون أن إدارة مشروع بحثي عمل شاق ولكنه ممتع ومحفز، ويبني قدرًا هائلًا من الثقة.
بعد وقت، اكتشفنا الكثير حول كيفية جعل البحث في متناول الأشخاص المصابين بالخرف، على سبيل المثال عن طريق التخلي عن الاختصارات والمصطلحات الأكاديمية الغامضة. تعلمنا أيضًا الكثير عما يجب تغييره حتى يتمكن الباحثون والأشخاص المصابون بالخرف من العمل جنبًا إلى جنب. آمل أن يستخدم الباحثون الذين يشركون فيليبس هذا التعلم لجعل العملية برمتها ممتعة وذات مغزى بالنسبة لها قدر الإمكان.
فكرتي الأخيرة عن خبر فيليبس، والخرف بشكل عام، هي أنه بعيدًا عن أن هذا أمرًا نشعر جميعًا بالعجز تجاهه، لكن يمكننا جميعًا المساعدة. نحن نضر بأشخاص مثلها إذا استخدمنا لغة سلبية بلا هوادة، ونؤطر الخرف فى مصطلحات مرعبة ومعاناة وكوارث. نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة أكثر توازنًا، ونعم، طريقة أكثر إيجابية وواقعية، للحديث عن الخرف. وعلينا أن نفهم أن مواقفنا، والتزامنا بعدم الاستبعاد، والاستماع إلى وعدم التحدث بالنيابة، يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا.
هذه الرسالة في Dementia and Hope، هي رؤية جديدة وضعتها تسعة 9 منظمات بريطانية معنية بالخرف. ورؤيتهم باختصار، هي أننا يجب علينا التركيز ليس فقط على الجوانب الطبية للخرف، ولكن أيضًا على العديد من الحواجز الأخرى التي تعطل المصابين. يجب علينا معالجة هذه الحواجز المجتمعية والبيئية بشكل استباقي، والتفكير أكثر في الحقوق والمواطنة والشمول والمساواة.
وبهذه الطريقة يمكننا أن نلعب دورنا في خلق المزيد من الأمل والمعنى لحياة أولئك الذين يتعايشون مع هذه الحالة.
نشر المقال بصحيفة الجارديان فى 23 يونيو 2023
|