القاهرة 06 اغسطس 2019 الساعة 12:14 م
كتب : صلاح صيام
الشاعر الفلسطينيّ أحمد فوزي: الشعر العربي لن يختفي ما دامت فلسطين ولّادة
الشاعر العربيّ الفلسطينيّ أحمد فوزي أبو بكر الذي اختير شخصية العام 2015 كأفضل شاعر في فلسطين ومن مؤسسي وأمين عام الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين سابقًا من قرية سالم في مَرْجِ بن عامِر، يكتب الشّعر العموديّ وقصيدة التفعيلة والقصّة القصيرة والمقامة والقصيدة العامّية، أصدر4 مجموعات شعرية:
(رغبة متوحّشة) في ربيع 2002
و(مسروق السّماء) في خريف 2010
و(حجر أحمد) صيف 2012
الملحمة المحمّديّة خريف 2013 بمشاركة ثمانية شعراء من فلسطين وشارك أيضًا في عدّة مهرجانات (تشرين ) صيف 2015، ( شام ) صيف 2019.
وله إصدارات مشتركة عدَّة، وشارك في العديد من المهرجانات، حاصل على درع احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وشهادة تقدير وتكريم من منظمة التحرير الفلسطينية على نشاطه النضالي والانسانى.. تركنا له هذه المساحة لتشخيص أوجاع أصحاب القوافى..
ما أقوله دائما أنّ هناك فرق بين شعر الأمس الماضي الجاهلي أو الإسلامي وشعراليوم الحاضر والمعولم.
في الماضي كانوا يحتفلون بنبوغ شاعر في القبيلة لأنّه سفيرهم ومطربهم ومحمّسهم ومادحهم وراثيهم، أما الحاضر فيعيش الشاعر ويموت وأهل قريته وأصدقاؤه لا يعرفون عنه ما يقترف من شعر.
أنا العبد الفقير إلى الله لا أحاور أهل كفري بالشعر ولا أهديهم من كتبي ليس كبراً او غرورًا حاشا لله، وإنّما كي لا أورّط نفسي في بديهيات أعيد اجترارها كلما جالستهم .
في قريتي لا يعرفون المجاز والاستعارة وشعر التفعيلة الموزون ويعشقون عنترة وأنا أيضا أعشقه ولكنهم يحبون العجب العجاب من الشعر مثل قصيدة الأصمعي صوت صفير البلبل
ولكن عندنا في فلسطين هناك انواع شتى من الغناء والقصيد وأغاني الدبكات مثل يا ظريف الطول وجف راويا عالربع ويا حلالي ويا مالي
والتراويد للعروس، وللمسافر إلى الحجاز، والمُعَنَّى والشّروقي، والدّحِّيّة، والعتابا وأغاني النّساء في الأعراس، وأهازيج الثورة الفلسطينية وكلّ هذا الكم الهائل من أنواع الغناء باللهجة الدارجة المحكية وهو رائع حد الحزن وأنا أكتبه بشغف لأنه مسموع ومرغوب.
وهكذا انتقل ديوان العرب من الفصحى الى الدارجة في فلسطين مثلا إذا كانوا الرجال أو النّساء في مجلسٍ همسوا للمعزِّب أي صاحب البيت ان يتّصل بفلان الشاعر ليحيي الليل في غنائه، وبالنسبة لي ديوان العرب موجود بقوّة في فلسطين ولكنَّ الأدوات تغيّرت .
عندنا لا يمكن ان تخرج لمسيرة او مظاهرة من دون قوّيل أي شاعر يرتجل الشعارات وقد فهمت أنني يجب عليَّ ان أتقن الشعر الدارج فكتبت الكثير من القصائد على هذا المنوال ونجحت في اجتذاب الناس وبعض القصائد غنّاها مغنون كبار مثل شفيق كبها رحمه الله . وأكتب الفصحى للصالونات والنّخب المثقفة.
ولا أظنّ أنّ القارئ العربي وَدّع الشّعر الفصيح وانما الخطأ كان بهدمها؛ لذا يجب تأصيل الفصحى في أبنائنا عن طريق إقامة دورات في الشّعر واللغة والأدوات البلاغيّة.
كما أنّ انخفاض المبيعات في الدواوين سببه علو شأن الشعر الدارج واستعداد السّمّيعة لشراء الأقراص فضلًا عن الكتب لأنَّ المزاج المسيطر في أيّامنا الدّبكة على الحان جفرا وظريف الطّول.
رغم أنّي أعشق الغناء الشّعبي إلّا أنّني مع بعض زملائي نحاول إدخال الفصحى إلى قلوب شبابنا عن طريق التحفيز والجوائز ونحن في صدد إقامة حلقات تدريس من سنّ الثالثة وحتّى الخامسة للّغة العربيّة و الشّعر وقراءة القرآن وحفظه لأنّ هؤلاء الأطفال وفي سنتين سيكون مخزونهم اللّغوي خمسينَ ألف كلمة.
نعيد للفصحى سيادتها وصولجانها وتاجها وعرشها ونُبْقي حَيّزًا كبيرًا للدارجة لأنّ أرشيف الثّورة تلك الأغاني الحماسيّة الّتي كانت تلهب سواعد المجاهدين ولا يمكن أن نتحدّث عن الثّورة الفلسطينيّة دون ذكر الشّعراء الشّهداء أمثال نوح إبراهيم وأبو عرب وعبد الرحيم محمود الذي قال:
سأحمل روحي على راحتيَّ وَأمشي بها في مهاوي الرّدى
فإمّا حياةٌ تسرُّ الصديق وإمّا مماتٌ يغيظُ العدى
وما نكتبه اليوم له من ينشده وسيبقى ما دامت فلسطين ولّادة والشعر العربي لن يختفي ما دام مريدوه.