القاهرة 24 يوليو 2018 الساعة 11:52 ص
إعداد عبد الله المتقي ـ المغرب
إنه صاحب" مائة عام من العزلة التي صدرت لأول مرة في عام 1967 ،و حصلت على نسبة مبيعات عالية حيث تم بيع أكثر من ثلاثين مليون نسخة من الرواية وترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة من ضمنها اللغة العربية ، وكانت أكثر رواية من أمريكا اللاتينية قراءتها ، تدور أحداثها حول عائلة بوينديا الذين يعيشون في قرية خيالية تسمى ماكوندو وتقدم الرواية سيرة العائلة على مدى ستة أجيال. كما أنه كتب". الحب في زمن الكوليرا التي صدرت لأول مرة في عام 1985 ، ولاقت إعجاب الكثير من القراء وتحولت إلى فيلم سينمائي يحمل نفس الاسم ، وتدور أحداثها حول علاقة حب ربطت بين رجل وامرأة منذ أيام المراهقة إلى أن بلغوا سن السبعين ، وتتحدث الرواية عن تاريخ البلاد وما شهدته من أحداث في أواخر القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين.
كما أنه كتب"خريف البطريرك"التي صدرت عام1975 ، وتعد من أصعب روايات ماركيز بحسب اعترافاته ، وقد حصلت على نسبة مبيعات عالية ، تدور أحداث الرواية عن جنرال دكتاتور لا يفقه شيئا من السياسة غير سياسة بلاده ، وصل للسلطة بمحض الصدفة ، وتحكي القصة عن المأساة التي يعيشها شعوب العالم الثالث من قبل جنرالات لا يعرفون سوا التعذيب والرعب لشعوبهم .كذلك كتب "ساعة نحس" وهي الرواية التي صدرت أول مرة عام 1962 ، حصل الكاتب عن هذه الرواية جائزة نوبل للآداب في عام 1982 ، تدور أحداثها حول قرية كولومبية لا تحمل أي اسم يعيش بها شخص يضع بعض القصاصات الهجائية في البلدة يخلص بها أسرار الناس السيئة الذين يعيشون في هذه القرية ، وعندما تحدث جريمة لقتل زوج لعشيق زوجته يقوم رئيس البلدية باتهام ذلك الشخص الذي وضع القصاصات ويصدر أحكاما عرفية لاتخاذ إجراءات صارمة.
كذلك كتب "عن الحب وشياطين أخرى" التي صدرت عام 1994 ، الرواية مقتبسة من قصة أسطورية كانت جدة الكاتب ترويها له عندما كان صغيرا ، وتدور أحداث الرواية حول فتاة تبلغ من العمل 12 سنة لم يتم قص شعرها منذ أن ولدت بسبب توصيات القسسين عندما ولدت والحبل السري حول عنقها ، فأصبح شعر الفتاة طويلا جدا لونه نحاسي وكان ينمو حتى بعد موتهاولم ينس أن يكتب لنا"قصة موت معلن" صدرت لأول مرة في عام 1981 ، تدور أحداثها عن قصة حقيقية كانت جرت في قرية ماركيز في عام 1951 وهي مقتل سانتياغو نصار من قبل أخوة فيكاريو انتقاما لشرف عائلتهم وذلك بسبب اكتشاف زوج أختهم عن فقدان عذريتها في ليلة زفافها.
كما أنه بحث عن"الجنرال في متاهته"، وهي رواية تاريخية صدرت عام 1989 ، تدول أحداث الرواية في الأيام الأخيرة لحياة الجنرال سيمون بوليبار الذي كان من أهم زعماء حركة الاستقلال السياسي في أمريكا الجنوبية في القرن التاسع عشر .وحزن لأنه وجد أن"ليس لدى الكولونيل من يكاتبه"التي صدرت لأول مرة في عام 1961 ،وتدور أحداثها حول كولونيل متقاعد شارك في حرب الألف أصبح هزيلا وكبيرا في السن إلا أنه يثور بكل قوة لأجل ذكرى ابنه ولمساعدة أصدقاء ابنه.
