القاهرة 16 ابريل 2015 الساعة 12:49 م
أخشي.. أن أجور علي حق رئيس الدولة.. وحق رئيس الوزراء.. وحق الأجهزة الأمنية والعسكرية وأجهزة المعلومات.. إذا حاولت اليوم.. أن أوجه عدداً من الملاحظات.. أو أوجه نقداً.. يتضمن قصوراً.. أو عدم جدية.. أو غياباً كاملاً لدراسة وبحث الوضع الأمني للبلاد.. واستبداله بنوع من التواكل غير الرشيد.. والارتكان أو الاعتماد علي.. معلومات عامة.. واجتهادات سطحية.. وتصورات غبية.. لأوضاع- هي في حقيقتها- أبسط.. وأقل كثيراً مما قد يعتقده البعض بأننا أمام مؤامرة محكمة.. وأمام عصابات مجهزة ومدربة وعلي أعلي مستوي.
خشيتي من "الجور".. علي قيادات الدولة وأجهزتها.. سببه.. أنهم جميعاً يبذلون جهداً غير عادي.. ويمارسون أعمالاً.. ويطبقون علي الأرض المصرية.. وفي كل الاتجاهات.. مشروعات كبري.. ويحاولون بعزم أكيد.. وضع مصر كلها.. علي الطريق الصحيح.. ومن خلال برامج وإنجازات تضيف إلي البلاد وإلي العباد.. ولا تخصم من رصيدها.. أو تعطل مسارها.
برامج بناء.. تسخر كل الإمكانيات.. وتعظم فرص المستقبل.. ولا تترك أي ثغرة يتسلل من خلالها.. العملاء والمخربون والمأجورون.
والقراءة المباشرة.. والنظرة المتأنية والمستنيرة تثبت وتبرهن علي أن الدولة.. جادة بالفعل.. فيما تريد تحقيقه من أجل مصر.
والمشروعات الكبري.. كمشروع قناة السويس الجديدة.. ومشروع العاصمة.. والمحافظات الجديدة التي يجري العمل من أجل إنجازها.. وغيرها كثير.. كلها.. دليل علي أن هناك رغبة.. وإرادة وهمة.. من أجل التغيير للأفضل.
لكن.. من الواضح والجليَّ.. أن الأزمة التي نعيشها.. والإجرام الذي نطالعه. ويواجهنا. كل يوم وكل لحظة.
وأن الفوضي الأمنية.. التي تخرج علينا.. وفي كل مكان.. حتي في المواقع المفترض أنها.. "عصية".. علي الاختراق.. والمفترض أنها هي نفسها.. المنوط بها كشفت المجرمين والمخربين.. والمطلوب منها القبض علي الفاعلين قبل إنجازهم لأي جرم.
هذه "المواقع".. الحصينة "افتراضاً".. أصبحت هي نفسها.. الهدف وأصبحت.. "دليل قدرة".. علي غياب الأمن.. ودليل قدرة علي سيطرة وتمكن العصابات "المستأجرة".. والممولة. والمجهزة من أجل.. نشر الفوضي.. ومن أجل "فقدان الثقة".. في الحكم وأجهزته.. هذه "الصورة".. الكئيبة- بل و"المخربة"- في نفس الوقت ليست أبداً.. دليلاً صحيحاً وصادقاً.. علي أن أعداء الوطن "أقوياء".. وليست عنصر إثبات.. أو برهاناً علي أنهم أصحاب "أغلبية" مجتمعية.. وأهل مصداقية لدي الجماهير.. بل العكس هو الصحيح تماماً.. فهم ليسوا بالتأكيد أقوياء.. بل هم جبناء.. وأغبياء.. وعملاء.. يختفون وراء البسطاء.. ويستغلون الغلابة والمحتاجين.. ويرشونهم بالمال. أو الغذاء.. ويزيفون صحيح الدين.. ويدمرون قواعد الأخلاق والسلوك الصحيح.. وبالتالي.. المشكلة ليست هنا.. المشكلة ليست عندهم.. المشكلة عندنا نحن.. المشكلة في الأسلوب الذي تتصدي به الدولة لمواجهة ومكافحة هذه العصابات.. التي تخطط. وتدبر. وتمول. وتسلح..
المشكلة تتمثل.. في عدم قدرة الدولة.. بأجهزتها.. وبشعبها الذي يساندها.. ويقف خلفها.. عدم قدرتها علي الغوص.. بشكل أعمق وأوسع.. لتكشف هذا التداخل.. وهذا التعامل أو التعاون بين محرض وعميل ومأجور.. وبين أدوات تتولي مهمة التنفيذ.. والتفجير.. والتدمير.. والقتل والتخريب.
المشكلة كذلك.. تتمثل في عدم القدرة علي استنباط الأسلوب الفاعل والمؤثر.. لتعرية هذه "التحالفات الخائنة".. والإمساك بقادتها.. وبعناصرها الفاعلة.. وبأدواتها المنفذة.
المؤسف والمحزن.. أن جماعات الشر وعناصرها.. مازالت هي القادرة علي "النفاذ".. وعلي "التجنيد الإجرامي".. وعلي الوصول إلي الأهداف "الحصينة".. أو هكذا نظن.
***
المطلوب.. لمواجهة هذا "الشر المستطير".. أن تولي الدولة بأجهزتها المتعددة.. اهتماماً غير عادي.. لاقتحام هذا التحالف "الكافر".. والمعيب.. هذا التحالف الذي يضم- كما أسلفنا- العملاء من قوي الشر بجماعاته وقياداته وعصاباته.
