القاهرة 14 ابريل 2020 الساعة 11:37 ص
كتب: طلعت رضوان
توفيق الحكيم فى أعماله الكثيرة، سواء الإبداعية أوالفكرية، أثبت ولعه الشديد بتوظيف (ملكة الخيال) وهوما فعله عندما فكــّـرفى (خروج أهل الكف) الذين جاءتْ قصتهم فى القرآن..وفى سورة بنفس الاسم (الكهف) وهى السورة رقم18 حسب ترتيب السورفى مصحف عثمان..وهى عن الفتية الذين ((ضربنا على أذانهم فى الكهف سنين عددًا، ثـمّ بعثناهم لنعلم أى الحزبيْن..وسيقولون ثلاثة ورابعهم كلبهم. وسيقولون خمس..وسبعة وثامنه كلبهم..إلخ (سورة الكهف- الآيات من 11- 22)
قرأ الحكيم هذا النص الدينى..وأطلق عقله ليسبح فى فضاءات الخيال..وبالتالى طرح على نفسه هذا السؤال: ما انطباع أهل الكهف لوخرجوا للحياة..ورأوا الواقع الجديد، بعد أنْ مكثوا فى الكهف ((ثلاثمائة سنة..وازدادوا تسعـًـا)) (سورة الكهف- الآية رقم25)
بدأ الحكيم الفصل الأول بحواربين أشخاص المسرحية، الذين نهضوا بعد نوم طويل..وهم يشعرون ((بوجع فى ضلوعم)) على اعتقاد منهم أنهم ناموا نومًـا متواصلا لمدة استغرقتْ يومًـا كاملا (بليله ونهاره) أى أنهم لايعلمون عدد السنين التى قضوها فى الكهف..وعلى سبيل المثال قال (مرنوش) لبثنا (يومًـا أوبعض يوم) ولما سأله (مشلينيا) من أدراك؟ أجاب: وهل ننام أكثرمن هذا القدر؟ وعندما قال (مشلينيا) أنه يود الخروج من الكهف، فإنّ (مرنوش) اعترض واقترح عليه أنْ يمكث فى الكهف ليلتيْن أوثلاثــًـا ((حتى نأمن على حياتنا من دقيانوس))
فى الفصل الثانى يكون زمن الأحداث بعد مئات السنين، من زمن أحداث أهل الكهف.. وتظهر شخصية الأميرة بريسكا ومعلمها الذى قال لها: هل سمعتِ بما يشاع اليوم؟ سألته: ماذا يشاع؟ قال: ظهورفتية من عهد دقيانوس (صاحب عصرالشهداء) الذى حدثتك عنه كثيرًا. فقالت: أليس هوأبا لتلك الأميرة التى تسميتُ باسمها؟ قال: نعم هى ابنته، تلك القديسة التى تنبأ لك العراف (ساعة ميلادك) بأنك ستشبهينها (خلقا وإيمانا) فقالت: ما أقساك..وأنت لا تريد أنْ تطلعنى على تاريخها. فقال: أقسم بالمسيح يا مولاتى إنى أطلعتك على ما أعرف من تاريخها. وكل ما وصل إلى علمنا عنها، أنها كانت مسيحية شديدة الإيمان بالله والمسيح، فى عصركانت المسيحية فيه مضطهدة مغلوبة..وظلت على دينها الجديد عن أبيها الذى دبر مذبحة لمن تنازلوا عن ديانتهم القديمة..واعتنقوا المسيحية..وأنها ظلتْ راهبة ترفض الزواج..واستشهدتْ وهى عذراء فى سن الخمسين. سألته: أتذكرأنك قلت لى أنها كانت مرتبطة بعهد مقدس، مع من هذا العهد؟ قال: مع الله يا مولاتى. قالت: كنتُ أحسبه مع من اختاره قلبها. قال: حاشا لله يا مولاتى. استغفرالله. أويختارقلبها غيرالله!! قالت: وما يمنع؟ إنّ قلب المرأة يتسع دائما لله وغيرالله. إنك لا تعرف قلب المرأة يا معلمى لأنك أحمق. فقال: كل من كتبوا عن تاريخها قالوا: إنها كانت تنتظر عودة المسيح من السماء. فقالت: أعتقد أنّ هذه القديسة كانت تفضل أنْ تكون امرأة تحب وتتحب. قال: لاتتهكمى يا مولاتى بجدتك العظيمة. فسألته: هل صحيح أنّ الصليب الذهبى الذى أحمله منذ طفولتى..كان صليبها؟ قال: نعم يا مولاتى..ويقال إنها استيقظتْ من نومها..ووجدتْ المسيح يضعه فى عنقها..وإنها كانت تحب العزلة فى هذا البهو..ولما شارفتْ على الموت، طلبتْ أنْ تــُـحمل لتموت فى بهوالأعمدة.