كما أنه تعاطف مع "أرينديرا البريئة وجدتها القاسية"وهي مجموعة قصصية ، نشرت لأول مرة في عام 1972 ، تدور أحداث القصة الرئيسية للكتاب حول فتاة تدعى أرينديرا تبلغ من العمر 14 عاما تعمل كخادمة عند جدتها التي كانت قاسية جدا معها، حيث اتهمتها بحرق منزلها وتطالبها بتسديد ثمن المنزل بطريقتها الخاصة.كما أنه كتب قصة"الأم الكبيرة"، وهي مجموعة قصصية تم نشرها في عام 1962 ، وتدور أحداث القصة الرئيسية فيها حول امرأة فقيرة تذهب مع ابنتها إلى زيارة قبر ابنها الوحيد الذي تم قتله في قرية أخرى غير التي يعيش فيها بسبب سرقته لسيدة غنية هي من قامت بقتله بعد اكتشافها.
حين اقترب الروائي الكولومبي جابريل جارسيا ماركيز من الموت حاول أن يودعنا بأن يُقطّر خلاصة تجاربه في الحياة، ليخبرنا كيف رأى العالم، كيف رأى الكتابة، كيف تغلّب على مشاعر الحزن والأسى والتعاسات والسعادات التي مرت به طوال رحلته الطويلة في الحياة. ولأنه صاحب تجربة مميزة ومفارقة ونال شهرة عالمية منذ عمله الأشهر" مائة عام من العزلة" الذي تُرجم إلى كل لغات العالم أجمع تقريبا، وقرأه ملايين حول العالم، وتحولت بعض ‘ماله للسينما مثل " الحب في زمن الكوليرا"
وماركيز روائي وصحفي وُلد عام 1927، قضى معظم حياته ما بين المكسيك وأوروبا، وهو من أشهر كتاب الواقعية السحرية حيث يمزج الواقع بالفانتازيا ، وتعتبر "مائة عام من العزلة" درة أعماله تجليا أدبيا للواقعية حتى أن الأكاديمية الملكية الإسبانية ورابطة أكاديميات اللغة الإسبانية أصدرت طبعة شعبية تذكارية من الرواية، باعتبارها جزءًا من الكلاسيكيات العظيمة الناطقة بالإسبانية في كل العصور. وكان له موقف سياسي واضح من قضايا وطنه، وقد تسببت صداقته مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الكثير من الجدل في عالم الأدب والسياسة.
حصل ماركيز على العديد من الجوائز، من بينها: جائزة نوبل للآداب في عام 1982م، ووسام النسر الأزتيك في عام 1982م، ووسام جوقة الشرف الفرنسية عام 1981م، وجائزة رومولو جايجوس في عام 1972م.
كتب ماركيز خلاصة تجاربه في الكتابة، ورؤيته لأسئلة الكتابة، ولماذا نكتب في كتابه الشهير" عشت لأروي" حكى فيه مشواره الأدبي منذ أن بدأ كتابة القصص والروايات.
روايات «ماركيز» ليست أدبًا فقط، بل تاريخًا كاملاً، صادقًا جدًا لأنه كان يهتم بالإنسان في كل لحظات حياته، في لحظات الحب والتعاسة والألم، في لحظات الحرب في لحظات الموت، إنه حاول الإجابة عن سؤال الإنسان الوجودي، لماذا جئنا إلى هذا العالم؟ وماذا يمكن أن نترك وراءنا حين نرحل؟ وكيف يمكن أن نحب وأن نتغلب على الكراهية بالحب، حتى لو كان" الحب في زمن الكوليرا" ولعل رسالة الوداع الأخيرة التي تركها أفضل إجابة عن تلك الأسئلة حيث يقول:" لو شاء الله أن يهبني شيئًا من حياة أخرى، سوف أستغلها بكل قواي.. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور، وسوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام، وسأبرهن للناس كم يخطئون لو اعتقدوا أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، فهم لا يدرون أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق".
