القاهرة 11 يوليو 2023 الساعة 01:08 م
ترجمة وإعداد: محمد زين العابدين
By: JOHN PICKRELL
يشير كاتب المقال إلى أنه إذا لم يتم القضاء على الديناصورات، في الانقراض الجماعي الذي حدث لها، قبل 66 مليون عام؛ لكان العالم مختلفًا تمامًا اليوم ..
• ما الذي حدثَ للعالم قبل 66 مليون سنة؟
منذ حوالي 66 مليون سنة، اصطدم كويكب عرضه 14 كيلومترًا بكوكبنا. وانتشر ما يقدر بنحو 15 مليار طن من السخام في الغلاف الجوي؛ مما أدى إلى ليلٍ طويل، استمر لعدة سنوات، وجعل عملية التمثيل الضوئي شبه مستحيلة. ولقد بشَّرَ هذا الليل الطويل، بشتاءٍ لا نهايةَ له؛ شهد انخفاض متوسط درجات الحرارة، بما يصل إلى 28 درجة مئوية. هذه هي الظروف التي كان على الكائنات البائسة القليلة التي نجت من التأثير الأولي لهذه الكارثة أن تتحملها، ناهيك عن الزلازل، وأمواج(تسونامي)، وحرائق الغابات، والانفجارات البركانية التي تلت ذلك بسرعة.
انقرض ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع الأنواع، ولم ينج أي حيوان أكبر من كلب (لابرادور). لكن وفقًا للباحثين في جامعة (تكساس) بالولايات المتحدة الأمريكية؛ كان من الممكن أن تكون الأمور مختلفة تمامًا.
• ماذا لو تغَّيرَ سيناريو الأحداث؟
تفيد النتائج، التي تم الإبلاغُ عنها؛ بأنه لو كان الكويكبُ قد ضربَ الأرضَ قبل بضع دقائق فقط؛ لكان قد ضرب أعماق المحيط، بدلًا من البحر الضحل لشبه جزيرة (يوكاتان) في المكسيك الحالية.
لو كانت هذه هي الحال، لكان الضرر أقل توسعًا، وكان سيتركز في منطقة معينة. ربما نجت بعض الديناصورات البعيدة عن موقع التأثير، وكان العالم سيصبح مكانًا مختلفًا اليوم.
ويسجل التاريخ أن الديناصورات ذوات الأرجل والريش (وهي مجموعة من الديناصورات ذوات القدمين)، والتي نعرفها كطيور؛ قد نجحت في تجاوز الكارثة. ولكن كيف كانت ستسير الأمور، إذا انضم إليها أقاربها الأكبر؟..هل كانت الديناصورات ستظل على قيد الحياة اليوم، وهل يمكن أن تكون الثدييات قد تطورت مثل تطور البشر؟
• تصورٌ لتنوع الديناصورات إذا لم تنقرض:
يقول الدكتور (ستيفن بروسات) عالم الحفريات في جامعة (إدنبرة) باسكتلندا: "أنا متأكد من أن تنوعًا رائعا إلى حد ما، من الديناصورات غير الطائرة؛ كان سيظل موجودًا. وإذا لم تكن هناك صدمة مفاجئة وكارثية للكويكب، فأنا حقًا لا أرى أنه لم يكن لأي شيء حدث منذ ذلك الحين، كان من الممكن أن يقضي على الديناصورات، سواء أكان ذلك بسبب انتشار الأراضي العشبية،أو التيارات البحرية المتغيرة، أو انفصال القارة القطبية الجنوبية عن أمريكا الجنوبية؛ مما تسبب في موجة برد، أو العصور الجليدية الأحدث".
وعلى مر السنين، حاول كثيرون تخيل نوع المخلوقات، التي كان من الممكن أن تكون الديناصورات قد تطورت إليها لو نجت. وأشهر تجربة في هذا السياق، كانت كتابًا قد صدر عام 1988، بعنوان "الديناصورات الجديدة: تطورٌ بديل"، للجيولوجي،والمؤلف الأسكتلندي (دوجال ديكسون).
ومن أجل هذا العمل الرائع لعلم الحيوان التخميني، استحضر( ديكسون) مخلوقاتٍ مثل الديناصور الكبير ذي الأسنان- "cutlasstooth"وهو مفترسٌ مسنن يصيدُ قطعان الحيوانات، يعيش في أمريكا الجنوبية؛ وله دماغ متطور. وكذلك الديناصورات وحشية الأرجل، ثنائية الحركة، وذات الجمجمة الكبيرة، التي كانت تعيش في أستراليا.
