القاهرة 29 مايو 2018 الساعة 11:52 ص
د. عوض الغباري
إيمان يوسف شاعرة مصرية أصيلة من الإسكندرية، وهى شاعرة فيلسوفة تجوب مصر والإسكندرية فى رحلة متصلة بالإبداع والفكر والشعر المتميز على مدى عقود طويلة.
والشاعرة إيمان يوسف غزيرة الإنتاج الشعرى والنشاط الأدبى، وعضوة بالهيئات الأدبية والمؤسسات الثقافية الكثيرة بمصر والإسكندرية.
ولكونها خريجة كلية الإعلام – جامعة القاهرة، فإن لها حضورا ثقافيا متميزا، ولها إنتاج أدبى وثقافى وصحفى كثير.
وقد أهلها هذا للحصول على جوائز وشهادات تقدير كثيرة، وميداليات من مؤسسات مدنية وعسكرية. وللشاعرة إيمان يوسف حضور متميز فى الفعاليات الأدبية والعلمية المختلفة، خاصة المؤتمرات والندوات، ومسابقات الشعر، والأمسيات الشعرية، ومؤتمرات أدباء مصر. ولها مشاركاتها الإعلامية فى الإذاعة والتلفزيون والجرائد والمجلات.
وتعددت روافد ثقافتها بين العلاقات العامة، والدراسات الإسلامية، والتنمية البشرية، وغيرها مما درسته وحصلت على دبلومات فيه.
إلى جانب إسهامها فى النقد الأدبى، ومناقشة إبداعها فى وسائل الإعلام المختلفة. والأكبر من هذا أن لها حوالى عشرين كتابا بين دواوين بالفصحى والعامية مثل ديوان "عرايس الشعر"، و"مشاعر" و"تنهيدة صبية" و"وشوشة البحر"، و"لحن الحنين" و"مصر جنة بتبتسم"، و"يافرح صاحبنى"، و"أنيس قلبى"، و"أحضان السنين" و"النيل واعدنى" و"احتوانى الانتظار" و"متغربة جوه الوطن".
وللشاعرة إيمان يوسف مجموعة قصصية بعنوان : "صباح الميدان"، وأخرى للأطفال بعنوان "حكايات ماما إيمان"، وتبسيط مسرحية إيزيس للكاتب توفيق الحكيم (للأطفال)، وصديقى الكتاب للأطفال أيضا، وكتاب إسكندرية – القاهرة . وقد صدرت هذه الكتب عن دور نشر لها قيمتها ومصداقيتها. وقد صدرت لها الأعمال الشعرية الكاملة فى "دلتا" للطباعة والنشر، سنة 2017.
ونتناول الجزء الأول منها، ويضم عددا كبيرا من قصائد الفصحى والعامية يبلغ ثمانى وثمانين ومائة قصيدة، وهو أكبر عدد وجدته فى مجلد كبير تبلغ صفحاته أكثر من أربعمائة صفحة، مما يعنى أن أغلب القصائد تقع فى صفحة أو اثنتين أو ثلاث غالبا.
وقد اختارت شاعرتنا لغلاف الجزء الأول من أعمالها الشعرية الكاملة قصيدة جميلة بعنوان: "با سافر فى التمنى" تقول منها:
باسافر فى التمنى
أدورع الحقيقة
وباركب قطر عمرى
فى غفلة الدقيقة
بركان حماس يعدى
بطيور ملهاش جناح
مصبوبة ف صبر دايما
بينادى ع الصباح
وهى قصيدة كاشفة عن شخصية شاعرتنا، وقد امتلكت أدواتها الفنية باقتدار، وانثال الشعر طيعا بين يديها، تسافر فى التمنى، ويسرقها الزمان، ويحدوها الحماس للبحث عن الحقيقة. متحلية بالشخصية المصرية الأصيلة مصبوبة فى الصبر، وقد حلقت بغير جناح.
