القاهرة 15 سبتمبر 2019 الساعة 06:51 م
كتبت : سمر أرز
يواصل المهرجان الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى فعالياته فى دورته ال 26 حيث شاركت بالأمس الفرقة السويسرية "إنترفيس" لأول مرة بمهرجان المسرح التجريبى بالعرض المسرحى "فلتحيا الحياة"، والعرض استعراضي غنائى راقص يشتمل أيضا على بعض فنون السيرك، فهو عرض يتضمن مجموعة مختلفة من الفنون مدمجة مع بعضها البعض أرادت بها فرقة إنترفيس مخاطبة المتلقى فى كل مكان بالعالم متخطية بذلك عوائق اللغة والثقافة.
يناقش العرض قضية من أهم قضايا الساعة وهى أثر الاكتشافات العلمية والتكنولوجية فى حياة الأسرة منذ بداية القرن الماضى وحتى وقتنا الراهن، حيث يبدأ باستعراض لأنماط الحياة الريفية التقليدية المجردة من أى تكنولوجيا، والتى كان يسعى فيها الإنسان لكسب قوته واستهلالك يومه كله فى ذلك مع استخدام الملابس الريفية لتلك الفترة، ثم شيئاً فشيئاً تدخل بدايات التطور والاكتشافات العلمية تلك الحياة وأهمها وصول الكهرباء للمنازل، وحينئذ يتناول العرض دور تلك الاكتشافات وأثرها على طرق التفكير التى اختلفت من الأب للإبن للأم والأخت، فقد تضاربت الأجيال فمنهم من يكون على يقين بأن التكنولوجيا سوف تجعل حياتهم أسهل وبالتالى نقود أكثر ووقت أكبر يسمح لهم بالعيش سويا، ومنهم من يرى أنها تدعو للكسل والتقاعد وأن الإنسان خلق للعمل الدؤوب دوماً، ثم تتسارع الأحداث والأنماط من ملابس لأدوات مرورا بالأزمنة حتى نصل قرابة 20 عاماً فى نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم تتوالى الأحداث وتتسارع بشكل ينجذب إليه المتلقى بكل حواسه دون أن يلتفت حوله فى إطار تحول الملابس والأدوات والموسيقى وظهور الراديو والتلفزيون والسيشوار والهاند بليندر والموبايل والكومبيوتر حيث وصل الجميع لقمة الرفاهية ومن المفترض إنه أصبح لكل فرد الوقت الزائد الذى يسمح له بالعيش والتواصل الجيد، ولكن ماحدث هو انعزال الفرد على نفسه وعن أهله واحتلال التكنولوجيا والعلم حياة الإنسان.
يطرح العرض فكرته من خلال الرقص والغناء والموسيقى والتمثيل وفنون السيرك جميعها مدمجة فى آن واحد يشعر معها المتلقى وكأنها كيان واحد مترابط، كما نجح الكاتب فى تغطية حقبة زمنية كبيرة منذ عام 1900 حتى وقتنا الراهن بانسيابية وسلاسة.
وفى تصريحات سابقة لمخرج العمل "أندريه بيجنا" يذكر أن الخصوصية المحلية لمنطقتهم الجبلية هى منطلق كل أعمالهم، ويعتقد إنه من خلال المحلى يمكن أن نصل إلى أقصى العالم الذى يبدأ من القرية. واستكمل "بيجنا" موضحاً أن العمل المسرحى الذى يقدمونه يندرج ضمن الرقص المسرحى، وهو يعالج فقدان الإنسان لخصوصيته بفعل تقنيات الإتصال الحديثة والوسائط الإجتماعية التى دمرت التواصل الإنسانى الحميم حتى فى الأسرة الواحدة؛ فالإنسان يكاد أن يتحول إلى آلة أو شئ بارد بلا مشاعر أو أحاسيس لافتاً بأن هذه الظاهرة تمس كل العالم وليست خاصة ببلد دون آخر، ويعتبر "بيجنا" أن هذا العرض هو إدانة للعولمة التى أفقدت الشعوب خصوصيتها الثقافية والمحلية.
يذكر أن فرقة إنترفيس تأسست سنة 1990 ومنذ تلك اللحظة وهى تبتدع عروضاً خاصة بها وتطورها بدمجها بفنون متنوعة، وكما يفهم من إسم الفرقة INTERFACE فهى لغة تربط بين عالمين متنافرين ليس عبر الرقص والمسرح والموسيقى فحسب، وإنما الثقافة والاقتصاد كذلك.
"فلتحيا الحياة" عرض من بطولة جيرالدين لونفا نفسه، وجوانا ريتينيه سيرميه، وتوما لوباشيه، وبول باتين، وانيه جريبالدى، وسارة دوتا، ودافنى ريه بليزيه، للكاتب المسرحى توما لوباشيه، ومعاون مخرج جوانا ريتينيه، وإخراج أندريه بيجنا.