القاهرة 23 ابريل 2017 الساعة 10:18 ص
تحدي المصريون الموت والغدر وإهدار دماء أبنائهم ومزارع الموت المنصوبة لهم بالاحتفاء بالحياة، وخرجوا وملأوا كعادتهم الحدائق وركبوا المراكب في النيل، وذكروني برسوم تملأ المعابد للمصري القديم وفسحته المقدسة في أحضان النهر كجزء أساسي من طقوس الاحتفالات التي مازال يتمسك بها أحفادهم المحدثون.. وأثبتوا أن إرادة الحياة فيهم لن يهزمها إرهاب أسود أو خفافيش ظلام أو الظروف الصعبة التي يعيشون تحتها الآن.
بدت لي طاقاتهم المتجددة وعشق الحياة والإرادة الصلبة التي استعصت عبر تاريخهم الطويل علي الانكسار والهزيمة رسالة يجب إن تُقرأ جيدا، رسالة تجدد فروض احترام صمودهم البطولي وضرورة توفير ما يخفف عنهم الأحمال النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي وضعتهم تحتها الأزمات والتحديات، سواء ما كان ميراث عشرات السنين قبل الثورة أو ما بعدها.. والانتباه إلي أن القدرة علي الفرحة لا تعني أبدا أنه ليس في قلوبهم آلام وأحزان ثقيلة.. انها رسالة تفرض البحث عن اجابة لسؤال مهم.. كيف تكون مكافأة هذا الصمود وكيف يكون دعمه وكيف يكون الحفاظ عليه واستمراريته كظهير قوي لحرب الوجود التي تخوضها قواته المسلحة وشرطته؟
هل أكون مبالغة إذا قلت انه للأسف وضد كل هذا مازالت تُدار كثير من الأمور والمؤسسات والسياسات، ومازالت معالجة قضايا بالغة الأهمية غائبة عن الوعي بحقيقة معاناة المصريين، ومازال التناقض سيد تصريحات حكومية كثيرة وتنافس مدهش ومؤسف لإطلاق تصريحات ووعود ضخمة دون اعتبار للمردود السلبي لافتقاد المصداقية رغم ما تفرضه التحديات التي تملأ المشهد الوطني من فروض للجدية ولأعلي درجات الالتزام والاتقان.
هل تُخطيء الملايين تحت خطوط الألم والظروف الأصعب عندما يحسون أنهم وحدهم عليهم تحمل تبعات الأزمات الاقتصادية ـ وهل قدمت الحكومة أدلتها موثقة علي ما اتخذته من سياسات وقرارات ليحمل الأزمات الأقدر علي تحملها؟!
لفتني الخبر الرئيسي الذي تصدر صحيفة «الوفد» الأربعاء 19 الحالي بعنوان [القاعدة الضريبية قاصرة وتفتقد العدالة.. والتحايل مستمر] نص الخبر يقول: اقترحت دراسة لمعهد التخطيط القومي فرض ضريبة ثروة يتم تحصيلها لمرة واحدة تخصص لسداد جزء من الدين العام لتخفيف أعباء خدمة الدين في الموازنة. أكدت الدراسة ـ التي عرضها المعهد برئاسة د. عبد الحميد القصاص ضمن عدد من الدراسات لإصلاح المالية العامة والتي أعدها فريق بحثي مكون من د. إبراهيم العيسوي ود. هدي صبحي ود. سهير أبو العينين ود. نيفين حامد ود. هبة الباز ود. أحمد عاشور، أن مصر تعاني من فجوة ضريبية كبيرة وضعف في موارد الموازنة العامة تزايدت حدته بعد ثورة يناير. ويوضح هيكل الضرائب أن القاعدة الضريبية قاصرة ولا تشمل كثيرا من الأوعية، كما أن العبء الضريبي لا يتوزع بعدالة. وقد قامت الدولة في عام 2014 ببعض التعديلات الضريبية في قانون الضريبة علي الدخل، استحداث شريحة جديدة كما أخضعت الأرباح الرأسمالية علي التعاملات في البورصة للضريبة علي الدخل وأدخلت تعديلات علي قانون الضريبة علي العقارات المبنية، وتمثل هذه التعديلات خطوة في الاتجاه المطلوب، إلا أنه مازال هناك مجال لمزيد من الإصلاح الضريبي المطلوب وأن الضرورة تقتضي أن يتحمل الأغنياء قدرا أكبر من عبء التحديات الحالية التي تواجهها مصر يتناسب مع ما اكتسبوه من ثروات واستفادتهم من الثغرات الضريبية والإعفاءات والمزايا المتعددة التي منحتها الدولة لهم، وأن اصلاح الضرائب علي الثروة يجب أن يتم في إطار إصلاح ضريبي شامل وتطوير الإدارة الضريبية والمواجهة الفعالة للتحايل والتهرب الضريبى، ولفت المعهد إلي أن ضرائب الثروة مطبقة في معظم دول العالم.