ولاشك أن هذه الغزارة الشعرية وراءها هذا الشخصية التى واصلت العمل بحزم وعزم وجد واجتهاد، فأبدعت هذه القصائد الخاصة بالجزء الأول من أعمالها الشعرية الكاملة فى زمن يزيد عن ستة عشر عاما من سنة 1990 إلى سن 2006. وقد قدمت هذا الجزء بما يؤكد أصالتها، وامتنانها لأساتذتهاقائلة:
إلى كل من علمنى حرفا
أهدانى... نهرا
أنقذنى .. عمرا
فاتسع الكون
يسقينى فكرا
يروينى .. علما
يكتبنى شعرا
وهى تمزج رحيق شعرها بسحر الموسيقى، وشدو الطيور، وفوح العطور وطلوع الشمس والقمر، ونزول المطر. والصورة الشعرية المتفردة لإيمان يوسف تفوق الخيال، ولا يمكن للباحث المستقصى أن يحيط بها لأنها تفوق الحصر، ومنها قولها فى قصيدة "همس إسكندرنى":
لما الشمس تبوس البحر
وبتفرد ألوانها عليه
ومع أن القصيدة صفحة واحدة لكنها تتسم بالقصصية وعمق التناول.
ويبزغ فجر الحب، فيرد الشاعرة عن غربتها تقول:
أفوق على النور
وع الدنيا
بفجر جديد
والمفارقة سائدة فى الديوان، كالقصيدة التى أشرنا إليها الآن، وكقصيدة "رغم الزحام"، إذ تكتب الشاعرة قصائدها رغم هذا الزحام، فتسكب فيه روحها وألقها وإبداعها المتميز، وتوقها إلى الرقى والإقلاع فى سماء الشعر:
واجعل بكرة جميل الصورة
وانسى دموعى
وعناوين قصائد الديوان متفردة مثل: "دايرة الجرى الدنيوى" حيث تقول الشاعرة:
صرخ الورق
تاهت معاه الأزمنة
مشهد وداع الأمكنة
والشاعرة الإسكندارنية تصغى لصوت البحر فى قصيدة "وشوشة البحر"، وتعكس عليه مشاعرها، وتحدثه ويحدثها:
ويا الموجة اللى بتسألنى
وبتغسلنى من أحزانى
وتبدع الشاعرة "إيمان يوسف" قصائد كثيرة فى حب الإسكندرية مثل قصيدة: "إسكندرية" و"إسكندريتى"و"إسكندرية كمان وكمان". و"إسكندرية هى قمرك". و"إسكندرية صبية". و"إسكندرية الموال" . و"إسكندرية الحب".
تقول من قصيدة إسكندرية كمان وكمان وقد أهدتها إلى المخرج "يوسف شاهين" ابن الإسكندرية الذى أخرج فيلما بهذا العنوان:
إسكندرية يا شوق
حبك ف قلبى طوق
وقصيدة "نسيم الحنان" حافلة بألوان الصور المتفردة الداخلة فى أعماق فن الشعر، مفهوما وقيمة:
مشاعر ومشاعر
يفجر فى صمت السكون
الكلام
والشاعرة تشد الرحال إلى السفر البعيد الغارق فى تيه الزمن، وصمت الأمانى، وأنين الوجع.
وتحن الشاعرة إلى ذكرياتها فى قصيدة "ألبوم صور" وقصيدة " يا مدينتى" التى يغيب فيها الحلم.
وتوظِّف الأغنية الشعبية "عطشان يا صبايا" فى قصيدة الصومال معبرة عن الشقاء والتعاسة والحرمان، والطين الذى يعكر ماء النيل. والحزن تيمة أخرى فى الديوان مثل قول الشاعرة من قصيدة "ألوان من الزمن":
دا لون الحزن ملازمنى
يغير لونه ويجينى
يفجر فيّه غابة دمع.
