القاهرة 02 يوليو 2019 الساعة 10:41 ص
كتب: د. حسين عبد البصير
أطلق محمد علي الفنان المصري المقيم في إسبانيا، والمعروف بـاسم "الفرعون المصري"، "أكاديمية الهرم الرابع"، وتأتي هذه الخطوة من الفنان محمد علي إيمانًا بدور مصر الحضاري عبر العصور وبقيمة الهرم الأكبر رمز مصر الأشهر، وقد جاء التفكير للفنان محمد علي في تأسيس هذه الأكاديمية كي تكون جسرًا للحضارات بين الشمال والجنوب، بين أفريقيا وأوروبا وبين مصر وإسبانيا وبين الإسكندرية وبرشلونة كي تستمر مسيرة الإنسانية والمعرفة والسلام والحضارة من الماضي إلى الحاضر.
وهذا هو مشروع الهرم الرابع الذي سوف ينقل حضارة مصر الفرعونية إلى أوروبا وسوف يطلع أوروبا والأوروبيين على أسرار مصر وسحرها الخالد عبر العصور، إنه مشروع الهرم الرابع رمز مصر الخالد. وهذه الأكاديمية هي أكاديمية ثقافية مصرية في مدينة برشلونة الإسبانية متخصصة في الحضارة المصرية القديمة ودراسات البحر المتوسط. وتهتم بالتعاون العلمي والفني بين مدينتي الإسكندرية وبرشلونة.
ومن خلال هذا المشروع الكبير، يطمح الفنان محمد علي أن يتضمن هذا المشروع إقامة جامعة كبيرة في برشلونة كي تكون بمثابة حلقة الوصل بين أوروبا وأفريقيا من خلال دراسات والحضارة المصرية القديمة والبحر المتوسط.
وتقوم فكرة مشروع الأكاديمية المقرر إقامته في مدينة برشلونة على إعادة إحياء منطقة "المداخن الثلاثة" التابعة لبلدية سان أدريا، في برشلونة، والواقعة عند مصب نهر "بيسوس"، وهي من ضمن المعالم المهمة في المدينة الإسبانية. ويتضمن المشروع إقامة جامعة كبيرة "جامعة الجامعات" كي تكون بمثابة حلقة الوصل بين أوروبا وأفريقيا من خلال البحر المتوسط، وتصبح مرجعية عالمية لنشر المعرفة والحضارة والتواصل والتعايش والسلام بين أوروبا وأفريقيا.
وهذا الصرح الأكاديمي الضخم يرتبط بصورة مباشرة بين مدينة برشلونة ومدينة الإسكندرية العريقة. وتعد مدينة برشلونة منارة معاصرة للثقافة على البحر المتوسط وهي ممثلة في هذه المبادرة من خلال المداخن الثلاثة، لتتواصل مع منارة الثقافة القديمة، وهي مدينة الإسكندرية العريقة وآثارها العظيمة التي كان من بينها فنار الإسكندرية الذي كان أحد عجائب الدنيا في العالم القديم.
ويتبنى المشروع شكل الهرم الأكبر في هضبة الجيزة في واجهة شكل المبنى على اعتبار أن هرم الجيزة الأكبر، الرمز المصري القديم، هو أشهر وأهم وأبرز رموز الحضارة المصرية القديمة. وشكل الأكاديمية على شكل هرم الجيزة الأكبر هو أحد أبرز العلامات المميزة لهذا المشروع العملاق. وسوف يكون هذا الصرح الثقافي الرائد بمثابة بوتقة انصهار الإرث الصناعي لمدينة برشلونة من خلال التواصل مع رمز حضارة مصر الفرعونية الأشهر وأعني هرم الجيزة الأكبر.
