القاهرة 03 سبتمبر 2019 الساعة 03:08 م
حوار: أمل زيادة
• أدب الرعب هو من اختارني، وأكتبه لأن داخلي أفكار شريرة
• قناتي على اليوتيوب نافذة تقدم محتوى هادف لا غنى عنها
روائي أردني، ويوتيوبر، ومتخصص في التسويق الإلكتروني والإعلام الاجتماعي، ومعتمد من جوجل ويوتيوب، يحاول قدر الاستطاعة أن يتقن لغة العصر وما يقوم به، يقدم محتوى مختلف من فيديوهات تحفيزية عن العمل والدراسة والتركيز، وقصص رعب قصيرة، وروايات مشوقة ممتلئة بالتفاصيل المثيرة، يحرص على تقديم كل هذا بانتظام رغم وجود عمل خاص وأسرة وزوجة وأطفال، فبالرغم من صعوبة الأمر إلا أنه لابد منه، يجب أن يكتب في أدب الرعب متخذاً منه منهجاً وطريقاً لكتاباته تميز في هذا اللون رغم كثرة الكتاب في هذا اللون.. حول آخر مؤلفاته رواية "لن يموت" التقينا الكاتب الأردني الشاب حسن الحلبي ..
- لماذا اخترت أدب الرعب للكتابة من خلاله ؟
أعتقد أن هناك أفكار شريرة داخلي كما هي عند الجميع، ولكن بدلاً أن أجعلها تخرج مني بصورة لا يرضى عنها أحد، أستحضرها لأكتبها بهيئة قصص ممتعة أحب كتابتها وقراءتها، ويحب الآخرون الاستمتاع بها أيضاً.
داخل كل منا جانبين متساويين من الشر والخير، الإنسان السوي هو الذي يستطيع التحكم في هذه الجوانب وهو الوحيد القادر على إظهار الجانب المشرق والخير من روحه؛ لذا أرى أن أدب الرعب نافذة مريحة لمن يحملون بداخلهم بذور الشر ويتحكمون فيها ويجاهدونها بكل قوة .
- حدثنا عن روايتك "لن يموت" في إيجاز ؟
رواية لن يموت تتحدث عن كاتب يريد أن يكتب روايته الجديدة وهو منعزل عن أسرته، تبدأ الأحداث الغريبة بمطاردته، وصولاً إلى نهاية أعتقد أنها كانت غير متوقعة إطلاقاً، فليس كل كاتب مشوها نفسياً كما هو الحال مع عدنان بطل الرواية.
- هل كان اختيار المؤلف السكن بمفرده مقصوداً أم تمهيداً لما نراه ؟
لا بد من هذا طبعاً، ولن يعرف القراء ما المقصود مما حدث إلا حين تنتهي الرواية، هذا التمهيد كان مطلوباً؛ فعندما يتعلق الأمر بعمل روائي من نوع خاص يستلزم تحضيرات خاصة وهذا ما يفعله كل كاتب أيا كان اللون الذي يكتبه، فما بالك اذا كانت رواية وتخص أدب الرعب، وهذه التحضيرات جزء لا يتجزأ من العمل الروائي والذي اضفى على العمل المصداقية وشعر القراء لوهلة أن الاحداث حقيقية وواقعية.
- الرواية تتحدث عن علم الماورائيات .. لماذا اخترت هذا العالم للغوص فيه؟
لأنني أحببت أن أكتب فيه، ولأنني شعرت أنني أستطيع إضافة أفكار جديدة ونهايات غير مألوفة وبعيدة عما اعتاده الناس، وهذا ما أحاول التركيز عليه بشكل كبير مؤخراً، وهو أنني يجب أن أجتهد قدر استطاعتي كي يكون العمل مختلفاً وممتعاً ومؤثراً، فما فائدة أن نتناول تيمة واحدة أو فكرة واحدة بأساليب مختلفة، لا اظنها فكرة جيدة الكاتب الجيد هو من يختار اموراً غير معتادة للتحدث عنها، وعلى الكاتب أن يطور أدواته وأسلوبه وأفكاره حتى يظل متربعاً على عرش النجاح، لأن الطريق يكون أسهل أمام المتميزين وليس النسخ المكررة من الآخرين.