وأضاف: وهكذا ماتت الأميرة القديسة بريسكا منذ ثلاثمائة عام..وقد تكونين أنت أيضا قديسة مثلها. فقالت بتهكم: أنا قديسة!! كل شيء إلاّهذا..ولما دخل الملك قال له غالياس (معلم ابنته) لقد سمعتُ يامولاى حكاية الصياد الذى ادّعى أنه رأى أهل الكهف. فقال الملك: وأنا جاءنى من أخبرنى أنه رأى ثلاثة مخلوقات مفزعة الهيئة، وشعورهم مدلاة..ويلبسون ملابس غريبة..ومعهم كلب عجيب النظرات، فأظهرتْ الأميرة بريسكا خوفها. قال غالياس: أممكن يامولاى أنْ يكونوا هم الذين ورد ذكرهم عن تاريخ (عصرالشهداء) عن الفتية الذين هربوا من بطش دقيانوس..ولم يظهروا. ولبث معاصروهم ينتظرون أوبتهم..وينشئون عنهم الأساطيرمؤكٍدين عودتهم.
قالت بريسكا: ولكن أوشك أنْ ينساهم الناس فى عصرنا الحالى. فقال غالياس: أجل يا مولاتى. إنّ القديسين لا يظهرون إلاّفى عصرينسون فيه. فسأله الملك: أتؤمن بهذا؟ فقال: كل الإيمان يامولاى..والآن لا ريب عندى فى أنهم هم..وقد أظهرهم الله فى عصرك السعيد لأنك مسيحى مؤمن بإله واحد..وأضاف بلغة أعضاء الكهنوت الدينى (فى كل الديانات) لأنّ عصرك يامولاى ((عصرالمسيحية الزاهرة))
صدق الملك كلام عضوالكهنوت الدينى وقال بفرح: ما أسعد حظى لوأنّ كلامك صحيح. فقال: صحيح يامولاى. ثلاثة ورابعهم كلبهم..وسأله الملك: هل تعتقد يا غالياس أنهم مكثوا فى الكهف ثلاثمائة سنة؟ قال: ولم لا يامولاى؟ ألم يبلغك ما جاء بكتاب من كتب الهند؟ سأله ماذا جاء فيه؟ قال: قرأتُ فيها قصة الفتى (أوراشيما) التى حدثتْ فى جزراليونان..وهى تشبه قصة أهل الكهف..ويظهرأنها وقعتْ حقيقة يا مولاى، لأنّ سكان تلك البلاد يؤمنون بها، إيماننا نحن بقصة أهل الكهف. سأله الملك: وهل ظهروا عندهم بعد اختفاء طويل؟ قال: نعم يا مولاى..ومدوّن فى التقاويم الرسمية لملوك تلك البلاد، أنه فى السنة الحادية والعشرين من حكم الميكادو(يورياكو) خرج الفتى الصياد (أوراشيما) من إقليم (يوشا) للصيد فى قاربه..ولم يعد ودون أنْ يسمع عنه خبر، حوالىْ أربعة قرون..وتقول التقاويم الرسمية أنه فى أثناء حكم الميكادو(جونجوا) ظهرالفتى (أوراشيما) غيرأنه ذهب مرة أخرى..ولا يعلم أحد إلى أين ذهب. سألت بريسكا: وأين كان هذا الفتى يا غالياس طوال القرون الأربعة؟
قال: لستُ أدرى يامولاتى..وهذا مبلغ علمى بتلك القصة..وقال الملك: إذن فى تلك البلاد أيضا يعتقدون بعودة من يختفى بعد هذا القدرالهائل من السنين. فقال غالياس: نعم يامولاى..ولعلّ لكل شعب قصة كهذه. فقال الملك: إذن لا ريب عند الناس فى أنّ من ذهب سوف يعود؟ فقال غالياس: نعم يا مولاى..ومن مات سببعث..وتلك قصة البشرية الخالدة..وإذا كانت أية قصة ((هى ضميرالشعب)) وإذا كانت البشرية قاطبة- على اختلاف أجناسها وأجيالها- قد اتحدتْ وتلاقتْ فى قصة واحدة، فهل يمكن يامولاى لضميرالبشرية قاطبة أنْ يخطئ؟