ويهدف المشروع إلى إقامة صرح جامعي معرفي ضخم على ضفاف البحر المتوسط تتدفق منه أنوار العلم والمعرفة بلا حدود إلى الجميع في أوروبا وأفريقيا. وهذا المشروع الطموح بمثابة فضاء فسيح للفكر والابتكار وهو منفتح على البحث العلمي والإبداع بلا حدود. وتشارك في هذا المشروع منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة، تناضل من أجل نشر المعرفة وتحقيق السلام والرخاء للبشرية حتى يتم تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات بين أفريقيا وأوروبا. ومن جدير بالذكر أن صاحب فكرة هذا المشروع الطموح هو الفنان المصري المقيم في إسبانيا محمد علي مع بعض الشخصيات المهمة والمؤثرة من الجانب الإسباني؛ وذلك لتعزيز التواصل بين أفريقيا وأوروبا من خلال مد الجسور بين مدينة الإسكندرية ومدينة برشلونة.
وفي مدينة برشلونة الإسبانية، وفي اليوم العالمي للاجئين، وبرعاية من الصليب الأحمر، تم الاحتفال وعرض فيلم "البر التاني" بطولة الفنان المصري محمد علي ولمياء كرم ومحمد مهران ومن تأليف الكاتبة المبدعة زينب عزيز ومن إخراج المخرج الكبير علي إدريس والذي تم إنتاجه منذ 3 سنوات. ويعرض الفيلم قصة مجموعة من الشباب المنتمين لبعض القرى المصرية الفقيرة، والذين يحاولون الهجرة إلى الأراضي الأوروبية بشكل غير شرعي، وبدون حمل أية وثائق رسمية حيث يقومون بالسفر على متن سفينة معيبة ومتهالكة، ويفصل بينهم وبين أحلامهم بعيش أفضل في أوروبا أمواج البحر الغادرة. والفيلم يعالج قضية غاية في الأهمية وهي قضية الهجرة غير الشرعية والتي تعاني منها الدول الأوروبية، وهي كذلك ضمن المشكلات الاجتماعية التي تؤرق عددًا كبيرًا من الدول الأفريقية المطلة على البحر المتوسط والتي يجب التعاون على حلها بين جميع الدول الأوروبية والدول الأفريقية والعمل على حلها بشكل نهائي ونافع لجميع الأطراف المعنية في أوروبا وأفريقيا. ويُعد عرض هذا الفيلم المهم للفنان المصري محمد علي من قبل هيئة الصليب الأحمر العالمية في دول أوروبا تكريمًا كبيرًا للفيلم وللفنان محمد علي. ويعكس أيضًا مدى أهمية القضية التي يناقشها هذا الفيلم المهم. ويُعتبر اهتمام الدول الأوروبية بهذه القضية المؤرقة للجميع أمرًا طيبًا، والتي يأمل الجميع أن يتم حسم أمرها في أقرب وقت ممكن.
ومن الجدير بالذكر أن الفنان المصري محمد علي قد حصل عن دوره في هذا الفيلم على جائزة لوكسمبورج للسلام في فئة الفن التي تمنحها مؤسسة شنجن للسلام ومنتدى السلام العالمي. وتم منح الجائزة في "مبنى شومان"، والذي يضم أول مقر لانعقاد جلسات برلمان الاتحاد الأوروبي في مدينة لوكسمبورج الأوروبية الشهيرة. وكانت قد أقامت الهيئة الأوروبية للسلام والقيم الإنسانية، المنتدى السنوي لمنح صانعي السلام حول العالم "جائزة لوكسمبورج العالمية"، والذي تعقده الهيئة سنويًا منذ عام 2012 في لوكسمبورج. وللمرة الأولى، كرمت الهيئة الفنان المصري محمد علي خلال منتداها السنوي؛ لتمنحه "جائزة لوكسمبورج العالمية" كأول مصري يحصل على هذه الجائزة منذ نشأة الهيئة، عن فيلمه المهم "البر الثاني". ويعد هذا التكريم مهمًا جدًا في مسيرة الفنان المصري المتميز محمد علي كأول مصري يحصل على "جائزة لوكسمبورج" العالمية من قبل الهيئة الأوروبية للسلام باعتباره قد ساهم في الدعوة للسلام ومناقشة قضية حيوية تعاني منها معظم دول العالم، وهي "الهجرة غير الشرعية" من خلال القصة التي تناولها فيلمه الروائي الطويل "البر الثاني".