وتلجأ الشاعرة للرقية بالبسملة فى قصيدة "تنهيدة" :
أرجوك يا ضى الكون
حصنى من عينهم
خلينى ف حمايتك
أرقينى بالبسملة
املانى حنيه
أما قصيدة "نشيد الموج" فتبدو ترنيمة حسب للإسكندرية، نتخيلها فى قول الشاعرة:
وأنا باحلم بليل العيد
نشيد الموج
يرجعنى لطوق الحضن
والإسكندرية شريان حياة الشاعرة فى قصيدة "إسكندرية" وكذلك تحتضن الشاعرة الوجود فى حب مصر فى قصيدة "أنيس" :
عيونك شمس سحرانى
ونيل بيسرى ف وجدانى
وفيها صور العيد والمرح والطبيعة الشادية بجمال الكون والشباب والأمانى والنغم، تقول الشاعرة فى ختامها:
عيونك قصة وأغانى
عيونك كونى وريحانى
عيونك يا مصر
وحب الوطن فى الديوان نابض بالصدق، صادر عن نفسٍ شاعرةٍ بأن الوطن هو الحياة والوجود. كذلك فشعر "إيمان يوسف" مثال جميل للشعر النسائى تنثال صوره رقيقة معبرة عن أحاسيس المرأة مرهفة المشاعر، حتى لو تمردت على بعض أوضاعها، كما فى قصيدة "شهريار" إذ تبدو الشاعرة فيها متطلعة إلى التحرر من "المشربية" التى ترمز إلى الانزواء فى البيت، فتنطلق حيث الحبيب:
باشتاق للحطة فرح
يا ضوء القمر
لأجل ما يوم انفلت م المشربية
والقى ف حضن الليالى شهريار
والطبيعة المصرية فى الصورة الشعرية لإيمان يوسف تتجلى فى النيل فى قصيدة: "عيون الصبية"، إذ تقول:
النيل عيونه صبية
نسمة فجرية
يطرح حرية
وتتبدى فلسفة الشاعرة فى قصيدة "مارد"، وتصويرها للزمان يطيح بأحلام الإنسان:
ويروح صباح
ويعود صباح
والصبر مارد
والحياة ما بينتهيش منها التعب
والشاعرة متسامحة مع ذاتها، تقول من قصيدة:
"معاهدة الزمن الجاى":
الأبيض يفضل أبيض
والأسود
م القلب يضيع
أو كما تقول فى حب وبهجة وأمل من قصيدة "جسر":
ما بين القلب وعيونا
وصال أبدى يطوقنا
على كتفه النهار طالع
يقول للشمس
تعطر عمرنا بهجة
قمرنا يعود يغازلنا
والصور مسترسلة فى الإبداع والخيال الجامح والرؤيا الفلسفية الإنسانية فى مراوحتها بين الحلم والحقيقة. والحب تيمة الديوان، تعزف منه أحلى قصيدة حب، وأجمل لحن فى قصيدة نغم:
إحساس بيربطنى
برعشة كف إيدك
ويا مشاعر م الوهج
والقلب ينده ع الأمل
والنغمة الرومانسية الحالمة للحب سمة الحب فى الديوان، وليس إلا الحبيب "فى قصيدة خيوط، مثلا" هو الذى يداوى الأحزان، ويبهج النفس، وينير القلب:
مين غيرك
حا يضفر لى النرجس فى عروقى
والحب "فى قصيدة شاطئ" وهى قصيدة ومضة، كما فى كثير غيرها فى الديوان، نغم ونشوة، وشلال بحار وأنهار وميلاد حياة.
والحب فى فراقه يسرق الحياة، ويلهب المشاعر، تقول الشاعرة من قصيدة "نصيب" :
بين المفارق.. الحب فارق
والحلم متواعد ويا الشوارع ع السفر
مسروقة منى الحياة.