وأضاف غالياس أنه من عجائب القصة، أوالأسطورة اليابانية أنّ الفتى أوراشيما نظرفوجد (سلحفاة بحرية) وقعتْ فى شباكه، ففرح بها..ولكنه تذكر أن السلحفاة (مقدسة) عند ملك البحر..وأنّ عمرها ألف سنة..والبعض يقول عشرة آلاف..وأنّ قتلها محرم فلما تذكرالفتى ذلك خلصها من شبكته..وأعادها إلى ماء البحرفى رفق..وأدّى صلاة رقيقة حارة للآلهة..وبعد ذلك أخذتْ الفتى سنة من النوم، فنام تاركا القارب يسيرإلى غيرقصد..وعند ذلك صعدتْ من البحرغادة جميلة ذات شعرأسود طويل..ويتدلى فوق أكتافها البيضاء..وأخذتْ تقترب منزلقة على سطح الماء فى لطف النسيم، حتى وقفتْ على رأس الفتى الناعس، فانحنتْ عليه وأيقظته بلمسة خفيفة وقالت له: لاتفزع. إنّ ملك البحرأرسلنى إليك لأشكرك على طيبة قلبك، لأنك أعدتَ الحياة إلى السلحفاة..والآن تعال معى إلى قصرى فى الجزيرة، التى لا يموت فيها الصيف أبدًا..وإذا شئتَ فإنى أصيرزوجتك..ونعيش معا سعيديْن طوال الخلود. تعجب أوراشيما مما سمع..وبهره جمال بنت ملك البحرفأسلم نفسه لها، وتناولتْ أحد المجدافيْن..وتناول هوالمجداف الآخر..ومضيا يسيران فى صمت متجهيْن بالقارب جهة الجنوب، حيث تلك الجزيرة التى لا يموت الصيف فيها أبدًا. وبلغاها أخيرًا فأبصرالفتى فيها ما لم ترعين، من قصورمرصعة بجواهرالبحر النادرة..وكنوزه الباهرة..ومن جمال عجيب يكتنفه فى كل مكان..وأقيمتْ للفتى مآدب..وتلقى تحفا غريبة وهدايا ثمينة من أهل مملكة البحر، ثمّ أصبحتْ بنت ملك البحرزوجة له بعد أفراح دامتْ سنة كاملة..وغمرتْ أوراشيما سعادة لم يصح منها إلابعد ثلاثة أعوام..وعندئذ تذكرأهله الذين تركهم فى بلدة (يوشا) منذ أنْ خرج للصيد، فاستأذن من زوجته (بنت ملك البحر) ليذهب يوما واحدًا إلى وطنه ليرى أهله..ويعود إليها بعد أنْ يطمئن عليهم، فبكتْ زوجته البحرية فى صمت..وقالت له: مادمتَ تريد الذهاب فافعل..ولكنى أخشى ذهابك كثيرًا، لأنى أخاف أنْ لا يرى أحدنا الآخربعد الآن..وسأعطيك (علبة صغيرة) قد تعينك على العودة إلىّ..ولكن بشرط أنْ لا تفتح العلبة مطلقا مهما يستجد من أمورلأنك إنْ فتحتها، فلن تستطيع رؤيتى أبدًا..وعدها أوراشيما خيرًا..وودّعها وابتعد عنها..وبدأتْ الجزيرة تتلاشى خلفه كالحلم..ووصل إلى بلدته فإذا هويرى عجبا: كل شيىء قد تغير..وعبثا حاول الاهتداء إلى بيت أهله..