ومن الجدير بالذكر أن العديد من الدول الأفريقية تعاني من الهجرة غير الشرعية. ومن المعروف أيضًا أن مصر هي صانعة السلام منذ أقدم العصور؛ إذ قامت مصر بعقد واحدة من أوائل اتفاقيات السلام في التاريخ البشري بين نجم الأرض الملك رمسيس الثاني وملك الحيثيين. ولاشك أن الفنان المصري مبدع دائمًا ومتهم بقضايا وطنه ومجتمعه ويحاول تسليط الضوء على العديد من القضايا الحيوية والهادفة لطرح القضية أمام أصحاب القرار في كل البلاد المعنية للعمل على معالجة هذه الظاهرة المؤرقة ووضع الحلول الأنسب لها. ومن الجدير بالذكر أن الهيئة الأوروبية للسلام قد تأسست في عام 2005 كمؤسسة خيرية غير هادفة للربح، وأقرها الملك هنري الدوق الأكبر في لوكسمبورج في 19 أكتوبر 2007، حيث تسهم الهيئة في بناء عالم أكثر سلمًا وأمنًا وأمانًا من خلال تعميق السلام والتسامح والتفاهم والتعايش من خلال الحوار متعدد الثقافات بمساعدة المناقشات والمطبوعات والمعارض وورش العمل ومنصات الفضاء الإلكتروني واللقاءات وبرامج التبادل والتعليم وكذلك دراسات السلام.
ويوضح الفنان محمد علي أنه عندما وصل إلى برشلونة، شعر بالضياع. وذات مساء بينما كان يتطلع إلى مياه البحر، تيقن أن هذه المياه هي نفس المياه التي تصل إلى مدينة الإسكندرية المصرية العريقة. وكان له حلم ضمن أحلامه العديدة في السنوات الثلاث الماضية وكان يضم صور مصر الفراعنة. ورأى صورة الهرم الأكبر في خياله. وبدأت الصور تنهال على مخيلته تباعًا. وأعتقد أن مجد الحضارة وأصلها يرجعان إلى مصر الفرعونية، ومن هنا نبتت لديه الفكرة: لماذا لا يتم توحيد أوروبا وأفريقيا من خلال فنار المعرفة الذي يجب أن يعرفه العالم كله، من خلال منارة حضارة مصر الفرعونية.
ومن هنا جاءت إليه فكرة الهرم الرابع في برشلونة، كي يكون مثيلاً لهرم الجيزة الأكبر الذي يعد العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. وكانت هذه هي الفكرة التي بدأت تتحول إلى حقيقة في خيال الفنان المصري المقيم في إسبانيا محمد علي من خلال شعوره بأنه فرعون مصري حديث ضمن أبناء مصر الفراعنة، ويريد أن يحقق ضمن ما يريد أن يحقق وأن يعطي ضمن ما يريد أن يعطى لأهل بلده أهل مصر الطيبين المجد الذي يستحقونه وذلك من خلال سعيه حثيثًا لبناء جسور المحبة والمعرفة والسلام والتواصل والتعايش بين الشعوب في أوروبا وأفريقيا من خلال رسالة مصر الفرعونية الحضارية عبر العصور. إنها رسالة مصر الحضارة التي ما تزال تبهر العالم أجمع منذ أقدم العصور إلى الآن.
فتحية حب وتقدير للفنان المصري المقيم في إسبانيا محمد علي على لتبنيه العديد من الأفكار خارج الصندوق والتي تساهم في إرسال وتوضيح رسالة مصر الفرعونية العظيمة إلى أوروبا.