والشعر مملكة الشاعرة فى قصيدة ومضة بعنوان "نورس" والرمزية سمتها، كما فى كثير من القصائد الأخرى، تقول "إيمان يوسف منها":
يفرفط الثلج ف عروقى
تسقط أوراقى رعشات
وعيونى تتنسج عناوين
تعشقنى تلاوين الشتا
وتمطر وجع
أما المفردات العامية المميزة فى الديوان كما فى "يفرفط" هنا، فإنهما ماثلة فى شعر إيمان يوسف بتنويعات كثيرة، تدل على عمق ارتباطها بالوجدان المصرى الأصيل، والأنثوى منه خاصة.
ومثل قولها من قصيدة : "لعمرى":
ويا كوم الفكر ع الصدر اندلق
من قلب متعفر تعب
والطبيعة أنس الشاعرة، وحياة قلبها، وهى تيمة فى الديوان، أيضا، كما فى قولها من قصيدة "ما لا نهاية":
أنا والسما والهوا وشجونى
ويا الشجرة والعصافير
فارده فى ساحة عمرى صداقة
ويا طبيعة تسودها براعة
جوا القلب قوام تتلاقى
لحظة ما بينا بتجمعنا
والموسيقية والإيقاع المطرب سمة شعر إيمان يوسف، يتضافر مع الصورة والخيال ليقدم للمتلقى متاع العقل والقلب والوجدان.
وشاعرتنا حائرة بين الانطلاق المصرى المحبّب فى الإقبال على الحياة والحب والتفاؤل، وبين التشاؤم والإحساس بالاغتراب فى الوطن، والمعاناة من لوعة الحب.
ونظرة إلى قصائدها تؤكد هذه الحيرة التى استغرقت سنوات طويلة فى حياة الشاعرة على المستوى الإنسانى وعلى المستوى الفنى.
وقد اكتسبت الشاعرة خبرة إنسانية عميقة فى فلسفتها، لكنها صاغتها ببساطة تعبيرية اكتنزت أثرها الجميل من التحام العامية المصرية بأمانى المصريين وآلامهم. تقول "إيمان يوسف" من قصيدة: "باسافر فى التمنى"
هشه يا روح دفينة
مدبوحه بالانتظار
لا قادرة تكونى واحة
ولا قادرة ع المرار
حب الحياة تعبنا
ودوانا فى البعيد
ونسافر فى التمنى
ندور ع الحقيقة
إنها الحياة الأبدية، خاصة فى مفارقة حياة المصريين بين حب الحياة، وبين قسوتها. غنت شاعرتنا للأسرة؛ لأبنائها، ولجدتها وجدتها وخالها، ونضحت حكمتها من التأثر بجدتها وجدها.
واتضح ذلك فى قصيدة "جدتى"وقصيدة "افتكرنى" و"زمانك الطيب يا جدى"وقصيدة "حبيبى".
واعتزت بالمصريين مشيدة بتاريخهم القديم، وآثارهم الخالدة، وبشخصياتهم العظيمة فى العصر الحديث كسيد درويش وأحمد زويل وأم كلثوم.
تقول فى "سيد درويش":
النغم فى الموج يدوب
عود بيهز القلوب
والشاعرة "إيمان يوسف" تذوب عشقا للوطن، وتخصص ثمانى صفحات لقصيدة بعنوان: الوطن، وهى قصيدة طويلة : تقول منها:
ضمة الحضن الأمين
لمة العيلة ف سلام
كلمة الصدق
ف صدورنا بتستكين
يبقى الأمل بين الكلام
هو الضمير
والوطن هو القمر، والسنين، وقلب الحنين، وشوق اللقاء، وشاطئ الحياة وشروق الحب، طوق النجاة، هو الغناء والفرح.
والشاعرة مصرية صميمة صدحت بأروع أشعارها فى حب النيل تقول من قصيدة "عشقتك يا نيل":
بداية ونهاية
ليالى وأغانى
أمانى وزمانى
ونيل المكان
والشاعرة فى مفارقتها الفلسفية تبدو قوية أحيانا، وضعيفة أحيانا أخرى شأن النفس الإنسانية فى بوحها الأصيل وشعر هذا الديوان مناجاة ذاتية، أو ديالوج تحاور الشاعرة ذاتها بين مشاعر الفرح والترح.
