القاهرة 06 اكتوبر 2020 الساعة 09:12 ص
بقلم : أسماء هاشم
غالبا، يظل الارتباط الاقتصادي بين الأخوة قائما بعد موت الأب، وبالتالي يتأخر تقسيم الميراث بينهم.. الأسرة ممثلة في الأبناء الذكور ملتزمة بواجب ناحية الجماعة التي تنتمي إليها وأيضا الجماعات القريبة.. معروف أن القيام بهذه الواجبات والالتزام بها يضيف لرصيد الأسرة جميعها في مقام المكانة الاجتماعية، ولما كانت تقدم باسم الأسرة جميعا وتضيف للجميع بنفس المقدار فهي أحد المبررات الظاهرية لاستمرار الارتباط الاقتصادي بين الأفراد؛ لأنها تكلف الأسرة مبالغ مالية من الظلم أن يتحملها فرد واحد.
في فترة الارتباط الاقتصادي يكون على أحد الأبناء القيام بدور الأب الراحل. دوره داخل البيت وخارجه.. يؤدي واجباته والتزاماته ناحية الجماعة الصغيرة (الأسرة) والجماعة الكبيرة (القبيلة والقرية).
تختلف مدة الارتباط الاقتصادي من عائلة لأخرى؛ إذ تطول المدة إذا كانت الأم على قيد الحياة وكلما كان هناك أخوة صغار أو بنات لم يتزوجن.
الميراث غالبا أرض زراعية ينفق من ريعها على بيت الأسرة والالتزامات المادية نحو الاخوات والجماعة الأكبر ..الأخوة الذكور الذين لم يكملوا تعليمهم والبنات حتى يتزوجن.. وبعد الزواج تحرص العائلة على واجب نحو بناتها بعد ذهابهن إلى بيوت أزواجهن. هذا الواجب يحتم على أهل البنت أن يرسلوا إليها في المواسم والأعياد من خير بيت أبيها لحوم وطيور وسلع جافة تختلف كميتها حسب مكانة الأسرة ومقدرتها، غير أنها لا تقل عن حد أدنى يكفي لضيافة البنت وأهل زوجها لمدة أسبوع على الأقل. الزيارة للبنات يحرص على إرسالها الأخ الذي تولى مقام الأب ليعلي من شأن ابنتهم في بيت أهل زوجها.. المواسم أو الزيارات التي ترسل للبنات والالتزامات الأخرى في أفراح ومآتم القرية تعتبر الباب العالي الذي تمر منه حيل السلب التي يقوم بها من يتولى شئون إدارة ميراث الأب.
في سنوات الارتباط الاقتصادي، غالبا يتم استثمار جزء من ريع الأرض لزيادة رقعة ما تركه الأب أو زيادة الثروة من رؤس الماشية وخلافه نتيجة لتداول وتدوير رأس المال الموروث من الأب، غير أن من يدير شؤون العائلة المالية ووكيل الأخوة ينسب هذه الزيادة لنفسه.. وفي أحسن الأحوال يشرك أحد الأخوة الذين كانوا وزراء حكومته في جمهورية الأب الراحل.
بعد مرور السنوات، سيجلس الأخوة ليقتسموا ميراث الأب الذي هو ما تركه فقط ووفق شريعة التوريث التي تطبق هنا كما ذكرت ما زاد عما تركه الأب فهو يخص فردا واحدا فقط وهو القائم مقام الأب حتى لو كانت الزيادة استثمارا لمال الأب أو أصل الميراث الذي يخص الكل. ثانيا يخصم من أصل الميراث تكاليف تعليم وزواج الأخوة الذين تركهم الأب قُصّر.. كما يخصم منه ما كان يعطى للبنات على سبيل الزيارة.. الابن الذي تعلم وحصل على وظيفة تخصم الوظيفة من نصيبه؛ أما البنت التي أكملت مراحل التعليم وتوظفت فلا يحق لها المطالبة بالميراث. نصيبها من الميراث كان ثمنا لتعليمها وتوظيفها!
القائم مقام الأب والمتصرف في ميراثه بموجب اتفاق عرفي أو توكيل رسمي ينحاز لمصلحته ويختص نفسه بكل ما أضافه بعد موت الأب حتى لو كانت هذه الإضافة نتيجة لاستثمار ميراث الأخوة. الطرق التي يمهدها الطمع تيسر له حرمان كل الضعفاء من نصيبهم، حتى الأخوة الذكور أما الإناث فلو تبقى لواحدة منهن ميراث في بيت الأب فهو مجرد مسمى لحق لا تستطيع الحصول عليه أو التصرف فيه، فالبيت لأبناء المتوفي الذكور! أما الأرض الزراعية فلا يحق لها المطالبة بها. كم من امرأة في الصعيد ترث بيوتا وأراض، ولا يحق لها التصرف فيها.. مجرد مسمى مجمد.. حتى زوجها لا يحق له المطالبة بميراثها إلا لو كان لها ولد يستطيع أن يقوم بمهام الزراعة، وحتى هذه الحالة نادرة، وكثيرا ما يشتري الأخ المتصرف في مال الأب نصيب أخته وبثمن بخس!