القاهرة 25 ديسمبر 2022 الساعة 01:30 م
السادة المسافرون في رحلة عبر كوكب الأرض عبر الخطوط الدولية للتنمية المستدامة، أود أن أهنئكم على سلامة الوصول إلى منطقة الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء التام على الجوع وإتاحة الأمن الغذائي والتغذية المحسنة أو الصحيحة وتعزيز الزراعة المستدامة، فنحن الآن في المنطقة الأكثر جوعًا، وبحلول 2030 سيكون على الله حكايتنا!
يواجه نظام الغذاء العالمي ضغوطات لا طاقة له بها، مما ينعكس على قدرته في القضاء على أزمة الغذاء في الكرة الأرضية، وهو ما بحث عنه ديفيد ريف، المؤلف والصحفي الأمريكي في كتابه الصادر حديثًا بعنوان "عار الجوع"، حين قال: "هل يمكن أن يضمن سبعة مليارات نسمة يعيشون الآن في العالم أنهم سيُغذون بطريقة صحيحة؟.
ولكن لماذا طرح "ديفيد" هذا السؤال؟، والإجابة تكمن في أن هناك وعودا عالمية بتوفير الغذاء لتسعة أو عشرة مليار نسمة سيعيشون على كوكب الأرض بحلول العام 2050، فهل بمقدور نظام الغذاء العالمي الآن، توفير الغذاء الصحيح لهذا العدد من البشر، بشكل عادل ومساواة بين شمال وجنوب الكرة الأرضية، فإن مستقبل العالم بالمعنى الأساسي والوجودي يتوقف على إيجاد أجوبة لهذه الأسئلة.
في تقرير نشر عبر موقع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة WFP، أشار في الافتتاحية إلى أن العام 2022، واجه العالم عدة أزمات معا وهي النزاعات وجائحة كوفيد 19 وأزمة المناخ وارتفاع التكاليف لتشكل خطرا على ما يصل إلى 828 مليون شخص جائع في جميع أنحاء العالم.
وكشف تقرير الـ WFP عن أن نحو 828 مليون شخص ينام كل ليلة وهم جوعى، وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد - من 135 مليونًا إلى 345 مليونًا - منذ عام 2019، وهناك حوالي 50 مليون شخص في 45 دولة على حافة المجاعة.
ولكن تقرير برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة، أكد قلة الموارد ووصولها إلى أدنى مستوياتها، مما يجعل البرنامح في حاجة ملحة وضرورية إلى 22.2 مليار دولار أمريكي للوصول إلى 152 مليون شخص في عام 2022، لسد الفجوة بين الاحتياجات وشدتها والتمويل.
لقد أثارت قضية الغذاء والقضاء على الجوع والفقر العالمي اهتمامات الرأي العام الدولي منذ عقود مضت، ووضعت ضمن أولويات أهداف التنمية المستدامة وضمن الاستراتيجيات على المستوي الإقليمي والوطني في العديد من المناطق والدول، ولكنها ما زالت أزمة تؤرق الأنظمة والحكومات في كثير من الدول، نظرًا لاتساقها مع عوامل أخري تساهم في تفاقمها وأخري تعد تداعيات لهذا التفاقهم.
وتشهد الرؤى العالمية تباينا في وجهات النظر بين العاملين في مجال التنمية ونشطاء حقوق الإنسان المنحازون إلى التفاؤل الداعم لهم في تنفيذ عملهم بشأن نظام الغذاء العالمي في المستقبل، إذ يعتقدون أنه بدون التفاؤل بحل الأزمة ليس بمقدروهم أداء ولو نصف مهام عملهم بشكل جيد، إذ أنهم يدعمون فكرة قدرة نظام الغذاء العالمي على توفيراحتياجات نحو 10 مليار شخص بحلول 2050.
بينما تذهب جماعة أخري من عالم التنمية بمعارضة هذه الرؤي بنظرة تشاؤمية، معتبرة أن هذا التفاؤل يقع تحت بند الكليشهات السائدة في هذا المجال، خاصة وأن الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة "القضاء التام على الجوع" يشهد تراجعا منذ أن اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في عام 2015.
وفي الأخير لم أجد أفضل من ختام تقرير الأمم المتحدة الذي قالت فيه: "ونحن الآن على مفترق الطرق، وحتى نتجنب كارثة الجوع التي يواجهها العالم، يجب على الجميع أن يتعاونوا مع الحكومات المانحة، التي تشكل تبرعاتها السخية الجزء الأكبر من تمويل برنامج الأغذية العالمي، ويمكن لشركات القطاع الخاص دعم عملنا من خلال المساعدة الفنية ونقل المعرفة، وكذلك تقديم المساهمات المالية، كما يمكن للأفراد أصحاب الثروات والمواطنين العاديين على حد سواء أن يلعبوا دورًا، ويمكن للشباب والمشاهير رفع أصواتهم أمام ظلم الجوع العالمي، وإذا لم يتم توفير الموارد اللازمة، فإن الثمن الذي سيتكبده العالم سيكون فقد أعداد كبيرة من الأرواح وفقد مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس".
|