تغلب عليه المشاعر الوطنية، ويعالج بعض القضايا العربية.، فهى معنية بالقضية الفلسطينية، رثت الطفل "محمد الدرة" رثاء حارا، ولها قصيدة بعنوان : "صوت القدس بيصرخ"، وأخرى بعنوان "يا فلسطين". وأخرى بعنوان: "على لسان فتاة فلسطينية"و"فلسطينية احتواها الانتظار".
ويتضافر الحب بالطبيعة فى شعرها والضعف فى الحب، والتمرد عليه. وتغلب عليه المفردات العامية الأثيرة المعبرة عن عمق الشخصية المصرية فى الحياة اليومية. وتتعمق فيه الروح الدينية كما تجلت فى قصيدة "ارتحال الغروب"، تقول "إيمان يوسف" منها فى حب الرسول –ص:
قلبى صفا
عند الحبيب المصطفى
شوقى إليه قايد بنور ما ينطفى
وهى مناجاة للرسول –ص- واستشفاع به لخير العباد والبلاد.
أما شهر رمضان الكريم فتخاطبه بقولها:
يا عشق الروح
هدى الرحمن
آيات النور
بتبنى كيان
أما تيمة السفر والفراق فواضحة فى الديوان، والبكاء فى المواجع والغربة، كما فى قصيدة "قطر المواجع"، تقول الشاعرة فيها:
يا غربة ف موج البحور والشوارع
تنادى الحبيب اللى عمره ما راجع
وكثير من شعر "إيمان يوسف" أغنيات، فى قصائد ومضة، مثل "قصيدة الثمن"، وهى قولها:
آه يا زمن دوار
دورت لى ظهرك
دفعت لك عمرى
وشبابى كان مهرك
فرشت لك صبرى
فوضت فيك أمرى
آه يا زمن دوار.
وكذلك الأمر فى قصيدة "وسط الذكريات"، وقصيدة "بيانات الحلم".
والقاهرة عشق "إيمان يوسف" تتبع معالمها، وتغوص فى أعماقها، وتقدم قصيدة طويلة فيها تحت عنوان: "ريحة الحسين"، تقول فى مطلعها:
يا قاهرة
الله على ريحة الحسين الساحرة
حدفت فى قلبى فرحتين
وبسمتين
وفتحت فى عمرى شباكين
وأبواب كثيرة
من زمان متقفلة
وفى هذه القصيدة أغنية حب للقاهرة بعبقها الروحى ممثلا فى "مسجد الحسين". ومنه تجعل القاهرة روحها وحياتها وطريقها وأمانها، شادية بجمالها وبهائها، وقهوة "الفيشاوى"، وجامع "الحسين" وقت الصلاة.
وعناوين قصائدها عتبة للمعين العذب الذى امتاحت منه أسلوبها العامى مثل عنوان: "يا روح ما بعدك روح" وكذلك قصيدة "سك على المخاليق" وهو مثل يجسد الروح الشعبية المصرية فى إيثار السلامة. وتناجى الشاعرة القاهرة فى قصيدة "يا قاهرة" قائلة:
ضمى شوقى ما بين إيديكى
قلبى بينادى عليكى
دى المآذن والكنايس
والأماكن
فيها لسه حلمى ساكن
وتشدو بالسيدة والحسين رمزا لأحياء القاهرة العريقة، وما تمثله من روح الشخصية المصرية المؤمنة.
