القاهرة 19 ديسمبر 2017 الساعة 11:41 ص
بقلم: د. رمضان سيف الدين
إن المتخصص فى العمل الثقافى يمكن أن يلاحظ عشوائية الحياة الثقافية التى نعيشها,, فلا منهجية عمل يتم التحقق منها والسير عليها , ولا أسلوب من أساليب العمل الثقافى يتم التحقق من العمل به,, ومعروف أن المنهج يختلف عن الأسلوب ,فعلى سبيل المثال اذا كان منهجى فى كل الأمور الشك فاننى أضع الحقائق أمام عينى على منضدة الشك وأفند هذه الحقائق لأصولها الأولى ثم أخضعها للتحقيق ومثل هذا المنهج لا ينفى عن الحقائق كونها كذلك بل يزيدها تاكيدا وتوضيحا
ومهمة العمل الثقافى هى تحريك الوعى وزيادته وليس ثبات الوعى أو ترديه ونزوله الى اقل مما هو عليه أو الحفاظ عليه فالوعى هو الحالة الدينامية للمجتمع فكونى واعيا بقضايا مجتمعى أسبابها ونتائجها وحلولها المطروحه لها يعنى أننى على وعى ثقافى بما يدور فى مجتمعى أما غير ذلك فاننى اما أملك وعيا زائفاً او لا أملك وعياً على الاطلاق
أما أسلوب الوصول الى هذا المنهج فهو كيفية العثور على هذة الحقائق ,, على سبيل المثال اذا كنت أشك فى افكارى وأحاول التحقق منها فان القراءة الرأسية هى أسلوب التحقق من صحة هذه الافكار , أما اذا كنت أشك فى مجموعة ظواهر على الارض فان الملاحظة المباشرة , أو الملاحظة بالمشاركة هى أحدى الاساليب التى يمكن ان تبرز لى هذه الظواهر وقس على ذلك كل المناهج العلمية المخصصة للعمل الثقافى والأساليب او الاَليات التى بها يتم العمل الثقافى
لم نسمع يوما أن مديرا من المديرين تبنى منهجا للعمل واتبع بذلك اسلوبا تناسب والمنطقة الثقافية التى يتعايش معها ثقافيا سواء أكان مديرا لقصر من القصور أو كان مديرا لادارة من الادارات , للأسف الشديد الكل يسير حسبما تقتضية الضرورة وحسبما يريد الرئيس الأعلى (حسب الأوامر ) والمبرر لدى الكل هو الأوامر والمبرر لدى الرئيس الاعلى هو (بطاقة الوصف)
أن اساليب العمل الثقافى تختلف من منطقة لأخرى سواء المناطق الثقافية او المناطق الجغرافية , فالمناطق الثقافية يتم تقسيمها حسب الموضوع الثقافى , والمناطق الجغرافية يتم تقسيمها حسب الخريطة السكانية والمناطق الحدوديه , وقد يحدث بينها تداخل لكن لا يحدث بينهما إرباك فى ممارسة العمل الثقافى , فالبداوة موضوع ثقافى , والحضرية موضوع ثقافى , والتداخل بينهما يرفع من مستويات العمل الثقافى ويسمح بتعدد الاَليات والأساليب مما يزيد من مرونة العمل , وبالتالى أساليب العمل فى البداوة غير اساليب العمل فى الحضر غيرها فى الريف
والذين يتصدرون العمل الثقافى فى مصر أغلبهم من غير المتخصصين سواء من حيث الدراسة أو من حيث الخبرة والدراية , وليس معنى كونه موهوباً فى الشعر أو الادب او أى لون من الألوان الفنية أو الثقافية أصبح متخصصاً فى العمل الثقافى, فمايزال خريجو القانون يعملون بالعمل الثقافى وخريجو الزراعة يعملون بالعمل الثقافى ,ومتخصصون فى التاريخ يمارسون الثقافة على نحو مشين ,,واعلاميون يضعون خططاً للعمل الثقافى, وإذا كان من حقيقة القول أن العمل الثقافى ليس حكراً على المثقفين او المتخصصين فى العمل الثقافى ,فإن للعمل الثقافى قواعده ومناهجه وادواته واساليبه التى يجب اتباعها وعلى الكل ان يتفهمها وان يدرسها فى دورات تدريبية متعمقة ,والا فليرحل العشوائيين الى غير رجعة أذا لم يستطعوا أن يمتلكوا أدوات ثقافية , مناهج ,واساليب
والعمل الثقافى فى مجمله لا يخضع للتبعية لاى جهة من الجهات السيادية إذ أنه المكون الحقيقى للقوة الناعمة , فتفرده احدى ادوات قوته ومناهجه المتعددة من أدوات تميزه عن العمل الصحفى أو العمل الاعلامى أو العمل الأقتصادى أو العمل الاجتماعى أو أى عمل كان فالثقافة قاطرة التنمية والوعى هو محرك هذه القاطرة وكلما كان العمل الثقافى ديناميا متطوراً كانت التنمية فى تطور واستمرار وكانت قابلية المجتمع للتطور سلسة ومرنه