ويقول في رسالته أيضًا: "يا إلهي.. لو أن لي قليلاً من الوقت لكنت كتبت بعضًا مني على الجليد وانتظرت شروق الشمس. كنت سأرسم على النجوم قصيدة (بنيدتي) وأحلام (فان جوخ) كنت سأنشد أغنية من أغاني (سرات) أهديها للقمر، لرويت الزهر بدمعي، كي أشعر بألم أشواكه، وبقبلات أوراقه القرمزية.. وسأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، ولو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على الأرض ليس فقط عاري الجسد، وإنما عاري الروح أيضًا"
إنه يلخص معنى الحياة، ويجعلها متمثلة في قيمة واحدة هي «الحب»، الذي كتب به ودافع عنه وناضل من أجله، على امتداد رواياته، وحتى آخر رمق، ونجده في نص رسالته الأخيرة أيضًا، حيث يقول: "يا إلهي.. إذا كان مقدرًا لي أن أعيش وقتًا أطول، لما تركت يومًا واحدًا يمر دون أن أقول للناس أنني أحبهم، أحبهم جميعًا، لما تركت رجلاً واحدًا أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندي، كنت عشت عاشقًا للحب"
وبروح مُقبلة على الحياة وفي تحدٍ واضح للموت، أكمل «ماركيز» رسالته قائلاً: «يا إلهي، لو أن ليّ قليلاً من الوقت، كنت سأمنح الطفل الصغير أجنحة وأتركه يتعلم وحده الطيران، كنت سأجعل المسنين يدركون أن تقدم العمر ليس هو الذي يجعلنا نموت، بل الموت الحقيقي هو النسيان.. كم من الأشياء تعلمتها منك أيها الإنسان، تعلمت أننا جميعًا نريد أن نعيش في قمة الجبل، دون أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل، تعلمت أنه حين يفتح الطفل المولود كفّه لأول مرة تظل كفّ والده تعانق كفّه إلى الأبد، تعلمت أنه ليس من حق الإنسان أن ينظر إلى الآخر من أعلى إلى أسفل، إلا إذا كان يساعده على النهوض، تعلمت منك هذه الأشياء الكثيرة، لكنها للأسف لن تفيدني لأني عندما تعلمتها كنت أحتضر".
كما تمنى «ماركيز» في هذه الرسالة أيضًا، قائلاً: «لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائمًا، لكنت احتضنتك بقوة، ولطلبت من الله أن يجعلني حارسًا لروحك. لو كنت أعرف أن هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها تخرج من الباب لكنت احتضنتك، وقبّلتك، ثم كنت أناديك لكي احتضنك وأقبّلك مرة أخرى. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر مرة أسمع فيها صوتك لكنت سجلت كل كلمة من كلماتك لكي أعيد سماعها إلى الأبد. لو كنت أعرف أن هذه هي آخر اللحظات التي أراك فيها لقلت لك (أنني أحبك) ولتجاهلت بخجل أنك تعرف هذا فعلاً".
إنها قوة الرغبة في الحياة، حتى وهو على فراش الموت، يقول:" الغد يأتي دائمًا، والحياة تعطينا فرصة لكي نفعل الأشياء بطريقة أفضل. ولو كنت مخطئًا وكان اليوم هو فرصتي الأخيرة فإنني أقول كم أحبكم، ولن أنساكم أبدًا. ما من أحد، شاباً كان أو مسنًا، واثق من مجيء الغد، لذلك لا أقلّ من أن تتحرك، لأنه إذا لم يأتِ الغد، فإنك بلا شك سوف تندم كثيرًا على اليوم الذي كان لديك فيه متسعًا كي تقول أحبك، أو لأن ترسل لهم أمنية أخيرة أو تبتسم أو تأخذ حضنًا أو قُبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب، لذا عبّر عما تشعر به دائمًا، وافعل ما تفكر فيه".