القاهرة 11 يونيو 2020 الساعة 10:15 ص
معروف أن الفلسفة كانت قديما هى الأم الرءوم التى تطوى جناحيها على سائر العلوم؛ وأن بين الفلسفة والعلم علاقة وثقى وحوار عميق؛ بحسب ما أشارت إليه الدكتورة يمنى الخولي فى كتابها " فلسفة العلم"؛ وأن فلسفة التنوير تصهر عقلانية العلم وتجربيته معا فى إطار إيمانها الطاغى بالتقدم البشرى؛ وكان نتاج هذا أن نهضت فرنسا وألمانيا فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر كانت بفضل فلسفة التنوير التى سادت.
دور الفلسفة فى تطوير التفكير العلمى و مناحى الفكر الإنسانى؛ إلا انه فى عام 1990 خلت برامج الدراسة من مادة الفلسفة فى مرحلتي الليسانس والدراسات العليا بجميع اقسام التاريخ بالجامعات المصرية بعد أن الغيت المادة عند تعديل اللائحة بعد ان ادخل تدريسها إلى برامج اقسام التاريخ بآداب القاهرة فى اوائل الثمانينات دون سبب يذكر؛ و غابت دراسة فلسفة التاريخ وغاب معها الجانب التفسيري و مدارسه المختلفة؛ وأصبحت طريقة التدريس تعتمد على التلقين دون تحفيز على التفكير العلمى الحديث!.
فى فترة العشرينات من القرن الماضى كان لقوة الافكار الغربية عن التنوير و الليبرالية؛ وهو التيار الذى جسده فى مصر ممن تأثروا بالشيخ محمد عبده، و انتشرت آرائهم وافكارهم عبر المساهمات الفردية مثل احمد لطفى السيد وعلى عبد الرازق و نجيب محفوظ وكان لها من القوة و الاثر مما انتشرت به عبر المؤسسات السياسية والحزبية، وهو ما عبرت عنه على سبيل المثال كتابات احمد لطفى السيد التى تحمل تأثرا واضحا بكتابات فلاسفة التنوير فى فرنسا مما اهله ان يكون رائدا للتيار الليبرالي العقلاني فى مصر، وهو تيار امتد حتى خمسينيات القرن الماضى .
ترى ما اسباب انحسار الفكر الليبرالي فى مصر منذ الخمسينيات من القرن الماضى حتى الان؟؛ تجيب الدكتورة إيمان العوضي عن هذا السؤال فى كتابها الموسوم" الفكر الليبرالي فى مصر 1919_ 1961"، ان ابرز الاسباب تمثلت فى حالة الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ حيث سيطرت مساوئ الرشوة والفساد وإذلال المواطنين الكادحين بينما تنعم الطبقة البرجوازية العليا بالرضى الملكى وتسيطر على كل مصادر وعوائد الدخل القومى فى الوقت الذى سادت فيه الشارع المصرى حالة من العضب والغليان تجاه الممارسات الفاسدة التى انتشرت فى كل مؤسسات الدولة حتى قامت ثورة 23 يوليو 1952 وبروز الاتجاه الاشتراكى، وللحديث بقية..