- حدثنا عن عالم الجن بصفتك كاتب رعب ومن خلال معلوماتك هل يستحق كل هذا الخوف منه ؟
ربما لن يعجب رأيي بعض القراء الذين أحبهم وأحترمهم جداً، لكنني أرى أن العالمين مختلفين وبعيدين عن بعضهما جداً، أنت الآن في مصر مثلاً، لن يأتيك أحد من ألمانيا بدون أي سبب منطقي ليسكب عليك بعض الأحماض الكاوية ! مستحيل ! وهم كذلك، هم في بيوتهم ولهم حياتهم الخاصة بما أننا نؤمن بهم بالتأكيد، ولكنني كما أؤمن بهم أؤمن أن الله عز وجل قادر عليهم، وأن المرء بالتحصين وقراءة القرآن قادر على مواجهتهم، وأعتقد أنه من الأفضل أن لا نقترب من الأماكن التي نعتقد أنهم موجودين فيها.
- ما سر الطاقية الزرقاء كما ورد في الرواية ؟
الطاقية الزرقاء لها أكثر من مغزى، والمفاجآت التي تسببها هذه الطاقية ستتكشف في الأوراق الأخيرة من (لن يموت) ، بما أنني أهتم جداً جداً بالنهاية، وأعتقد أن الرواية الجيدة هي الرواية التي تنتهي نهاية جيدة، لا يوجد أحد يقول عن رواية إنها جيدة بينما نهايتها ليست كذلك؟ وهذا ما أعتبره (فخ النهاية) الذي يقع فيه الكثيرون، حيث يتقنون كل شيء في الرواية وعند النهاية يقعون في هذه الورطة، ليس من السهل حياكة نهاية غير متوقعة في ظل التفتح الذي يتمتع به القارىء المعاصر؛ فلابد من إبهار القارئ وهذا واجبي ككاتب.
- هل كان البطل يسرد لنا وقائع أم وهماً وتخيلات؟
ربما كانت وقائع بالنسبة له لكنها ستكون تخيلات بالنسبة لنا ! لا يمكن أن يجزم أي إنسان قط على حقيقة ما يرى وهذا يتضح من احداث الرواية والتساؤلات التي تلازم القارئ اثناء قراءتها هل ما يعاصره البطل من احداث حقيقية أم خيال.
- ما الذي يجعل الإنسان يعترف بفظاعته وتعرية نفسه ودواخله أمام نفسه ؟
لحظة الكشف عن الحقيقة! ما اصعبها من لحظة حيث يتجرد الإنسان من مطامعه واوهامه ويعترف بأخطائه بحق غيره ونفسه والمجتمع، ليس كل منا يستطيع أن يعترف بها، الشجعان فقط القادرين على مواجهة انفسهم.
- هل عدنان بطل روايتك مريض نفسياً أم أنه يتظاهر بذلك ؟
هو مريض نفسياً بالتأكيد، وأنا أرى أن هذا أكثر ما يخيفني بالحياة، البشر وليس الجن أو الشياطين، البشر هم الوحوش الحقيقيون ! داخل كل منا وحش كامن يتحين الفرصة للانقضاض على فريسته هناك من يتحكم في زمام نفسه وهناك من يُفلت هذا الزمام فنرى ونقابل النماذج السيئة على مدار يومنا وحياتنا.
- هل الشر أطول عمراً من الخير ؟
بالطبع لا، ربما ينتصر الشر أحياناً، ولكن الخير دائماً أقوى وأطول عمراً، ربما يبدو للوهلة الأولى أن الشر منتصراً وهذا بالطبع يتوقف على مفهوم الشر، كل منا له مفهومه الخاص بالشر ما أراه شراً يعتبره غيري هبة أو خيراً .. لكن بوجه عام لابد للخير أن ينتصر في نهاية المطاف، ليس لآنه فرض ولكن لأن الله له يد في ذلك .. اذا انتصر الشر يوماً سيختفي كل ما هو جميل، وهذا ضد الفطرة الإنسانية بالطبع جبل الإنسان على حُب الخير.
- الرواية تتحدث عن هواجس قاتل هارب من نفسه، هل نجح في الهروب من نفسه أم استحضار رغبة الكتابة جدد رغبة الشر بداخله ؟
لا بد أن الشر كان في داخله طوال الوقت، لكن الغريب أنه لم يكن يعلم بهذا قبل أن تأتي لحظة المكاشفة مع نفسه وأمام نفسه. حاول عدنان البطل كثيرا تجاهل شرور نفسه والتهرب منها إلا أنها غلبته وظهرت كما هو واضح من أحداث الرواية.
- ما سر الكتابات بالدماء التي لطخت المرآة ؟
سرها أنني أعشق الألعاب الزمنية، والكتابات الدموية على المرآة ليست أكثر من رحلة بين زمنين ! لن يكتشفها إلا من تابع احداث الرواية من البداية، ويظل التساؤل هل كتب عدنان هذه الرسائل أم أحداً آخر ..
