القاهرة 26 مارس 2019 الساعة 03:12 م
كتبت: د. فايزة حلمي - مستشار نفسي وتربوي
جميعنا نعيش حياة مزدحمة ومرهقة ولدينا اهتمامات لا نهاية لها كآباء، ولكن من الواضح أن أحد أهم الأشياء التي نحتاجها هو أن نتَوقف وأن نعطي أطفالنا عِناقا وحبًا كبيرا.
وتُسلِط الأبحاث خلال العِقد الماضي, الضَوْء على العلاقة بين المودة في الطفولة والصحة والسعادة في المستقبل.
وتدعّم العلوم فِكْرِة أن الدفء والمودة اللذين يعبر بهما الآباء لأطفالهم عن حُبّهم, يؤدّيان إلى نتائج إيجابية مدى الحياة لأولئك الأطفال، وقد إرتبط هذا النوع من المودة بدرجة عالية من احترام الذات، وتحسين الأداء الأكاديمي، وتحسين تواصل الوالدين والطفل، وعدد أقل من المشاكل النفسية والسلوكية.
ومن ناحية أخرى، الأطفال الذين ليس لديهم آباء يتّسِمون بالحنان, يميلون إلى أن يكون لديهم احترام أقل لذاتِهم, ويشعرون بمزيد من العزلة والعدوانية والمعاداة للمجتمع, وكان هناك عدد من الدراسات الحديثة التي تُسَلط الضوء على العلاقة بين المَوَدّة الأبويّة وسَعادة الأطفال ونجاحهم.
في عام 2010، وجد الباحثون في كلية الطب بجامعة ديوك أن الأطفال الذين يعانون من أمهات ودودات جدا, يَكْبرون ليصبحوا أكثر سعادة، وأكثر مُرُونة، وأقل قلقا. اشتملت الدراسة على ما يقرب من 500 شخص تمت متابعتهم عندما كانوا رُضّعا حتى كانوا في الثلاثينيّات من عمرهم.
عندما كان الأطفال بعمر ثمانية أشهر، لاحظ علماء النفس تفاعلات أمهاتهم معهم حيث أخذوا العديد من الإختبارات التنموية, ثم بعد 30 سنة، تمت مقابلة هؤلاء الأفراد وسؤالهم, كان البالغون الذين أظهرت أمهاتهم عاطفة "مُفرِطة" لديهم أقل احتمالية بكثير من الآخرين للشعور بالتوتر والقلق, كما كانوا أقل احتمالا لميلهم للعدائية، والتأثيرات الاجتماعية المؤلمة، والأعراض السلبية النفسية الجسدية, واستنتج الباحثون المشاركون في هذه الدراسة أن هرمون الأوكسيتوسين قد يكون مسؤولاً عن هذا التأثير.
والأوكسيتوسين هو مادة كيميائية في الدماغ تنطلق في الأوقات التي يشعر فيها الشخص بالحب والدفء, وقد تبين أنه يساعد الوالدين على الارتباط بأطفالهم، مما يضيف شعورًا بالثقة والدعم فيما بينهم، مما يتسبب في شعور الطفل بمزيد من المشاعر الإيجابية.
من ناحية أخرى، نجد التأثير السلبي لإساءة معاملة الأطفال وانعدام المَحبّة على الأطفال عقليًا وجسديًا, هذا يمكن أن يؤدي إلى جميع أنواع المشاكل الصحية والعاطفية طوال حياتهم.
ثم في عام 2015، أظهرت دراسة من جامعة نوتردام, أن الأطفال الذين يتلقون المودة من آبائهم كانوا أكثر سعادة كبالغين, تم استطلاع آراء أكثر من 600 شخص بالغ حول كيفية تربيتهم، بما في ذلك مَدى المودة البدنية( العِناق) التي لديهم, كما درس الباحثون فوائد الاحتضان للرُضّع, وجدوا أن هذا التفاعل الخاص بين الأم والطفل، على وجه الخصوص، يساعد على تهدئة الأطفال الرضع حتى يبكون أقل وينامون أكثر.
إذن ، كيف يمكنك جلب المزيد من المَحَبّة لأبنائك؟
- منذ اللحظة التي تحضر فيها طفلك إلى المنزل من المستشفى، احرص على حَمْله ولَمْسه وهَزّه على ذراعيك, انفق العديد من اللحظات الثمينة التي تداعب خلالها طفلك حتى تتمكن بشرته من لمس بشرتك.
- مع تقدمهم في السن، حاول أن تكون مَرِحا, قم بالأنشطة الممتعة, أو إنشاء ألعاب مُضْحكة مثل التظاهر بأنك عجوز.
. تذكّر وتأكّد من أن تكون المُعانقة, جزء من روتينك اليومي
- لو تَطَلّب الأمْر أن ترتدى ساعة منبهة, لتنطلق كل ساعة لتعانقهم، قم بضبط المنبه للتأكّد مِن إعطاء أطفالك عناقًا خلال أوقات كثيرة من اليوم، على سبيل المثال قبل مغادرتهم للمدرسة، وعند عودتهم إلى المنزل، وقبل النوم.
- أظْهِر المودة أثناء تأديب أطفالك, عندما تتحدث معهم حول ما فعلوه خطأ، ضع يدك على كتفهم, وقدم لهم عِناقا في نهاية المحادثة ليصل لهم، أنه حتى إذا لم تكن راضيا عن سلوكهم، ما زلت تحبهم.
- وليكن رفيق حياتك مُتّفقا مَعك في نفس المنهج في التعامل مع الأبناء, لِذا فإن العثور على الشخص الذي ترغب في تمضية حياتك معه, ليس سهلاً أبداً، لأنه عندما تكون أحد الوالدين، هناك صِفَة إضافية تُؤْخَذ في الاعتبار, أنت لا تختار فقط الشخص الذي ستقضي معه أيامك, أنت تختار الشخص الذي سيقضي أطفالك معه أيضًا حياتهم.
المرجع:
- Sandi Schwartz.(2016): how a parents affection shapes a childs happiness for life. mother.ly