وعبثا حاول التعرف على وجه واحد، من تلك الوجوه الغريبة التى صادفها فى الطريق..وهى تنظرإليه بنظرات الدهشة والتعجب..ومرّ بشيخ مسن..وسأله عن أسرته، فبــُـغت الشيخ وبهت لحظة..وصاح فى وجهه: من أين أتيتَ أيها الفتى؟ إنك تذكرني بقصة الفتى أوراشيما الذى خرج للصيد منذ أربعمائة سنة..ولم يرجع..وإذا زرتَ المقابرفسوف تجد تذكارًا له من الحجر..ولكن السنين وعوامل الطبيعة محتْ المكتوب على الحجر..وعندئذ اختلط على أوراشيما الأمر..وظنّ أنه يرى حلما أوسرابا أوسحرًا..وطفق يسائل نفسه: ما معنى هذا؟ وإذا به يتذكر العلبة الصغيرة التى أعطتها له أميرة البحر، فخطرله أنّ ما فيها (قد) يكشف له هذا السرالغامض، سرالزمن..ورؤية الأربعمائة عام..ولكنه تذكرقول زوجته (بنت ملك البحر) ووعده لها، فأحجم قليلا، غيرأنّ الشك عاد يعذبه..وراح يذهب به كل مذهب، حتى كاد يضل ويختبل..وتساءل: هل فى العلبة سحرًا؟ وهل أصابنى السحرأم أننى إنسان فقد عقله؟ وما السحرالذى فى العلبة؟ وما هيئته وتركيبه..وتناسى وعده..وفتح العلبة..ولم يجد بها سوى دخان أبيض بارد..ويتصاعد فى بطء حتى ارتفع فى الجوكغمامة الصيف..واتجه نحو الجنوب فوق سطح البحرالصامت (هذا ما نقله الحكيم عن الأسطورة اليابانية فى مسرحيته أهل الكهف- ص40، 41ومن ص132- 136)
وبعد أنْ سرد غالياس الأسطورة اليابانية قال: كأنّ الدخان الأبيض الذى كان فى العلبة..هوبمثابة (الزمن) وأضاف: ولكننى أندهش وأقول: كيف يحلق الحب فوق الزمن، مثل الفراشة فوق الأزهار؟
أعتقد أنّ توفيق الحكيم فى هذه المسرحية، هدف إلى إثارة (مشكلة الزمن) ولعلّ هذا ما جعله يختارالأسطورة اليابانية..وتشابهها مع (قصة أهل الكهف) وأنّ هذا التشابه يرتكزعلى الفكرالأسطورى..ولكن الحكيم أضاف بعدا جديدًا، لم يرد فى الأسطورة اليابانية، حيث جعل الملك وكل من فى القصريعاملون (فتية أهل الكهف) على أنهم (من القديسين) وبينما أهل الكهف استنكروا هذه التسمية..وسخروا منها، فإنّ الملك وحاشيته أصروا على معاملتهم على أنهم ليسوا (من طينة البشر) لأنّ لهم صفات ملائكة السماء والقديسين. بل إنّ الملك نفسه قال لهم: لقد نزلتم عندنا على الرحب أيها القديسون..وإننا انتظرناكم من قبل جدودنا وجدود جدودنا..وإنه لشرف عظيم لنا استقبالكم. فقال مرنوش لزملائه هامسا: أكيد أنّ هذا الملك مجنون.
وأضاف مرنوش: أنا وزملائى أهل الكهف، نحس ونشعرونعقل: وليس لدينا الخبل الذى يجعلنا نصدّق أنّ ليلة الكهف تمخضتْ..وولدتْ ثلاثمائة عام..وإذا كان عقل الملك سليما فعقله ولا ريب من طرازآخرأدق من طرازعقولنا.