- تطل على القراء من خلال قناتك على اليوتيوب، فهل اصبحنا في عصر المعلومة المسموعة والمرئية ؟
أنا يوتيوبر بالإضافة إلى كوني كاتب، الكتابة ليست مهنة في وطننا العربي، وليست مصدراً للدخل كما يعتقد البعض، يسألونني أحياناً عن إن كانت هذه هي مهنتي الأساسية ! وأجيب بالطبع لا، لكننا فعلاً أصبحنا في عصر المعلومة المسموعة والمرئية، رتم الحياة والعصر اختلف عن السابق ففي السابق كانت النافذة المتاحة للترفيه عن الشباب هي القراءة والاطلاع من خلال الكتاب الورقي، لكن الآن الوضع اختلف تماما ً، أنا أحاول طوال الوقت أن أكون متواجداً من خلال هذه النوافذ الإليكترونية الهامة، في فيسبوك وإنستجرام وسنابشات ويوتيوب، أحاول الحديث عن الأمور التحفيزية التي تجعل المرء يتغير من الداخل؛ لأنني أرى أن الكثير من الناس لا يفعلون شيئاً سوى استهلاك الوقت دون أي فائدة تذكر، قناتي شاملة بكل ما يتعلق بالتسويق الإلكتروني والعمل عبر الإنترنت والنصائح المتكررة حول العمل وتحقيق الأهداف.
- هل شكلت فارقاً معك ككاتب ؟
بالطبع شكل فارقاً معي ككانب، فأنا مؤمن جداً جداً بأنك يجب أن تكون حيثما يتواجد الناس، حيث تزاحم الأقدام كما يقال، ويزعجني أن الكثير من الكتاب لا يروج أبداً عن كتبه، هذا بعيداً عن أن الكثيرين أيضاً لديهم سوء فهم لأهمية التسويق بالمحتوى، حيث يجب أن يحافظوا على هويتهم ككتاب أمام الناس، وهذا ما لا يحدث، لا يستغلون وسائل التواصل كما يجب، بينما أنا أحاول طوال الوقت أن أستغلها، وأن أتابع وأكون هنا وهناك.
- ما هي العقبات التي واجهتك ككاتب ؟
أهم العقبات التي تواجه الكتاب طوال الوقت هي الاستمرارية، هي الأسئلة الكثيرة التي تسألها لنفسك: هل الأمر يستحق؟ هل هناك جدوى مما أفعل وأكتب؟ هل سيتغيرون؟ هل سيحبون ما أقرأ؟ هل سينتشر كتابي؟ هل سيشترونه الناس؟ أسئلة كثيرة وحيرة كبيرة، لكن الرغبة تسود كل شيء وكل منطق، حيث يجب على الكاتب الحقيقي أن يكتب لأنه يريد أن يكتب، ولأنه يشعر أن جسده وفكره سيعانيان من خلل لا إرادي إن لم يكتب، ولأن هناك المزيد داخله مما لا يجوز أن يبقيه داخله، هذا كلام كثير وسطور عديدة يجب أن يراها الناس بغض النظر عن كل تلك الأسئلة المنطقية.
- بما تنصح القارئ والكتاب الشباب ؟
أنصحه بالقراءة طوال الوقت قبل أن تأخذهم الحياة بعيداً عن القراءة والكتابة، أريده أن ينظم وقته، أن يخصص دقائق من يومه للقراءة ولو كانت بضع دقائق لا تتعدى العشرة دقائق، فمن لا يقرأ لم يعش، القراءة حياة، ومسكين ومخطىء من يتجاهل القراءة وسط مشاغل الحياة اليومية، وأذكر أنه قبل أكثر من عشر سنوات كان هناك ملتقى في عمان أسمه الملتقى الأدبي، وكنا نلتقي كل أسبوع عدة مرات، كُتاب قصص وشُعراء وروائيون، الآن أنظر وأتذكر الذين كانوا معنا جميعاً، أين هم ؟ لم يبق أحد فعلياً سواي، أنا بفضل الله وبفضل استمراريتي وجهودي ما زلت رغم كل الصعوبات والمعوقات الحياتية وما يخص البلد من هموم ومشاكل وأزمات، ماضٍ في طريقي، البعض أصدر كتاباً أو كتابين ثم اختفى، والبقية إما أننا لم نعد نراهم أو أنهم ما زالوا كتاباً فيسبوكيين فقط لا غير!
- ما هو جديدك ؟
رواية جديدة في معرض الكتاب 2020 إن شاء الله تعالى، ولكن لم أستقر على أسمها النهائي حتى الآن، لكنها ستكون رواية مشوقة من الخيال العلمي، وليست رواية رعب كما اعتاد القراء مني، بجانب ثلاثية ضخمة أعكف على كتابتها استغرق العمل فيها مدة لا بأس بها.