القاهرة 07 ابريل 2020 الساعة 11:26 ص
حوار: شيماء عبد الناصر
لمياء الشبراوي، فنانة تشكيلية معاصرة، مواليد القاهرة 1977، تخرجت من كلية الفنون الجميلة عام 2000، شعبة التصميم المطبوع. تتميز أعمالها بالتفاصيل والتناغم فأظهرت اهتمامها واضحا بالباطن ما بداخل الإنسان بدلامما هو ظاهر، لتمثل هذه الفلسفة الفنية السمة الأساسية لأعمالها منذ تخرجها.
للشبراوي مجموعتان تجلى فيهما الاهتمام بالمرأة بوجه عام فالأولى في 2013 معرض فردي تحت مسمى “أحاسيس مختلطة“، مركز الجزيرة للفنون، الزمالك. كانت تجربة ذاتية بامتياز، تلخص فيها صراعا داخليا بتقبل الوحدة في علاقتها بالآخر، للخروج من هذا التمرد، بإطار يشكل هويتها واستقرارها النابع من التعبير دون خوف "وجودي هو رأيي". أما الثانية، “حديث الفراشات وفوضى الكون“ فهي تطور لنفس الفكرة على مرجعية علمية تعتمد على نظرية “الشواش“، ربطت فيها لمياء بعلاقة تأثير الفراشات وقدرة المرأة علي التغيير. شاركت الشبراوي في العديد من المعارض الجماعية والورش الفنية منها، معرض جماعي في افتتاح المقر الجديد لمعرض الكتاب، 2019، معرض “قراءة بصرية في أشعار صلاح جاهين وفؤاد حداد“، جاليري ضي، 2019، ورشة سلك سكرين “مراسم سيوة“، مركز الجزيرة للفنون،2018، ومعرض “قراءة بصرية في أشعار عفيفي مطر“، جاليري ضي، 2017، احتفالية الأقصر عاصمة الثقافة العربية، 2017، معرض كتاب فنان، متحف محمود مختار، 2016، معرض جمعية أصدقاء متحف قصر المنيل، الزمالك أرت جاليري، 2016، المعرض القومي للجرافيك الدورة الرابعة، 2016، صالون “أبيض وأسود2“، مركز الجزيرة للفنون، 2015، معرض الجرافيك، أتيليه القاهرة، 2013، صالون الشباب الثاني والعشرون، 2011، صالون قرطبة الأول، جاليري قرطبة، 2011، معرض البشاير، قاعة نقابة الفنانين التشكيليين، 1998 ومعرض كلية الفنون الجميلة، القاعة الرئيسية، 1998.
حدثيني عن بداياتك في الفن التشكيلي وكيف اكتشفت موهبتك وطريقك؟
والدي خريج كلية الفنون الجميلة قسم العمارة. كنت وأنا صغيرة منبهرة بشغلة وأدواته وكنت أرسم بها. ارتبطت بالأقلام والورق. من صغري أحب الرسم والألوان. فكبرت على أني لابد أن أدخل كلية الفنون الجميلة. والحمد لله ربنا حقق لي حلمي ودخلت الكلية التي أحبها ومن هنا بدأت رحلتي مع الفن التشكيلي. طبعًا حينما كنت صغيرة ظهرت علي أعراض الفن.. كنت أرسم طول الوقت. كنت أرسم أي شيء أمامي. أيضا في مدرستي كانوا يشجعونني جدا، وكنت دائما أشارك في المعارض التي تنظمها المدرسة وكنت أجد تشجيعا كبيرا من أساتذتي. بعد ذلك كان حظي جيدا جدا حينما دخلت الكلية. وتعلمت مع فنانين كبار كانوا الدليل لي لتوجيهي وتعليمي. مثل: دكتور عبد الله جوهر. والدكتور حسين الجبالي. والدكتور فتحي أحمد. وهؤلاء طبعا علامات في قسم الجرافيك. والدكتور صلاح المليجي. أنا خريجة قسم الجرافيك.. شعبة تصميم مطبوع، أو كما يقال عليها تصميمات.
خطتك أثناء العمل وقبله. هل لك أي طقوس خاصة؟
بالتأكيد أي فنان له طقوس.. لابد في البدء أحضر للفكرة التي سأعمل عليها ولابد أن أنفعل بها جدا. وأبدا في تحديد الاتجاه أو الخط الذي سأسير عليه. سواء الخامات أو باليتة الألوان. لابد أن أقتنع بالفكرة تماما. وأن تكون متماشية مع اتجاهي الفكري. فترة تحضير الشغل تكون أصعب شيء. تكون أصعب من التنفيذ. لأن وجود كونسبت هذا هو المهم بالنسبة لي. لابد أن أذاكر جيدًا. هذا يأخذ وقتا ومجهودا، لأن الفنان في حد ذاته فكرة ورؤية. ولأن الفرشاة والألوان هي وسيلة التعبير عن كينونة الفنان.
