القاهرة 18 ديسمبر 2018 الساعة 11:50 ص
كتب : صلاح صيام
عبد الوهاب الملوح: الشعر يمر بأسوأ أيامه ودور النشر ماكينات تبحث عن الربح
نواصل السباحة فى بحر الشعر, نرصد أحواله, ونستمع إلى أصحاب القوافى, نتعرف منهم على الأوجاع, فأهل مكة أدرى بشعابها, واليوم نلتقى مع الشاعر والمترجم التونسى عبد الوهاب الملوح, له عدة إصدارات في الشعر والرواية والترجمة والمسرح..
عندما سألناه هل انتهى زمن الشعر قال: ليس هناك زمن محدد ومخصص الشعر, كل الزمن هو شعر, والشعر هو كل الزمن, فلا يمكن للإنسان أن يعيش دون شعر, فهو يحيا به في أدق تفاصيل حياته اليومية حين إشراقة الشمس واستوائها في عرض السماء وحين غروبها وحين يخيم الظلام على الكون, يرى الإنسان الكون باحاسيسه ومشاعره؛ وبالتالي لا يمكن أن ينتهي الشعر من الكون.
وسألناه أيضا هل ما زال ديوان العرب قال: هذا مصطلح إجرائي جاء به الأكاديميون والنقاد, وكانوا يريدون من خلاله تصنيف العرب على أنهم أهل شعر؛ لغاية الرفع من شأنهم بين بقية الشعوب, وفي الحقيقة أضروا بهم, ولقد كانت للعرب صنوف أخرى من التعابير غير الشعر رائعة مثل الخطابة أو القصص وهي ترتقي في جودتها إلى مرقى الشعر.
وسألناه لم انخفضت مبيعات الشعر وصارت دور النشر تتجاهل نشره؟ فقال ربما تركيبة هذا السؤال تحتاج إلى بعض التعديل لو سمحت فهل هناك قارئ عربي أصلا ؟.. إذ لا يختلف اثنان أن هناك عزوفا نوعيا عند العرب عن القراءة, بل ويكاد العربي من دون بقية الأجناس الأخرى يتميز بهذه الصفة أنه لا يقرأ؛ لذلك قال أحدهم نحن أمة اقرأ لا نقرأ, وذلك لعدة أسباب ليس هنا محل التطرق إليها, وبالتالي إذا لم يكن هناك قارئ عموما فلا يمكن أن ننتظر قارئا للشعر رغم أن هناك من لا يزال يتابع الأمسيات أقول يتابع الأمسيات يعني، يستمع الشعر ولا يقرأه.
ودور النشر عموما هي شركات تجارية وماكينات تبحث عن الربح, وهي تلجأ إلى البضاعة الأكثر رواجا؛ ولذلك يتعامل الناشرين على الأجناس التي تحقق لهم الربح, من مثل الكتب ذات الطابع الغيبي أو أدب الأطفال أو الرواية التي وجدت طلبا كبيرا مؤخرا نظرا للجوائز المخصصة لها, هذا لا يعني أن هناك دور نشر -وهي قليلة- مازالت تؤمن بدور الإبداع الجاد والأمر في إصدار كتب شعرية.
وعن وجود شعراء جادين قال: نعم هناك شعراء جادون ومنشغلون بالبحث عن الإضافة الجمالية فيما يكتبون, ورغم اختلاف أساليب الشعراء فهناك كل حسب أسلوبه من يجتهد لتحقيق كتابة مختلفة ذات مرقة جمالي .
وعن إحياء الشعر قال: ذكرت أن ديوان العرب هو مصطلح إجرائي ومرة قال الدكتور جابر عصفور أن الرواية هي ديوان العرب, واسمح لي أن أعدل في سؤالك, كيف يمكن أن نعيد المجد للشعر؟ سأقول أنه لا بد من تضافر عدة عناصر, منها على الأقل على المستوى الإعلامي بجميع أنواعه البصري السمعي المقروء, لا بد من برامج تهتم بالشعر ومنابر مخصصة لهذا الغرض, وعلى المستوى التعليمي التربوي لا بد أن تتضمن المقررات الرسمية في البرامج التربوية نصوصا شعرية حديثة يتربى عليها النشء, ولا بد للدولة أن تتدخل في هذا الشأن بتشجيع الشباب على الإقبال على قراءة الشعر ومتابعته بتخصيص جوائز ومكافآت في هذا الغرض, هذه حزمة من الإجراءات التي لا بد منها لإعادة الاعتبار للشعر.
وعن تقييمه للشعر العربى قال: الشعر العربي يمر بأسوأ أزمة له خاصة في ظاهرة تداع المتطفلين عليه, وكثرة الملتقيات العشوائية, وظاهرة الانفلات في وسائط التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك", وفي ظل غياب منابر حقيقية ترعاه, أخشى ما أخشاه هو غياب الشعراء الجادين اليوم وترك الساحة لمن هب ودب.
وعن النشر الورقى وصعوبة استيعابه للقصيدة قال: هناك ظاهرة الإمكانيات والأصحاب والبزنس تسيطر على مسألة النشر الورقي, وسيبقى الوضع على ما هو عليه ما لم يكن هناك مسئول جاد ومؤمن بمسؤوليته, جاد ومبدع يشرف على نشر الإبداع.