وقال يمليخا لزميليه: لقد صرتما غريبيْن عنى، فأنتما البقية الباقية بعد أنْ مضى كل شيء كالحلم..وانطفأتْ أجيال وعصورفى شبه ليلة واحدة. آه لوتعلمان أيها الأعميان ما رأيتُ الآن فى شارع (بطرس) وما رأيتُ فى مدينة (طرسوس) وأنا فى ثياب غريبة..والناس ينظرون إلىّ نظرات كاد قلبى ينخلع منها..وكأنى من عالم الجن..وقال مشلينيا: يبدوأنّ ليلة الكهف المخيفة أثرتْ على عقولنا..وأغلب ظنى أنّ هذا ليس حقيقة. إنّ هذه الأعوام الثلاثمائة، أوأكثرمنها إنْ هى إلاّكلمات..وقال مرنوش: إنّ الحياة المطلقة المجرّدة عن كل ماضٍ..وعن كل صلة..وعن كل سبب، فإنها أقل من العدم، فهل هناك (عدم)؟ إنّ العدم ليس إلاحياة مطلقة، فردّ عليه مشلينيا قائلا: إنّ أثمن منحة تمنح لمخلوق هى الحياة. فقال مرنوش: لقد كنتُ أعيش فى حياة لها صلة بالقلب..والقلب لا يخضع لناموس الزمن..ولم تكن مئات الأعوام عندى إلاكلمات وأرقاما..ويوم الأمس هويوم (مات)
وفى الفصل الرابع تكون ذروة فلسفة الحكيم عن (فكرة الزمن) حيث جعل مرنوش يقول: لقد أرادتْ مصرمنذ فجرحضارتها محاربة الزمن بالشباب..ولم يكن فى مصرتمثال واحد يمثل الشيخوخة..وكل صورة على جدارياتالمعابد، التى زرتها هى للشباب، سواء للآلهة أوللبشرأوللحيوانات..وإنْ كان الزمن يحاول (موتها) فإنها- فى كل حقب حضارتها- كانت تقاوم الموت..ومن هنا كانت (فكرة البعث) وأضاف: الزمن مجرد حلم، أما نحن فحقيقة. الزمن الظل الزائل..ونحن الباقون. الزمن وليد خيالنا..ولا له بدوننا. إنّ تلك القوة المركبة فينا..وهى العقل، إنها (منظم جسمنا المادى المحدود) إنها آلة المقاييس والأبعاد المحدودة. والعقل هوالذى اخترع مقياس الزمن..ولكن فينا قوة أخرى تستطيع (هدم) كل ذلك بما تصنعه أوهامنا، حيث تحوّلتْ ليلة واحدة فى الكهف إلى ثلاثمائة عام..وبذلك حطمنا الحدود والمقاييس..وها نحن استطعنا أنْ ((نمحوالزمن)) وتغلبنا عليه.
أراد توفيق الحكيم- كما أعتقد- فى هذه المسرحية، التى استلهم فكرتها من (سورة الكهف القرآنية) أنْ يطرح (فكرة الزمن) من منظورفلسفى..وكذلك رؤيته الخاصة بالميتافيزيقا، كما جاء فى قول معلم بريسكا (الحفيدة) أنّ جدتها القديسة بريسكا ((كانت تنتظرعودة المسيح من السماء)) وأنّ العرّاف تنبأ بأنّ الحفيدة ستكون (قديسة) مثل جدتها..ولأنّ المبدع مؤمن بتعدد الأصوات فى كل أعماله الإبداعية، لذلك جعل الحفيدة ترفض فكرة القداسة والرهبنة..وأعلنتْ أنّ من حق المرأة أنْ تتزوج وأنْ ((تحب وتتحب) كما رفضتْ تصديق أنّ السيد المسيح هوالذى وضع الصليب الذهبى فى عنق جدتها..وسخرتوفيق الحكيم من (تملق) المحيطين بالملك (رمزالسلطة الحاكمة فى كل النظم الدينية) مثل قول معلم ابنته: إنّ عصرك يامولاى ((عصرالمسيحية الزاهرة)) أما عن فكرة الزمن، فإنّ المبدع بذكاء شديد، وبلغة الفن..وإيحاءاته البديعة، جعل الفتى أوراشيما (عندما فتح العلبة) وخرج منها الدخان، يصيح أنّ الدخان المتصاعد..والذى يتبخرفى الهواء، هوالزمن.