يسعى كل فنان أن يقدم رسالة. فما هي رسالتك؟ وهل أنت من أنصار مفهوم الفن للفن أم الفن لخدمة المجتمع؟
أرى أن الفن نعمة من ربنا يهبها لمن يشاء. الفن في حد ذاته رسالة مجتمعية. الفن يرقي الأحاسيس. المجتمع ينهض عندما يكون عنده وعي ثقافي. الفن رسالة ومسؤولية. ومن رأيي أن الفن له دور في رقي المجتمع والأفراد. أنا مؤمنة بالمرأة وبحقوقها وبأهميتها. وضد التهميش لها. واعتبارها مجرد تابع. ومقتنعة جدا أنها تملك قوة خارقة فهي الأساس. لذلك فإن أعمالي تكون عن المرأة. هذا تجلى في أول معرض خاص لي وكان تحت اسم “أحاسيس مختلطة“ وجودي هو رأيي. و ناقشت قضايا المرأة في معرض خاص آخر. تحت اسم “حديث الفراشات وفوضى الكون“ وكان عن القوة الكامنة في المرأة برغم رقتها. فهي قادرة على إحداث الفارق. والتغيير.
حدثيني عن معرضك الأخير حديث الفراشات وفوضى الكون في سماح ارت جاليري؟
عن معرضي حديث الفراشات وفوضى الكون. تكلمت فيه عن نظرية تأثير الفراشة أو نظرية الشواش. وربطها بالمرأة. منتصف القرن الماضي، ومن عمق أحداث العنف الشديد المصاحبة للحرب العالمية الثانية، ظهرت واحدة من أهم الاكتشافات العلمية المرتبطة بتأثيرات الطقس والمناخ “نظرية الشواش“، والتي اعتمدت في أساسها على خفقان أجنحة الفراشة. هل تأثرت بالفكرة؟ هل تفاعلت مع نظرية علمية رقيقة؟ هي ليست رقيقة فحسب، بل إنها خرجت من رحم أعنف الأحداث السياسية والمجتمعية في التاريخ. هل أدركت تأثير الفراشات؟ تخيل أن رفة جناح فراشة في الصين قد تتسبب عنها، بفعل تضاعُف التأثير، فيضانات وأعاصير ورياح هادرة في أبعد الأماكن في أوروبا أو أمريكا أو أفريقيا. ومنذ العام 1963 وقمة العِلم في العالم مشغولة بمحاولة الإمساك بسر هذا التأثير الجبار الذي تُحدِثه فراشة. كائن من أضعف مخلوقات الكون أحدث فارقا عظيما في طريقة التنبؤ بأحداث مناخية ضخمة. ابحث في دورة حياتها؛ ادرس كيف خرجت الفراشة من شرنقتها ثم تكون هذا الجناح الشفاف والهش في لحظة رصد بيولوجي ملهمة بشكل درامي عميق لكل نساء الكون في تحقيق حلم الحرية والانعتاق. لحظات طويلة قضتها في باطن الأرض بدون دلالة واحدة على مستقبل مليء بالحرية وامتلاك السماء، مرت فيها بمراحل طويلة من السكون والتركيز. هي قادرة على إحداث هذا التغيير، قادرة على هذا التأثير، فلم يحدث هذا السكون والتجمد عبثا، بل كان مقدمة وتحضير للحظة الخروج. فلم تكن كمية الاختلافات في قراءات نتاج البحث في هذه التجربة كبيرة جدا لإدراك النتيجة، لكن صغر حجم هذا التأثير يتشابه تماما وحجم التغيير، فيما تتأثر به أي امرأة من تغييرات تطرأ على حياتها في رحلتها لإدراك دورها الفاعل، والمبني، في المقام الأول، على أضعف ما تملكه. في هذه المجموعة، أرصد هذه العلاقة في ثنائيات تشكيلية تربط بين أجنحة الفراشات، هذا الكائن الرقيق، وصراع المرأة مع المجتمع في واقع يرفض بكل ما أوتي من قوة بالاعتراف بدورها الفاعل والمؤثر؛ رفض مجتمعي تم بناؤه في حقبة زمنية مرت على عالمنا العربي على وجه التحديد خلقت قواعد خاطئة أجبرتنا الآن على صراع العودة إلى ما هو بديهي وحق أصيل.
حدثيني عن تجربتك في الورش الفنية؟
الورش الفنية لها أهمية خاصة. فهي تواصل وتفاعل مباشر بين الفنانين. فهي عامل مساعد للفنان لشحن مخزونه البصري وفرصة لتجربة وسائط وخامات مختلفة. وكان من حسن حظي أن اشتركت في ورش عمل مع فنانين لهم قدرهم ولازلت أتعلم منهم.
ما هو العمل أو المشروع الأقرب إلى قلبك؟ وما هي خطتك للأعمال القادمة؟
لازلت متأثرة بمعرضي حديث الفراشات وفوضى الكون. وإن شاء الله أجهز لمشروع آخر يتناول قضايا أخرى للمرأة، فأنا مؤمنة بالمرأة وحقوقها بشكل عام والمرأة المصرية بشكل خاص للحفاظ على هويتها ومكتسباتها. فهي تستحق كل تقدير. المرأة المصرية تستحق أن تكون أعظم وأميز النساء.