وإلي دراسة معهد التخطيط القومي تضم أيضا سياسات للدولة تهمل في اتخاذ إجراءات متاحة للتخفيف عن الأكثر ألما.. فماذا عما لم يتوقف المواطن عن سماعه ولم يتحقق أبدا، بل أصبح ينافس الخرافات الثلاث الأشهر في زماننا القديم ـ الغول والعنقاء والخل الوفى، تبدلت الأحوال والزمان والعدالة ويبدو أن الخرافات الثلاث ستطلق علي قانون استثمار لا يصدر وصناديق خاصة تخشي الحكومة الاقتراب منها، بينما تتناقص أرقام المليارات داخلها وطالب مجلس النواب أكثر من مرة بفض أسرار وأموال هذه الصناديق وضمها للميزانية العامة لتشارك في محاولات الإنقاذ وعدم تحميل المصريين أهوال ومحن قروض جديدة. تصدر الصحف الاسبوع الماضي عنوان يقول [مصر تتعجل البنك الدولي وصندوق النقد للحصول علي 2.25 مليار دولار»!! وماذا بعد استكمال أقساط القرض الثلاثة؟!! ولماذا لا تصدر الحكومة بيانا موثقا بما تحقق بالفعل لدعم المصانع والعمال والفلاحين وزيادة الانتاج الصناعي والزراعي والتصدير وبما تم تخفيضه من المستورد من المحاصيل الاستراتيجية والغذاء؟!
> وحتي لا أنسي ثالثا ما أصبح يبدو أمام المصريين كالأقوال المستعصية علي التنفيذ وتنضم إلي قانون الاستثمار ثم كشف أسرار وخبايا وفساد الصناديق الخاصة تأتي أموالهم التي هربت للخارج والمليارات التي أعلنت وانكرت عشرات المرات ومن أجل استردادها تكونت عشرات اللجان الرسمية وأنفقت علي رحلات البحث عنها الملايين ـ دون استعادة جنيه واحد ـ منذ شهور أعلن محامي الرئيس الأسبق أنه لا يملك مليما واحد بالخارج وبالأمس القريب أعلن السفير السويسري 18/4/2017 ـ المصري اليوم أن أموال الرئيس الأسبق بسويسرا لا ترتبط ببراءته أو عدم براءته، لأن جهة مستقلة في سويسرا تقرر الإجراءات وانه تم تجمد هذه الأموال لمدة عام آخر حتي فبراير 2018، ولا أريد أن أطيل في تفاصيل مريرة عن ثروات هائلة جمعت من بلد وشعب يعاني كل هذه المعاناه واكتفي ببعض مما جاء في تقرير نسب للجان الرسمية لفحص الثروة.. أن عمليات تقييم الثروة العقارية والسائلة الموزعة ما بين سويسرا ولندن والولايات المتحدة الامريكية وقبرص وغيرها اصطدمت بعقبات كبيرة بعضها أنها تتبع نظاما ماليا مركبا يصعب علي المحاسبين حصرها بدقة كما يصعب الحصول عليها ويسعي محامو الرئيس الأسبق الآن لفك تجميد تلك الاموال مستخدمين أحكام البراءات التي صدرت بحقه ـ أما الارقام التي يوردها التقرير فتؤكد أن الرئيس الاسبق وبعض أفراد حكومته يمتلكون في الخارج ما يقارب المليار ونصف المليار دولار من بينها 650 مليون دولار للرئيس ونجليه بما يعادل 9 مليارات و 750 مليون جنيه، وهي عباره عن أصول وعقارات في لندن وقبرص وامريكا بجانب 410 ملايين دولار في سويسرا!!.. وما حقيقه ما يتردد من تقصير الدولة في استرداد أموال الشعب.
> إلي متي نترك أصحاب الجيوب الفارغة يدفعون أثمان ما نهب وسرق من ثروات بلدهم، وما لم يتم ترشيد وتعظيم إدارته من ثروات طبيعية وبشرية تفيض بها.. ألا يستحق الصمود البطولي للملايين؟ والا يستحق الدم الذكي والشهيد لأبناء مصر من مدنيين وجيش وشرطة.. احتراما ووفاء لهم؟!! مره ثالثة.. ودائما.. رجاء اقرأوا جيدا رسائل الصمود والصلابة والاحتمال والمعاناة بكل أشكالها الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والثقافية.. وبادروا وأسرعوا الي ما يخفف ويثبت الاحترام الواجب لكل ما قدموا ويواصلون تقديمه من تضحيات.. وحملوا الأعباء القاسية التي ترتبت علي الإجراءات الضرورية لمن أشبعهم هذا الوطن بلا حدود، فان لم يعطوا بقانون الضمير والواجب فليكن بقانون العدالة والحماية في اللحظات المأزومة التي تعبرها مصر.. واوقفوا الأحاديث العبثية عن زيادة أسعار الخدمات الطبية في العلاج الاقتصادي وذلك العزف النشاز الذي يجس النبض لإمكانية خصخصة مستشفيات الحكومة.. وليعلن وزير الصحية وسط التصريحات المتناقضة التى لايكف عن إطلاقها من هو «لوبي المصالح الذى يسعي لتعطيل تطبيق التأمين الصحي» ـ وهل يحمل المواطن عبئا أكبر في تكلفة علاجه مما دفع نقابة الأطباء الي رفضه!! ولماذا كلما شكي وزير أو مسئول مهم أو قادر من «شكة دبوس» طار للعلاج في الخارج.. ما اسم وتكلفة وجودة مايخضع له الملايين من المصريين ؟!