القاهرة 27 يونيو 2023 الساعة 01:28 م
![No description available.](https://scontent.fcai22-4.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/356889074_2554372891368286_4058147201002449394_n.jpg?_nc_cat=104&ccb=1-7&_nc_sid=ae9488&_nc_ohc=1DNbo4tU8agAX-L2xqn&_nc_ht=scontent.fcai22-4.fna&oh=03_AdRh_5nH-xenNu3nUKbri8Vr_fmNVZ9cB1-X2xt1Au9pqw&oe=64C2395B)
بقلم: سماح ممدوح حسن
صدرت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب فى دورته ال54 يناير2023، رواية "سوق العايقة"، من تأليف علا عبد المنعم، ومن اصدارات دار أكوان للنشر والتوزيع.
لا تزال الرواية التاريخية هى المفضلة لدى الكثيرين، خاصة عندما يتعلق الحدث التاريخي فيها بالإنسان، فالتاريخ الرسمي يُحكى عن الأماكن والأحداث والقادة العظام والمنتصرين لكن في رواية"سوق العايقة" يُحكى التاريخ فيها عن البشر وتأثر وتأثير مصائرهم في بعضهم البعض والحدث التاريخي هو خلفية الجميع.
فالرواية بين أيدينا وإن كان عنوانها يحمل اسم مكان، إلا أن الإنسان بالأساس سبب لنشأة هذا الاسم. تدور أحداث الرواية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وتسير في خطين سرديين لبطلتين، امرأتين، فرقتهما الحياة دون أن تعرف إحداهن بوجود الأخرى.. "توبة وبسيمة".
تبدأ الرواية من "سوق العايقة" الذي سمي تيمنا بسيدة امتهنت "إدارة بيت دعارة" عندما كانت المهنة مُباحة في مصر، بعدما دفعت الموت عن فتاة كادت أن تُقتل.
• دوائر حياتية تفضي إلى بعضها
قُسّمت الرواية على هيئة فصول، يعنّون كل فصل باسم مَن سيحكي قصتها الرواي العليم..
تبدأ حكاية الفتاة اليتيمة "بسيمة" التى تدافع عن نفسها بضرب زوج أمها المتوفية بحجر على رأسه، بعد محاولته الاعتداء عليها وتفر هاربة، بعدما ظنته خطأ أنه مات. تقابلها صدفة السيدة "عديلة" التى تأويها فى بيتها مقابل العمل كخادمة لديها، بعدما رجعت عديلة إلى زوج الأم سراً لتتقصى خبر وفاته، وتكتشف أنه لا يزال حيا، لكن لا تصارح بسيمة بهذه الحقيقة لتظل أسيرة مطيعة لديها، وبالمثل يعتدى ابن عديلة "منصور" على بسيمة، وتطردها السيدة بعدها من البيت، لتذهب وتعمل فى مكان للدعارة.
تدور الحياة وتستطيع "بسيمة" الاستقلال عن مكان عملها، وبعدها تقرر الانتقام من منصور وأمه، لكن كان للقدر تصاريف مختلفة.
تسير الرواية كالتالى، فصل يحكى عن "بسيمة"، يعقبه فصل يحكي عن "توبة"، والتى ستكشف الرواية مفاجأة عنها فى النهاية.
"توبة" سيدة صغيرة تزوجت بمن يكبرها وكانت راضية، حتى أصيب الزوج بحادث وشُل، وقضى بقية أيامه قعيدا. لكن السيدة الصغيرة تقع فى حب الفنان التشكيلي "جلال" الغريب عن البلدة الريفية الصغيرة. يمارسان الحب معا وتحمل بطفلة. يعلم أهلها وأهل زوجها بما حدث فيحاولون قتلها. لكن القدر ينقذ حياتها للمرة الثانية بعدما استطاعت الهرب وجلال من يد المنتقمين. وتنجو بفضل السيدة التى ستعلم فى النهاية مفاجأة عنها.
• الحدث التاريخي ومصائر البشر
لم تكن"توبة" طوال حياتها فتاة يتيمة كما أقنعوها منذ صغرها، ويربيها المحسنون. كانت واحدة ممن شهدن وتأثرن بالأحداث الدامية التى وقعت فى القاهرة بعد احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين، واندلاع المظاهرات ونشوب الحرائق على أثر "أحداث حريق القاهرة الشهير" فى كل مكان، لتقضى على اليهود وتدفعهم للخروج من مصر. تلك الأحداث التى قالت الكاتبة فى الرواية إن أكثرها من صنع جماعة "الإخوان المسلمين، أتباع حسن البنا" فى مصر حينها. لكن حينئذ كانت توبة صغيرة، أصغر من أن تتذكر ما حدث.
قررت "بسيمة" الانتقام من منصور وأمه، فتزوجته. كانت تعرف ان زواجها من ابن السيدة التى طردتها وحجبت عنها حقيقة أنها لم تكن قاتلة، والتى لو كانت عرفت بتلك الحقيقة لتغيرت حياتها للأفضل، تعرف أن هذه الزيجية ستقتل السيدة فنفذتها. لكن الأقدار هنا غيرت خطتها وحملت بسيمة فى طفلتها، ابنتها ومنصور، فنسيت بقية خطة أنتقامها تماما.
علا شأن الزوجين، بسيمة ومنصور، ماديا وفى الأوساط الاجتماعية حتى صارا من علية القوم. فى اليوم الذى قررت فيه الاحتفال بمولد ابنتها وحصول زوجها على لقب "الباشوية" ذهبت لتطمئن على بعض متطلبات الحفل من أطعمة، وأثناء تواجدها فى المكان هاجم الثوار المتجر المملوك لأحد اليهود.
أصيبت السيدة، وفقدت وعيها ودخلت فى غيبوبة لمدة شهر كامل. وفى الوقت نفسه حدث هجوم على كازينو بديعة مصابني الشهير فى قاهرة الأربعينيات، وتوفي فيه الزوج منصور. أما الابنة فقد انقلبت حياتها كليا وبدأت تأخذا مسارا مغايرا، بعدما حرقت نار الحقد والغيرة قلب مَن ظنه الجميع صديق للعائلة، الصديق الذى أقنع الجميع بأن الفتاة ماتت فى الاحداث وقد تعّرف على جثتها ودفنها بعد انشغال الجميع بموت ودفن الأب وغيبوبة الأم.
وليكمل القدر تصاريفه، تدور الأيام وتربط مصائر الأحياء ببعضها، الظالم والمظلوم. فالصديق الحقود ما قام بفعلته إلا ليغنم ما ليس حقه، وليكسب لابنه اليتيم أيضا أما جديدة، لكن بيده وقع ابنه فى مصير لم يكن يتوقعه أبدا. فجاءت نهاية الرواية لتؤكد "أن على الباغي تدور الدوائر". فتضافر مصير الابن "جلال" بمصير الطفلة "توبة" التى زيّف موتها ويتّمها فى حياة أمها.
يذكر أن مؤلفة الرواية الكاتبة علا عبد المنعم صيدلانية، تكتب القصة القصيرة والرواية، حازت جائزة ساقية الصاوي في القصة القصيرة، كما فازت بالنشر في الكتاب الذهبي الصادر عن روزاليوسف في القصة القصيرة 2021.
|