القاهرة 21 مارس 2019 الساعة 10:24 م
كتب : وائل الحسيني
استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة أمس الخميس الموافق 21 مارس المحاضرة التذكارية السنوية لتكريم الدبلوماسية نادية يونس، والتي ألقتها الدكتورة نعمت (مينوش) شفيق بعنوان "القيادة العالمية في عالم متغير" .
والدكتورة نعمت شفيق هي رئيسة جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية وأول سيدة في تاريخ الجامعة تعتلي هذا المنصب، كما كانت أيضاً أصغر نائبة رئيس بالبنك الدولي حيث تولت المنصب بعمر 36 عاماً، كما تولت شفيق منصب نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي سابقاً وعملت أيضاً كنائبة محافظ بنك إنجلترا.
من خلال تسليط الضوء في محاضرتها على دور الحظ مقابل الاجتهاد لتحقيق النجاح، أثارت شفيق عدة أسئلة تتعلق بالفرص المتاحة للأشخاص مثل بلد الميلاد والمدارس المتوفرة على سبيل المثال وكيف تؤثر تلك العوامل على فرص نجاحهم. قالت شفيق: "تختلف إجابات هذه الأسئلة بشكل كبير مع مرور الوقت واختلاف الأماكن، ولكن هناك أيضًا أسئلة عديدة تتعلق بالسياسة العامة لأن الكثير مما يفترض أن تفعله الحكومات هو مساعدة أولئك الذين لم يحالفهم الحظ في الحياة على الحصول على فرص عادلة".
ناقشت شفيق العقد الاجتماعي والذي يمثل شبكات من الالتزامات والفرص التي تربط مجتمعاتنا ببعضها البعض، حيث قالت: " أعني بالعقد الاجتماعي حقوق وواجبات المواطنة، ودفع الضرائب في مقابل الخدمات العامة، والوعد الذي يمنحه المجتمع بالحراك الاجتماعي لأولئك الذين يعملون باجتهاد".
من خلال تركيزها على موضوع الحظ مقابل الاجتهاد، ناقشت شفيق الوضع في مصر، حيث قالت: "على عكس الرأي السائد، إن عدم المساواة في مصر في الواقع منخفض للغاية وفقًا للمعايير الدولية، وجزء من ذلك يرجع إلى أن دول الشرق الأوسط تميل إلى إعادة التوزيع بدرجة كبيرة" كما تحدثت عن دور برنامج "تكافل وكرامة" وما له من أهمية كبيرة في ضمان حصول ما بين مليون ونصف و 2 مليون عائلة من الأسر المحرومة في مصر على الحد الأدنى من الدخل الذي يمكّنهم من الإنفاق على التعليم والطعام المفيد صحيا. ولكن، قالت شفيق، بينما تقلصت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في مصر، فإن الطبقة الوسطى أصبحت في وضع أسوأ نسبيا".
وأضافت:" في العقد الماضي، تجاوزت نسبة المصريين المنتقلين من الطبقات الأعلى للأدنى نسبة المنتقلين من الطبقات الأدنى للأعلي." لذا تعتقد شفيق أن الحظ أصبح أكثر أهمية من الاجتهاد للنجاح وتراجعت احتمالات الحراك الاجتماعي، حيث قالت: "أعتقد أن هذا هو السبب الكبير للانخفاض الملحوظ في الرضا عن الحياة الذي نراه في العديد من استطلاعات الرأي في مصر".
وعن مفهوم القيادة والتي تناولته في حديثها، أكدت شفيق على أن القادة العظماء يلهمون ويشجعون ويمكّنون ويقومون بتشكيل قادة عظماء من حولهم، قائلة: "بالتأكيد لست بحاجة إلى أن أكون أذكى شخص في فريق العمل وأنه من الممتع أكثر أن أكون مع من هم أكثر ذكاءً مني في فريقي، كما أريد أيضًا أن أعمل مع أشخاص مختلفين ولديهم فكر مختلف عني".
واختتمت شفيق حديثها بالقول أن الحراك الاجتماعي في معظم المجتمعات قد انخفض في العقود الأخيرة: "أعتقد أن الكثير من المشاكل الحالية التي نراها في دول مثل مصر والولايات المتحدة والمملكة المتحدة هي السبب في ذلك، ولعل أكبر تحدي اجتماعي نواجهه هو إتاحة الفرص من خلال التعليم والحياة بشكل عام وتوفير فرص عمل أكثر عدالة ومنافسة حقيقية، وهو أيضا أمر حيوي لنجاحنا الاقتصادي، لأن الحصول على أقصى استفادة من مواهبنا هو الطريق إلى رخاء أعظم".
جدير بالذكر أن محاضرة نادية يونس التذكارية هي جزء من صندوق نادية يونس الذي أنشئ تكريما لذكرى نادية يونس، التي توفيت في تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 أغسطس 2003، بينما كانت تشغل رئيس فريق ممثل الأمم المتحدة في بغداد الدبلوماسي سيرجيو فييرا دي ميلو. بجانب إقامة المحاضرة السنوية، ساعد الصندوق في إنشاء حجرة نادية يونس للمؤتمرات والتي تخدم أعضاء نموذج القاهرة الدولي للأمم المتحدة وجائزة نادية يونس للخدمة العامة والإنسانية.