القاهرة 11 فبراير 2020 الساعة 09:34 ص
كتب : أحمد مصطفى الـغــر
بدلًا من أن تبقى الألعاب الإلكترونية في إطارها الطبيعي كوسائل للتسلية واللعب والمرح وتمضية الوقت، أصبح بعضها أدوات قاتلة، فبعضها يعتمد على غسل أدمغة المراهقين والأطفال، وإدخالهم في حالة أشبه بالتنويم المغناطيسي، وقد ثبت تسبُّبها في أضرار نفسية واجتماعية عديدة لمستخدميها، وشحنهم بالأفكار السلبية، مثل الضياع والكراهية، وتبث بداخلهم الانعزالية والإحساس بعدم جدواهم، مما يدخلهم في حالة من الاكتئاب، الذي قد يؤدي إلى دفعهم للانتحار في النهاية. هذا الأسبوع في "مجلة مصر المحروسة" نفتح ملف الألعاب الإلكترونية القاتلة، في محاولة لتحذير أولياء الأمور من مخاطر هذه الألعاب على أولادهم، ودق جرس إنذار بشأنها لتجنب أضرارها.
تحدى تشارلى
لعبة "تحدى تشارلى" انتشرت فى 2015م، فقد أسهم فى انتشارها العديد من أطفال المدارس وصغار السن، وتتضمن نوع من التحدي ضد شخصية "تشارلى"، وهى شخصية أسطورية ميتة؛ حيث تبدأ اللعبة برسم شبكة من المربعات على الأوراق ويتم استخدام أقلام الرصاص، ومن ثم يتحرك القلم دون أن يعي المستخدم بذلك، ويشعر أن هناك قوى خارقة موجودة معه، ومع تحرك القلم يشعر المستخدم بالخوف والرعب. هذه اللعبة تسببت في حدوث عدة حالات انتحار بين الأطفال والكثير من الإغماءات حول العالم، وقد تم انتقاد اللعبة من كل الأديان، حيث تقوم على قراءة بعض التعويذات الشيطانية، كما يشوبها التضليل والكذب والافتراء، وأيضاً ترويع وترهيب الأطفال.
(الحوت الأزرق) والانتحار
بالرغم من التطور الكبير الذي شهده مجال الألعاب الإلكترونية طيلة السنوات الأخيرة، بحيث أصبحت الرسومات داخل الألعاب أكثر واقعية، وصارت جاذبة أكثر للأطفال والمراهقين، إلا أن بعضها صار يشكل كابوسًا بالنسبة لبعض الأسر. إحدى أبرز هذه الألعاب هي لعبة "الحوت الأزرق"، التي تستهدف المراهقين بين 12 و16 عاما، والتي اخترعها شاب روسي يُدعى "فيليب بوديكين"، وقد تم اتهامه بتحريض نحو 16 طالبة على الانتحار بعد مشاركتهن في اللعبة، فيما انتحر أكثر من 150 شخصا حول العالم بسببها، وقد اعترف "بوديكين" بالجرائم، ويقبع حالياً على إثرها في السجن، كما أن المجموعات الخاصة بهذه اللعبة في صفحات التواصل الاجتماعي قد تم حظرها.
خلال هذه اللعبة يتم تكليف المشارك بعدد من المهام الغريبة التي تصل إلى 50 مهمة، مثل مشاهدة أفلام الرعب، والاستيقاظ في ساعات الفجر لمشاهدة مقطع فيديو مصحوب بموسيقى غريبة تضع المشارك في حالة نفسية كئيبة، وكذلك العمل على إيذاء النفس والوقوف على الأسطح العالية ورسم صورة الحوت على جسده بآلة حادة، وعقب استنفاد قواه في نهاية اللعبة، يُطلب منه الانتحار. والمزعج أنه في حال قرر المراهق الانسحاب من اللعبة، أو عدم تنفيذ أمر الانتحار، يتم تهديده بإيذاء أسرته، ويبتزونه بالمعلومات التي أعطاهم إياها لمحاولة اكتساب الثقة، ما يجعله يستسلم لطلب اللعبة ويقتل نفسه بسبب التهديدات.
(مريم) و (بوكيمون)
واحدة من الألعاب الخطرة التي انتشرت في عام 2017م، كانت لعبة "مريم"، والتي تسببت في انتحار بعض المراهقين والأطفال بسبب تنفيذ طلبات بطلة هذه اللعبة، بالرغم من التحذيرات المتعددة من هذه اللعبة وما تتضمنه من أسئلة. فهى تسعى لجمع أكبر قدر من المعلومات الشخصية عن المستخدمين، وتقوم بربطها مع حسابات التواصل لتحليل هذه البيانات بعد ربطها ببعضها، ومن ثمَّ يحدث الابتزاز، والذي قد يصل بالشخص في النهاية إلى الانتحار.
