القاهرة 04 يناير 2021 الساعة 04:31 م
أحمد مصطفى عمر
في عالم متسع يراهن على الهوية الإنسانية بعيدا عن الخصوصيات المحلية تدوةر أحداث رواية حاتم حافظ الجديدة "كقطة تعبر الطريق"، والتي تصدر خلال ا?يام عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة. إنها مغامرة جمالية جديدة وغير معتادة في الا?دب المصري، ليس فقط لا?ن شخصيات روايته من غير المصريين، لكن لا?ن الا?حداث نفسها تدور بالكامل في "المنافي" بين بازل السويسرية وباريس الفرنسية فضلاً عن منافي ا?خرى في الخلفية.
ينطلق حاتم حافظ من الما?زق السوري، لينتشل بطلته "عالية" من تحت ا?نقاض البلد الذي دمرته الحرب، ويجعلها بطلة لروايته.
تهاجر عالية رفقة طفلتها لتستقر في باريس مترجمةً ا?دبية لحساب ا?حدى دور النشر.. حيث ستجد نفسها في مهمة لترجمة رواية عن جميع الا?مكنة التي لم يعد لها وجود خارج ذاكرتها.
بالتقاطع مع عالية سيظهر "ميشيل"، الفرنسي، الذي سيتقاسم معها السرد في الجزء الا?ول من الرواية قدر ما يقتسم معها الحياة وما?زق الوجود، قبل ا?ن يصبح كلاهما، رفقة شخصيات ا?خرى، موضوعًا للراوي العليم في الجزء الثاني، وحيث تحفل الرواية بمغامرة على مستوى التكوين والبنية والشكل الروائي، تضعها في مصاف الا?عمال التي تقدم اقتراحات فنية طازجة وغير تقليدية في السرد المصري الجديد.
فضلاً عن "عالية" و"ميشيل"، ينهض رهط من الجنسيات، جميعها هاربة من حروبها، مثل "ا?ولجا" العجوز من بيلاروسيا الهاربة قبل سنوات من جحيم تشيرنوبل، و"سهيلة" العراقية الباحثة بلا جدوى عن نفسها على خلفية وطن مرتبك مفتت، و"نعمة" التونسية الممزقة بين عدة هويات، و"ا?يهاب" المصري الذي يخفي جنسيته ليقدّم نفسه كهندي، وغيرها.
"كقطة تعبر الطريق" رواية موضوعها "العالم" وليس مكاناً بعينه ا?و هوية دون غيرها. اإنها رواية الإنسان المنسحق في ا?لة العولمة الجبارة، والذائب في مقدرات خلقتها قوى هائلة تحدد له مصيره وتمزق خراي?طه لتدفعه نحو الموت ا?و الجنون.
جميع شخوص هذه الرواية مغتربون، كلٌ منهم هارب من حربه الكبرى والخاصة معاً، باحث عن طوق نجاة ينتشله من جحيمه الشخصي.
كل شخص هنا يعبر ضفته نحو ضفة ا?خرى.. عبوراً سريعاً مرتبكاً، بالضبط كقطة تعبر الطريق طامحةً في الوصول للرصيف المقابل.. لكن حياتها قد تضيع في لحظة، تحت عجلات سيارةٍ مسرعة.
ومن أجواء الرواية:" "ا?نا غاضبة.. غاضبة لا?ني مجبرة على رحيل لا ا?ريده.. غاضبة لا?ني مجبرة على العيش في بلاد لا ا?ريدها.. غاضبة لا?ني مجبرة على عمل لا ا?ريده.. غاضبة لا?ني مجبرة على قطع مسافات لا ا?ريد قطعها وطرق لا ا?ريد عبورها.. ا?نا غاضبة.. غاضبة لا?ن ا?مي تموت في بلد لا تريده وسوف تُدفن في ا?رض لا تريدها.. غاضبة لا?ني حتى لن ا?كون هناك لا?بكيها.. غاضبة لا?نها سوف ترحل وحدها في صمت.. دون بكاء.. ا?و نحيب.. ا?و لطمة.. ا?و صرخة غاضبة.. لا?ن ا?حداً لا يعرف ا?مي.. لا?ن ا?مي لم يعد لها ا?حد.. لا?ن الراحلين رحلوا والغاضبين غضبوا والميتين ماتوا دون ا?ن يسا?لونا عن را?ينا".