كما تشدو بمصريتها فى قصيدة "مصرية":
عاشقة الهرم
عاشقة النجوم
عاشقة السحاب
عاشقة العلوم
عاشقة النغم
مصرية أنا
ومصر فى قصيدة "مصر" هى:
الندى والمهتدى
تفتح بخيرها
حضنها لكل الشعوب
والثقافة متعددة الروافد رفدت الشاعرة "إيمان يوسف" بصور رائعة مما قدمنا، ومثل قولها من قصيدة:
" الشمس فى الحرف":
جرئ قلمى على الصفحة
يفجر جمر
فى جزر ومد
وللشاعرة مفهومها للشعر تصوره فى مواضع عديدة كقولها من القصيدة السابقة:
ويبقى الشعر عنوانى
ومدخل درب ألحانى
وتتحول عيون الشعر
عيون زهرة
جمال فكرة
أمل بكرة
وابدر صوتى كلمة حق
وأمد الإيد
أطول الشمس
وأدفى الحرف
وأتنفس قصايد شعر
فالشعر وسيلتها وغايتها صوتا للحق ورمزا للحق وعبورا إلى الأمن من الخوف.
وفى قصيدة "تنام الكلمة" تتخلص الحياة فى لحظة:
ما بين لحظة ولادة
ولحظة موت
حياة بتفوت
والشعر تجسيد لهذه الفلسفة الحياتية فى إيجاز بارع. والشعر فضفضة عن المشاعر فى قصيدة: "يفضفض إحساس":
بمشاعرى وشفافية روحى
يفضفض شعرى
والشعر فى قصيدة "بانوراما" ترويض للمشاعر:
بيتباين فى لحظة حب
تتحاكى ما بين قلبه
وبين صمته وترويضه
فى حلمه وشوقه للإحساس
والشعر هو الحياة والبهجة والفرح، تقول الشاعرة "إيمان يوسف" فى قصيدة "على جناح الكتابة":
بتنفس بالكتابة
وباحلم بالكتابة
سلطان يدخل بنوره
إحساس فى قلب شاعر
فرح وحب وإيمان
والشعر مملكة الشاعر:
بين القصايد دنيته
مملكته هى دولته
وبهجته ونشوته
وسطوره نور
ولأن شاعرتنا فنانة فإن مفردات الفن من مسرح وموسيقى ترد فى شعرها، مثل قصيدة "شهد مسرحى". و"أوراق الورد".
وتتبدى شخصية "إيمان يوسف" من شعرها، وقد قدَّمت أطول قصيدة فى الديوان من تسع صفحات بعنوان: "ملامح زمن"، ترى صورتها فى الشعر كأنه مرآتها التى تطل منها على أحداث الزمن، تقول منها:
ولما بصيت ف صورتى نادتنى
وعادت بى لعمر اعتاد
على الحيرة وع الحرمان
وبحر بيسرى ف الوجدان
أنا وهى بتجمعنا
شموع إنسان
وهى تناجى طفولتها فى قصيدة "كناريا"، فتقول:
ورجعت لنفس الطفلة
اللى بتتمنى الضمة
وبكاها برئ
على جفن رقيق
وقد تهتف الشاعرة باسمها اعتدادا بذاتها لا غروروا فتقول من قصيدة "العذراء":
قلبها إحساس حنان
بلبل يناجى القمر
وشروق الجمال
عاشق الكون والإيمان
إيمان إيمان
فهى تتوحد بالحب والطبيعة والجمال وترى نفسها فى ذلك خاصة أن القصيدة تتصل ببرج ميلادها.
وكذلك تخيلت فى قصيدة تتعلق بميلادها بعنوان "الميلاد" أنَّ الدنيا تحتفل بها:
متبروزة بضى الزمان
تنده إيمان
تكتب إيمان
تهتف إيمان
إن العالم الشعرى لإيمان يوسف مواج بالصور الرائعة، والمشاعر الرقيقة، والروح المصرية الأصيلة، والحب للفن والأدب والثقافة والجمال، والحضور الجميل فى هذه المجالى. فهل نتمنى أن نبحر فى هذا العالم الشعرى الزاخر بقيم الفن الأصيل فى الجزء الثانى من أعمالها الشعرية الكاملة؟