القاهرة 28 مايو 2020 الساعة 12:56 م
فى المقالين السابقين تحدثنا باستفاضة عن جوانب التغير الاجتماعى فى المجتمع والتي تسمح بازدهار الشخصية الانسانية داخل مجتمعنا المصرى؛ فى محاولة متواضعة منا للبحث فى ما الت اليه التغيرات التى شهدها مجتمعنا المصرى والتي ساهمت فى خمول الشخصية المصرية بعد صحوتها فى كافة مجالات الحياة.
بعد أن بحثنا فى تأثير البناء الطبقي وتبدلاته داخل مجتمعنا المصرى، وأثر ذلك فى تكوين الشخصية المصرية، وما صاحبه من تأثيرات بالغة على لغتنا ومفرداتنا، وهويتنا، يبقى ملف التعليم مرتكزا من مرتكزات التحضر والتقدم و بناء الشخصية الانسانية بشكل عام.
كتب عن ماضى التعليم وحاضره كثيرون، ولكن مسألة استشراف واقعنا التعليمى لم يتطرق إليه الا قلة قليلة من المفكرين المصريين ومن بينهم الدكتور ضياء الدين زاهر استاذ علم التربية الذى تتسم دراساته بالأصاله.
فى كتابه الموسوم " كيف تفكر النخبة العربية فى تعليم المستقبل"؛ وبحثه المنهجى فى سوسيولوجيا العلم وموضوعه" الإنتاجية العلمية لأعضاء هيئة التدريس بجامعات الخليج العربى" بالاشتراك مع الدكتور محيى الدين شعبان توجه، ذهب الدكتور ضياء الدين زاهر فى مقدمة كتابه الى ما اطلق عليه" خطايا التعليم العربى السبع"، وهى: الخطيئة الاولى هى التنمية التربوية المشوهة وقصد بذلك ان واضعى السياسات التعليمية منذ الستينيات شغلوا انفسهم بإستيعاب الطلب المتزايد على التعليم مما جعلهم فشلوا فى تحقيق اهدافهم فى مجال التوسع الكمي والكيفى؛ فقد عجز التعليم عن تعظيم العائد الاجتماعى، كما فشلوا فى الاستجابة لأسواق العمل العربية.
أما الخطيئة الثانية هى تفاقم الفجوة بين الخطابين "الرسمى والواقعى"؛ والخطيئة الثالثة أن التعليم العربى لم ينجح حتى الآن فى ان يحقق ديمقراطية التعليم؛ حيث أنه مازال تعليما للنخب والمحظوظين، أما الخطيئة الرابعة تمثلت فى ارتفاع التكلفة مع انخفاض المردود، بينما مثلت تنمية البطالة الخطيئة الخامسة.
تهافت محتوى التعليم كان بمثابة الخطيئة السادسة التى توصل اليها الدكتور ضياء الدين زاهر فى بحثه المشار اليه، بينما كان غياب التخطيط المستقبلي للتعليم هو الخطيئة السابعة والأخيرة.
فى الوقت نفسه؛ أستطاع الباحث أن يستطلع آراء عينة من النخبة العربية فى مجال التعليم من خلال أستخدامه لإسلوب"ديلفى" وهو أحد الأساليب الشهيرة فى الدراسات الاجتماعية والمستقبلية للوصول إلى خريطة متكاملة لآراء الخبراء بشأن القضية المطروحة وتوقعاتهم بالنسبة للمستقبل؛ وذلك فى ست مسائل رئيسية وهى: "أهداف التعليم، مضمون التعليم، تنظيم التعليم، إدارة التعليم، مهنة التعليم وإعداد المعلم، القيم المجتمعية المستقبلية"؛ وهو ما جعل الباحث يضع يده على قائمة بأكثر من خمسين مشكلة وتحديًا مستقبليًا، صنفت فى ثمان مجموعات رئيسية هى: "تحديات اقتصادية وتكنولوجية، وتحديات المسالة الاجتماعية، وتحديات ديموجرافية وبيئية، التبعية والاستعمار الجديد، والأمن الوطنى والتهديدات الخارجية، والمسألة القومية الوحدوية، والمسألة التعليمية، والمسألة الديمقراطية والمشاركة الجماهيرية".
ختاما؛ بالنظر إلى عدد براءات الاختراع التى اصدرها مكتب براءات الاختراع المصرى نحو 343 حتى شهر نوفمبر من عام 2011، نجد ان 12.2% منها فقط صدرت لمصريين!