أما لعبة "بوكيمون"، والتي حرص مستخدموها علي التواجد بالشوارع و الميادين للبحث عن "البوكيمونات"، وهو ما عرضهم للمخاطر، فقد أفادت تقارير بأن مِثل هذه الألعاب قد يتم استخدامها في الأعمال الجاسوسية بتصوير الأماكن المهمة استراتيجيًّا، أو التسبب في الحوادث المرورية، حيث يظهر البوكيمون في أي مكان، وقد يكون بمنتصف طريق سريع.
مساوئ خطيرة
لهذه الألعاب تأثير سيء جدا على تكوين نفسية الأطفال والمراهقين، إذ أن أدمغتهم تشبه "الإسفنج"، فكل ما يراه الطفل يمتصه، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه إذا شاهد مجرماً فإنه سيتحول إلى مجرم، هو فقط سيتشبع بالأفكار السلبية، حتى لو أنه لم يقم هو بالعمل الإجرامي مباشرة في البداية، غير أنه سيتقبل فكرة هذا العمل، وسيجد المبررات للأشخاص الآخرين إذا قاموا بها أمامه. وقد خلُصَت دراسة أمريكية تم نشرها في مجلة الطب السلوكي الحيوي، وهي المجلة الرسمية للرابطة الأمريكية للطب النفسي إلى أن المراهقين الذين يمارسون ألعاب الكمبيوتر العنيفة لمدة تفوق ثلاث ساعات يوميًا، لديهم ردود فعل جسدية ونفسية متبلدة عند اللعب بمثل هذه الألعاب، كما أن ممارسة الألعاب العنيفة تحرض على السلوك العدواني والغضب لديهم، بالإضافة لمشاكل بالنوم وعدد ضربات القلب.
تقليد أعمى
لعبة PUBG هي واحدة من الألعاب الإلكترونية، وقد ظهرت في عام 2017م، وهى الأكثر شهرة وشعبية هذه الأيام، لدرجة دفعت طالبًا بالمرحلة الثانوية إلى قتل معلمته بمدينة الإسكندرية المصرية، بسبب إدمانه الشديد لهذه اللعبة، حيث تصور أن منزل المعلمة ساحة قتال، فسدّد إليها عدة طعنات بالسكين. وتقوم فكرة هذه اللعبة على ساحة حرب تعتمد على تقسيم الفرق للقتال، بحيث تضم 20 فريقًا، وكل فريق يتكون من 4 أفراد، وكلما تمكن الفريق من جمع أكبر قدر من الأسلحة والذخيرة، التي تساعده في قتل خصمه، كلما زادت فرصته في الفوز والوصول إلى مستويات متقدّمة من اللعبة.
تنمر إلكتروني
القائمون على مثل هذه الألعاب يمارسون نوع من أنواع التنمر الإلكتروني، حيث يتوصلون من خلال مراحل اللعب إلى اعترافات شخصية من اللاعبين عن أنفسهم، وعن حياتهم وأسرهم، تدخل ضمن الأسرار العائلية، وتدفع اللاعب في كل مرة للإدلاء بالمزيد منها. ومن مرحلة لمرحلة يقومون بتهديده بإبلاغ أهله عما صرح به، في حالة إذا ما أراد التراجع عن اللعب والتوقف عنه، ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر تعقيداً، يصل اللاعب إلى حد الشعور بالعزلة والاكتئاب، وصولًا إلى الانتحار.
دور الأسرة.. مهم
السؤال الأهم الآن: على من تقع المسؤولية؟ على الأهل أم على الأفراد ذوي النوايا الخبيثة والشركات التي تبتكر هذه الألعاب العنيفة؟ وكيف يمكن للأهل تجنّب خطرها؟ مبدئيًا.. التوعية والمراقبة من الأهل هي الحل الأمثل والأهم حاليًا لمنع الأطفال والمراهقين من الدخول في عالم هذه الألعاب التي تتسب في الأذى للنفس أو للغير. وعلى الأهل أن يحيطوا أولادهم بالرعاية والاهتمام ومنحهم المزيد من الوقت ليكونوا معهم، ومراقبة حالتهم النفسية، وأي متغيرات طارئة على حياتهم، وألا يستهينوا بأي تراجع لحالة أطفالهم النفسية، أو تغيرات في السلوك وطريقة التفكير، ويراجعوا أجهزتهم بشكل دائم ليراقبوا التطبيقات التي يقومون بتحميلها واستخدامها.