كما يضم هذه الأعداد الغفيرة من الفقراء.. والمحتاجين.. والمشردين.. والخارجين علي القانون.. والمهمشين من العاطلين.
وإذا كانت جماعة الشر.. من الإخوان قد استطاعت وعلي مدي أكثر من ثمانين عاماً.. أن تتسلل. إلي هذه الفئات. علي اختلافها وتنوعها.. واستغلت "غيابها الديني".. وفقرها وحاجتها.. بكل أساليب الرشوة.. والفساد والأكاذيب.
فالذي لا شك فيه.. أن المجتمع بأحزابه. وقواه السياسية. والمجتمعية. والفنية.. وأن الدولة.. بأجهزتها المتعددة أمنية وعسكرية ومعلوماتية.. لابد أن تكون أكثر قدرة.. وأكثر كفاءة.. للوصول إلي هذا الكم الهائل.. من البشر الذي تجنده.. وتموله.. وتؤهله لتنفيذ جرائمها.. وأعتقد أن عدداً كبيراً من قوي المجتمع المصري.. قادر علي المساهمة الفعالة من أجل سحب "هذا الرصيد".. الخطير والهائل من أيدي العملاء سواء كانوا أجانب.. أو كانوا "جوازا" مواطنين.
والقناعة.. التي لا شك فيها.. أن الاهتمام بهذا الجانب من المعادلة.. لابد من أن يثمر.. وفي أسرع وقت.. علي نجاح باهر.. فيما يتعلق بالفصل والتفرقة.. بين قوي الشر والإجرام في حق الوطن.. وبين جماهير "الغلابة".. علي تعددهم واختلافهم والذين يتم تعبئتهم وتوظيفهم.. فيما يتعرض له الوطن من أخطار.. ولا شك أن عدداً من رجال الأعمال وعدداً من القوي السياسية والمجتمعية والأحزاب لن يتردد في تمويل.. هذه التعبئة المضادة.. للقوي التي يتم استغلالها.. ذلك أن من يظن.. أن هذه المجموعات.. أو العصابات.. أو الأفراد.. أو العاطلين.. أو حتي المجرمين.. هؤلاء وغيرهم ممن يستغلهم عصابات الشر.. يمكن أن يتركوا من يمولهم ومن يحميهم ومن يوظفهم في كل مهمة إجرامية.. ويتركوهم ويعودوا إلي الرشاد والحق.. ودون أن يقدم لهم بديل "مجزي".. أو عقاب رادع.. من يظن ذلك واهم.. أو ساذج.
***
فإذا عدنا للبداية.. وتوقفنا أمام مهمة الدولة ودورها الحاسم في وضع نهاية.. لما نواجهه ونعيشه يوماً بعد يوم.
مرة في معاقل الدولة الحصينة.. كما حدث مؤخراً في تفجير قسم ثالث العريش.
وما حدث مؤخراً في تفجير "برجي كهرباء مدينة الإنتاج الإعلامي" وقبلها العديد من العمليات الإجرامية.
إذا عدنا إلي هذه البداية.. نؤكد.. ودون أن نستهدف.. لوماً أو إدانة للدولة.. أن هناك خطأ فادحاً. مازال يشوب علاجنا. ويشوب أساليبنا.. وأنه لابد من البحث الجاد عن الأسباب الخفية التي تصيب تناولنا من عوار. .ومن خطأ..
هل هناك عملاء في أجهزتنا الأمنية؟ لا شك يوجد جواسيس وعملاء وخونة.
- هل الطرف الآخر الإجرامي.. يفكر. ويدبر.. ويبتكر من الأساليب والحيل التي تمكن من الاختراق والعبث والقتل والتدمير؟.
بالطبع.. هو يفعل ذلك- خاصة.. أن الجرائم ليست أكثر من تصرفات.. وأفعال وجرائم بدائية.. تعتمد علي الخسة.. وعلي الخيانة.. وعلي الجبن.. والتخفي وراء الغير.. وهي في مجملها رغم قسوتها في بعض الأحيان.. ليست أكثر من "جرائم شوارع".. بدائية الصنع.. حقيرة المقصد والغاية.
ومن أجل وضع نهاية "ناجزة" لهذا المسلسل الحقير والآثم.. علي الدولة بأجهزتها.. أن تولي اهتماماً أكبر.. لمشاكل الداخل.. اليومية.. والمجتمعية.
اهتماماً أكبر للقضايا والمشاكل اليومية للناس والأفراد والجماعات.. ولو علي حساب القضايا الكبري الوطنية التي تتصدي لها الدولة وأجهزتها المتعددة بالفعل.
فالشيء المؤكد أن الإنجازات الكبري والمشروعات العملاقة.. في حاجة إلي قاعدة مجتمعية وشعبية ترعي هذه المشروعات وتحميها.
وان "الغرق".. والاستحواذ الكامل علي جهد الدولة والمجتمع في مشروعات عملاقة.. من شأنه أن يعرض كل شيء للضياع.. ومن شأنه أن يفقد الشعب ثقته في دولته وسلطته.
وبلا شك فإن هذا الأخير.. هو رهان "العملاء".. ومن يحركهم.. ومن ينفذ جرائمهم.. "أفيقوا يرحمكم الله".