القاهرة 13 فبراير 2018 الساعة 10:03 ص
د. رمضان سيف الدين
يتملكنى الشعور القوى بأن قوتنا كدولة محورية يسكن فى القوة الناعمة , تلك القوة التى يجب أن يٌعاد تنظيمها فتصبح قوةً مستقلة لا هى تابعة لفرد ولا هى تابعة لنظام رئاسى يزول بزوال صاحبه ولا هى تابعة لجهاز يتغير بتغير مجلس ادارته ,
والقوة الناعمة لا تتوقف على المستوى الثقافى للدولة , بل على المستوى التعليمى ايضا وإنتاجه للأفراد ,فالفرد المواطن هو منتج تعليمى , وهو احد مكونات القوة الناعمة , والمضيف إليها , والمبدع , والمجدد فيها بما يضمن استمرارية حقول القوة الناعمة
ومن المفترض ان التعليم يضع القواعد الأساسية للثقافة والمجتمع يغذيها والفرد صاحب الإضافة والموهبة
وأولى قواعد القوة الناعمة هى اللغة بكل ما تملك من مكونات ومكنونات ومشاعر وأحاسيس وتراكيب لغوية ومفردات تعبر عن وقائع تاريخية وطبائع بشرية عقلانية وغير عقلانية أغلبها تتميز بالبرجماتية مع الاَخر
واللغة لاتنتشر كقوة ناعمة إلا بقدر احتياج الآخر إليها , أو أنها تفرض نفسها على الوجود الفضائى سواء وجوداُ واقعياٌ أو ذهنياُ أو افتراضياَ وأنت لا تستطيع أن تفرض نفسك على الاَخر اِلا أذا كانت لديك جودة الفكرة , وقوة الواقع , والحوار المتمدين مع الآخر
وإذا ما توجهت الثقافة الى خدمة فئة بعينها اِجتماعية كانت اُو سياسية أو اقتصادية , فسوف تكون المخرجات متوجهة صوب الفئة أو الجماعة تحقق مصالحها أولاُ دونما مراعاة للقوة الناعمة على المستوى الدولى والإقليمى,
فالقوة الناعمة لا ترتبط بفئة بقدر ما ترتبط بمجتمع , فالفئة الاجتماعية هى شريحة اجتماعية وليست كل المجتمع وبالتالى لا تستطيع أن تعبرعن كل مكونات القوة الناعمة , لكنها تستطيع ان تعبر عن الاحتياجات الطبقية لشخصها ولكيانها ,
والاِحتياجات الطبقية ليست تمثل المكونات الكلية للقوة الناعمة ,
فاذا ما سيطر على الوضع شريحة سياسية أو اقتصادية أو سياسية تتسم المخرجات فى ذلك الوقت بالتوجه إلى ناحية واحدة وهو مايشبه ( الحول ) الذى يصيب العين البشرية ,
ويصبح لدى المجتمع ما يسمى (بالحول الثقافى ) وهو أن تتوجه الثقافة برمتها الى خدمة فئة أو طبقة بعينها دون باقى الفئات الاجتماعية أو الطبقات الأخرى
وأخطر ما تعانيه الأمة هو ذلك (الحول الثقافى )وهو أن تتوجه الثقافة لخدمة طبقة اوفئة سواءًمثقفة ًأو غير مثقفة
فالحاجة الى الثقافة أمرحياة وليس ترفاٌ ثقافياٌ,
(والحول الثقافى) يحدث خللا ً استراتيجياُ فى المكان الثقافى للأمة ينتج عنه (النفى الثقافى ) أو الاستبعاد لمواصفات بعينها ولفئات بعينها , وإهمال جوانب ثقافية فى المجتمع , واعتبارها من ثقافة الرعاع , أو ثقافة الدهماء ,
وبالتالى شطر الثقافة إلى شطرين شطر يعبر عن الصفوة وشطر يعبر عن العمل الشعبى أو باقى أفراد المجتمع ,
وتتحول الثقافة إلى قطاعات , بل تتحول المنشُات الثقافية الى منشئات يسيطر عليها العمل من أجل الصفوة ,وأفكار الصفوة ,وأحلام الصفوة ومنشأت يسيطر عليها العمل من أجل الطبقات الأخرى, بل أن أماكن بعينها ونوادى بعينها تصبح مخصصة لمثل هذه الثقافة الحولاء ,
بل إن الدعم كله يتوجه اٍلى مثل هذه الثقافة التى توصف على أنها ثقافة الكبار, بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى صياغة قوانين تتناسب وهذه الثقافة , مثل هذه الثقافة لا يمكن أن يكون فيها قبول الاًخر أو المشاركة بمفهومها العميق , أو الحرية الثقافية
ويبقى الاستقلال الثقافى الذى يحرر الثقافة من سيطرة الفئات المستغلة والمستلبة لحقوق الاخر الثقافية , هذا الاستقلال هو اعادة التوجه ناحية الوجهة الحقيقية للبنيان الثقافى . بناء القيم القائم على قيم الحرية والمشاركة , وقبول الاَخر أما كيفية الاستقلال فهو موضوع اَخر