القاهرة 16 اكتوبر 2018 الساعة 09:41 ص
قصة : حسين عبد العزيز
رغم أنى لم أسمع منه غير "نحنحة " لكنها تشدنى كلما مررت من أمامه , دائما يجلس فى المكان الذى تعودت رؤيته جالسا فيه .. على كرسيه بجوار شجرة "الفيقس " تلك التى يتجمع الذباب عليها ليلا كى يرتاح وينام بعد عمل شاق طول النهار ..والشجرة مزروعة أمام مقهى " زرياب " هذا الاسم الغريب والذى من شدة غرابته توجهت إلى صاحب المحل و سألته عن معنى الاسم فقال " أنه ورثة عن أبيه وهو بهذا الاسم و لم أحاول مرة أن أسأل عن معنى هذا الاسم ..الذى أوجد للمقهى شهرة واسعة جدا ؟"
وفى بعض الأحيان يكون يكون بين يديه كوبا من الشاى , وفى أحيان أخرى توجد جريدة بين يديه فما أن يحس أو يستشعر بقربى من خلال عطرى الفواح أو خيالى الذى يسبقنى إليه فرحا به , حتى يرفع نظره عن الجريدة أو فمه عن كوب الشاى ..بسرعه خاطفة بحثا عنى ..وما أن تلتقى العيون حتى أتكهرب وأبتعد بنظرى إلى الناحية الأخرى بطريقة لا إرادية .
وبخت نفسى كثيرا على هذا
ولكنى لم أقدر على أن أبقى عينى فى عينيه للحظات ,لأنه ما تكاد أن تلتقى العيون حتى أصاب بدوار وكأنه هبوط حاد فى الضغط .
أو كأن الجالس شىء مخيف مع أنى أحبه و لا أتخيل أن يمر يوما دون تكلمة عينى و يتكهرب جسدى برعشة شديدة عندما ينظر ناحيتى, وآآآآآه لو مررت بجواره ولم يتنحنح لأن نحنحته تذكرنى بنحنحة عبد الوهاب و فريد الأطرش, حيث يستعد ليسمع محبيه ورفاقه لحنا انتهى منه أو مقطع موسيقى أعجبه وأدهشه فأحب أن يدهش أصدقائه ومحبيه به .. ويفوق قلبى عليها .. فأغضب وأحزن لذلك.
أوه , هل الذى أحبه يتبع فلسفة الملحنين فى النحنحة أى أنه يأخذ من النحنحة أسلوب تسخين ثم يقف ويأتى ليحدثنى بأى كلام حتى ..
(أهلا يا أمل ..أو أهلا يا آنسة ) ساعتها أطير فى الهواء وأتحول إلى نسمة مع إن اسمى ( أمل ) لكن ما هو اسمه ؟ حقا لا أدرى .كيف هذا ؟ كل هذا الوقت وكل هذا الحب ولا أعرف اسمه وكيف أعرف اسمه .. ولم أكاد أحدث نفسى بهذا حتى سمعت أذنى صوت ينادى بكل قوته (نهوند يا نهوند ) ويقف من اسمه نهوند ويكون الجالس على الكرسى وفى يده جريدة .. فأصابنى دوار واهتز جسدى وأجدنى أتساند على نفسى وأنا أهبط رويدا رويدا وجلست فى مكانى وأنا لا أتبين الذى أمامى ومالت رأسى لتستقر على الأرض ..وتسمع أذنى صوت سيدة (يا جماعه فليأت أحد منكم بكوب من الماء , البنت وقعت مغمى عليها ) وهنا لمحت بطرف عينى حبيب القلب قادم كما فرسان العصور الوسطى يشق طريقه بين جموع الناس التى التفت حولى بسرعة .. فأرتفع نبضى وزدادت حبات العرق التى تتساقط من فوق جبينى .
أنحنت علي السيدة وهى تسألنى (ماذا حدث يا بنتى ؟) فقلت بصعوبة: قليلا من الماء . وقبل أن أكمل وجدت وجع قلبى يقول وهو ينحنى علي (كوب من الماء وملح أو لمونة محدقة أو زيتونة أصل الصبية ضغطها منخفط ). ابتسمت وأنا أحدق فى وجهه وكاد قلبى يهرب من بين ضلوعى فخفت أن يحدث هذا فينفضح أمرى, ولم أفق من فرحتى إلا بعد أن وجدته يعود إلى الخلف كما المايسترو .. ثم يعود وفى يده كوب ماء و ليمونة محدقة وهمس كما العاشق (تفضلى ) مددت يدى وأخذت الكوب فتلامست الأنامل (لن أتفوه بما حدث لى جراء تلامس الأنامل ) نظرت فى عينيه بتركيز شديد وقلت هامسه
- شكرا يااااااااااا
نهوند
- ماذا ؟
نعم اسمى نهوند
وهنا وجدت المرأة التى تسندني تهمس فى أذنى " تصدقى يا بنتى هو يريد أن يتزوج فقط من أجل أن ينجب طفل يسميه زرياب "
فقلت فى نفسى وأنا أذهب إلى دنيا غير الدنيا (وأكون أنا أم زرياب .. نهوند .. يااااااااااااخبر نهوند )