ويقول الدكتور (توم هولتز) خبير الديناصورات ذوات الأقدام بجامعة (ميريلاند) الأمريكية؛ أن كلًا من الديناصورات الشبيهة بالزواحف، التي تشبه السحالي الضخمة، وتعرف بالتيرانوصورات، والأبيليصورات؛ وهما نوعان من الديناصورات آكلات اللحوم الكبيرة، التي عاشت في أواخر العصر الطباشيري، كانا معروفين بأطرافهما الأمامية الصغيرة، ويتجاوز طول الواحد منها تسعة أمتار. ويضيف (هولتز): "بالنظر إلى أن الأذرع لم تكن ضرورية للصيد، فمن المحتمل أن الديناصورات التي عاشت في حقبة الحياة الحديثة (العصر الجيولوجي الحالي)؛ كانت بلا أذرع".
• كيف كانَ سيبدو عالمُنا إذا شاركناهُ مع أحفاد الديناصورات العملاقة؟!
مع مضي الحقب الجيولوجية، من العصر الطباشيري، وصولًا إلى يومنا هذا؛ فمن المحتمل أن تكون هناك تغييرات كبيرة قد حدثت، كما يقول الدكتور (آندي فارك) من متحف (ريموند إم ألف لعلم الحفريات) في (كليرمونت) بكاليفورنيا. ويضيف: "إذا كانت الديناصورات لا تزال موجودة اليوم؛ فستكون مختلفة تمامًا عمّا نفكر فيه في نهاية عصر الديناصورات؛ فمن يدري أي نوع من أشكالها وهياكلها، كانت ستظهر في الـ 66 مليون سنة الماضية. وربما لم تكن ستتاح الفرصة للعديد من الثدييات التي نعرفها للتطور، بل وربما كانت عدة أنواع منها قد اختفت".
وهناك عديد من الديناصورات ذوات الأقدام المغطاة بالزغب الرقيق، والتي تهرول في الأشجار؛ كانت موجودة بالفعل في العصر الطباشيري. وبافتراض أن النباتات المزهرة استمرت في الانتشار والازدهار، كما فعلت في تاريخنا؛ فهل يمكن أن تكون الديناصورات الشبيهة بالرئيسيات، قد تخصصت للاستفادة من الفاكهة التي تنتجها هذه النباتات؟
ويقول البروفيسور (ماثيو بونان) عالم الأحياء القديمة بجامعة (ستوكتون) في ولاية (نيوجيرسي) الأمريكية؛ إن الرئيسيات طورت عيونًا كبيرة متجهة للأمام، وذات قدرة على رؤية الألوان؛ لتساعدها في التغذية على الفاكهة. ويتساءل:"هل هناك علاقة بين أن تكون الكائنات من آكلات الفاكهة، وأن يكون لديها دماغ أكبر؟ لا نعرف. ولكن يمكن للمرء أن يتخيل الديناصورات ساكنات الأشجار، والتي شكلت علاقة تطورية مشتركة مع النباتات المزهرة، من خلال أكلها لثمارها ونثرها لبذورها. وسواء أكانت هذه الديناصورات الآكلة للفاكهة، قد طورت مجموعات اجتماعية معقدة-مثل الرئيسيات- هي مجرد تكهنات، أم أن ذلك قد حدث فعلًا؛ فإنه كانت هناك مساحات بيئية أخرى، لم تستكشفها الديناصورات كثيرًا، وهي البيئات المائية".
ومن المثير التفكير في الشكل الذي كان يمكن أن تبدو عليه الديناصورات، إذا سارت في اتجاه الحيتانيات. ولكن إذا نجت أقاربهم من الزواحف البحرية العملاقة، مثل (الموساسور) و (البليزوصور) فربما وجدت الديناصورات صعوبة في الحصول على موطئ قدم. أيضًا، قد تعترض الديناصورات وأقاربها من الزواحف عواقب أخرى، مثل (التيروصورات) الطائرة، التي لم تتلاشَ في نهاية العصر الطباشيري.
