القاهرة 29 سبتمبر 2020 الساعة 11:51 ص
بقلم : جينفر إيجان
ترجمة: سماح ممدوح حسن
"لا يمكنك الكتابة بانتظام إلا إذا كنت تسعى لكتابة سيئة... تقبل الكتابة السيئة على سبيل التمهيد، كتمرين يساعدك على الكتابة الجيدة".
فى البداية نبدأ بالسؤال المحوري "لماذا يكتب الكتّاب؟" تُجيب جنيفر إيجان وتقول:
"تعتبر الكتابة شكلا من أشكال الرعاية الذاتية والحيوية. عندما لا أكتب أشعر أن شيئا من وعيى مفقودا، وكلما طالت فترة الإحجام عن الكتابة يُصبح الأمر أسوء، أيأس، أشعر أن هناك شيئا حيويا لا يحدث. فينمو دمار معين ببطء، يمكنني التحرك لفترة من دون الكتابة لكن فيما بعد تُخدر أطرافي. فهناك شيء سيء يحدث لي وأنا أعلم ذلك، وكلما طال الانتظار زادت صعوبة البدء من جديد. عندما أكتب، خصوصا إن كانت الكتابة تسير بشكل جيد، فأنا أعيش فى بُعدين مختلفين: أحدهما هذه الحياة التى أعيشها الآن، وأستمتع بها كثيرا، وثانيهما هو العالم الآخر الذى أسكنه ولا يدرى أحد عنه شيئا".
"إيجان" مثلها مثل العديد من الفنانين، يُمثل النمط المختلف من الحياة الواقعية، يجسدون نظرية رائد علم النفس "ميهالي تشيكسينتميهايلى" فى التدفق الأسمي لما وصفته الكاتبة العلمية ديان إكرمان، باللعب العميق. وهى حالة ذات أهمية تطورية ووجودية أساسية. وعن هذا تتحدث إيجان بشكل بديع وتقول:
"عندما أكتب أنسى من أنا، ولماذا أتيت. أنغمس تماما ويستوعبنى ما أكتب. أحب الشعور بالانخراط تماما فى الجانب الآخر، وأفقد اتجاهاتى قليلا هناك. عندما انتقلت من عقلية الكاتبة وحياتها، إلى إقلال أبنائي من المدرسة فهذا يشعرني، غالبا، بنوع قصير لكنه حاد جدا من الاكتئاب، كما لو كنت أعاني التخبط. لكن بمجرد أن أصبح مع كتاباتي يزول الاكتئاب وتعود إلي السعادة مرة أخرى. أحيانا أنسى أن لدي أطفالا وهذا غريب جدا، بالتأكيد أشعر بالذنب، وأشعر كما لو أن إهمالي سيتسبب فى حدوث شيء سيء لهم، حتى عندما لا أكون مسؤلة عنهم....".
وتضيف إيجان وسواسها المتنامي بالكتابة وتقول:
"عندما تسير الكتابة بشكل جيد، أحاول أن لا أكون مبتذلة، أشعر أن هناك مصدرا يغذيني. وفى ذلك الوقت لا أهتم إن كانت أمور حياتي تسير فى اتجاه أو بشكل خاطئ. فلدي مصدر طاقة بديل وفعال. وعندما تسير الكتابة بشكل سيء، فهذا يكون أمرا سيئا بل وأسوء من عدم الكتابة على الإطلاق. فكأنما هناك تسريب أو إهدار للطاقة من هذه الكتابة السيئة، حتى لو كانت بقية حياتى تسير بشكل جيد. أشعر بالسوء حقا. أنا متسامحة قليلا تجاه أي خطأ يحدث، ولا أشعر بالسعادة المطلقة تجاه الأشياء الجيدة. وكان الوضع أسوء قبل أن أرزق بالأطفال. أنا ممتنة لأنهم أنسونى ما يحدث فى حياتي المهنية".
تتحدث إيجان عن الآثار النفسية والعاطفية لفوزها بجائزة البولتزر وتقول:
"إن الاهتمام والتأييد الذى حظى بهما كتاب "زيارة لفرقة جون سكود" وبالتحديد اللحظة التى أعلنت فيها فوز الكتاب بجائزة البولتزر، هذا تماما عكس متعة الكتابة الخاصة، وهو أمر خطير؛ لأنى سأفكر بأني سأحظى بهذا النوع من الحب مرة أخرى، وسأفكر أن هذا لا بد وأن يكون هدفي، وهذا سيقودنى إلى قرارات إبداعية من شأنها إتلافي وإتلاف عملي. أنا لم أطلب هذا التأييد قط، وهذا سبب إضافى لعدم رغبتى فى البدء الآن. كل مساعيى الإبداعية هى نكران عملي الأخير مع ميلاد عملي الجديد. فإذا خُلقت لدي رغبة لتأييد عملي كما حدث مع كتاب "زيارة فرقة جون سكود" فهذا لن ينتج عنه أي جيد. أنا أعلم ذلك، لكن هل نتوقف عن التحسن؟ لا، لا يوجد عذر لذلك".
تضيف إيجان قائلة:
"لدى الجميع ميل للاعتقاد أن اللحظة الحالية ستستمر للأبد، وربما لو لم أكن مميزة هذا الشهر سأشعر بأنى محطمة ومصدومة، وسأنسى كل ما قلته فى هذه اللحظة. لكن أملى هو وجود الأدوات اللازمة للتعامل مع هذا".
تختتم إيجان حديثها بتقديم ثلاث نصائح مهمة للكتاب الطموحين وهى:
- إقرأ فى المستوى الذى تريد أن تكتب به. القراءة هى الغذاء الذى تتغذى عليه الكتابة التى تريدها. فإن كان ما تريد قراءته (أي) فمن الصعب عليك كتابة (أكس).
_ التدريبات الرياضية تشبة الكتابة، فإن لم تكن معتادا على الرياضة فستقضي عمرك وأنت تتجنبها. وإن اعتدت عليها فستشعر بعدم الراحة والغرابة إن لم تمارسها. لايهم أين تكون عندما تكتب، وأيضا لا يهم ماذا تكتب. فحتى لو كتبت لمدة خمس عشرة دقيقة يوميا فهذا سيُنمى لديك عادة الكتابة.
_ لا يمكنك الكتابة بانتظام إلا إذا كنت مستعدا للكتابة بشكل سيء، فلا يمكنك الكتابة بانتظام وبشكل جيد معا. يجب على المرء تقبل الكتابة السيئة على سبيل التمهيد، كتمرين يساعدك على الكتابة الجيدة.
فى كتابها "لماذا نكتب" تسرد جينفر إيجان نصائح إلى العديد من الكتاب الكبار، للكتاب الجدد، هذه النصائح هى التى ساعدتهم للوصول إلى كتابة عظيمة.