وتقول الدكتورة (فيكتوريا أربور) عالمة الحفريات بمتحف (أونتاريو الملكي) في (تورونتو) بكندا: "تعرضت مجموعات الديناصورات الطائرة الحديثة لإشعاع متفجر بعد الانقراض الجماعي؛ ربما لأن (التيروصورات) انقرضت، وفتحت منافذ جديدة للطيور الحالية. وبدون حدوث الانقراض الجماعي للديناصورات الطائرة؛ ربما لم نكن سنشهد طيورا متنوعة وناجحة-كما هي اليوم- وربما لن يكون لدينا كائنات مثل الطيور المغردة، أو الببغاوات، أو الصقور، أو الطيور الطنانة على الإطلاق".
ويبدو أن معظم الخبراء، يتفقون على أن أكبر الثدييات البرية، مثل الأفيال، وفيل (الماموث) المنقرض، وقريباهما العملاقان، حيوانى وحيد القرن، والكسلان، وربما حتى الخيول والزرافات؛ ربما لم تكن لتتطور إذا بقيت الديناصورات الكبيرة تحتل المنافذ التي جاءت لملئها. ولكن ربما كانت الثدييات الأصغر، مثل القوارض، والخفافيش، والقرود؛ ستحقق النجاح نفسه إذا كانت هذه هي الحال، فمن الممكن أن بعض تلك الرئيسيات، قد نزلت من الأشجار إلى الأراضي العشبية و(السافانا)، التي حلت في النهاية محل الغابات الكثيفة في العصر الطباشيري، وتطورت إلى أشباه البشر، كما فعل أسلافنا.
ويقول فارك: "إذا توقعنا أن البشر قد تطوروا-جنبًا إلى جنب- مع الديناصورات، فمن المحتمل أن يكونوا قادرين على التعايش معها. ولقد تطور البشر بالفعل، في النظم البيئية التي بها حيوانات برية كبيرة، وحيوانات مفترسة". وتوافقه (أربور) الرأى بقولها: "لا يزال البشر المنفردون،غير المسلحين، أهدافًا سهلة للحيوانات المفترسة الكبيرة، مثل الدببة والأسود. ولكن، بشكل عام، البشر جيدون جدًا، في البقاء جنبًا إلى جنب مع الحيوانات الكبيرة والخطيرة".
• إنفجار سينوزويك:
ربما لم تكن الديناصورات محظوظة جدًا؛ حيث يبدو أن البشر يمتلكون مهارة خاصة لقتل الحيوانات الكبيرة. وربما كانت الديناصورات الأكبر سينتهي مصيرها إلى مصير فيل (الماموث)، وطائر (الدودو) المنقرضين. ويقول (أربور): "إن البشر بارعون حقًا في القضاء على الحيوانات الضخمة، من خلال الصيد، أو تغيير المناخ، أو تدمير أماكن معيشتها. وربما لو بقيت الديناصورات في القرن الحادي والعشرين؛ لكانت أعدادها قد تقلّصت، وتواجه خطر الانقراض-تمامًا مثل الحيوانات الحديثة- وتضيف (أربور)، أن الديناصورات الأصغر حجمًا، التي كانت تتّعدى على المحاصيل أو الماشية؛ ربما كانت ستُصاد، باعتبارها حيوانات"مزعجة"، كما هي الحال اليوم مع الذئاب وكلاب (الدنجو) البرية الأسترالية".
• ديناصورات تسكن المدن!
إن الديناصورات التي ربما قد يكون أداؤها جيدًا بشكل خاص في العصر الحديث؛ هي تلك التي يمكن أن تتعلم كيف تعيش وتزدهر، جنبًا إلى جنب مع البشر. ففي عالمنا اليوم، تتكون الغالبية العظمى من الكتلة الحيوية الحيوانية، من الأنواع التي نرعاها، أو قمنا بتدجينها، أو تلك التي تعيش حول مدننا وتوسعاتنا العمرانية؛ وهكذا كان من الممكن أيضًا أن يكون هناك واقعٌ، يتعايش فيه البشر والديناصورات معًا. ومع ذلك، ربما تكون فكرة أن البشر قد تطوروا في عالم ممتلئ بالديناصورات، هي ببساطة بعيدة التحقق. فلولا اختفاء الديناصورات، ربما لم تكن للثدييات الفرصة نفسها في البقاء والتطور.
• المصدر: مجلة (BBCK knowledge) الإنجليزية - عدد أبريل 2018.
|