القاهرة 06 ابريل 2015 الساعة 02:56 م
يعد أسبوع الآلام أقدس أيام السنة, وأكثرها روحانية ، فهو أسبوع مملوء بالذكريات المقدسة في أخطر مرحلة من مراحل الخلاص, وأهم فصل في قصة الفداء ، وقد اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والحديث, كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر. كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة, ومن التأملات والتفاسير الروحية.
ويسمى أسبوع الآلام بأسبوع البصخة المقدس أو الأسبوع المقدس ، ففى اللغة الإنجليزية يقولون عنها The Holy Week (الأسبوع المقدس), وكل يوم فيه هو أقدس يوم بالنسبة إلى اسمه في السنة كلها. فيوم الخميس مثلًا يسمونه The Holy Thursday أي الخميس المقدس. ويوم الجمعة يسمونه The Holy Friday أي الجمعة المقدسة ، ويكرس كثير من الناس هذا الأسبوع للعبادة حيث يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم, ويجتمعون في الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل.
ويحتفل المسيحيون بأسبوع الآلام الذى حدث بدخول السيد المسيح إلى القدس وإنشاء سر التناول وصلب المسيح وموته ثم القيامة من الأموات في يوم أحد القيامة ويكون هذا الأسبوع بعد الصوم الكبير الذى يستغرق 55يوما ويتكون أسبوع الآلام من سبت لعازر ، أحد الشعانين ، اثنين البصخة ، ثلاثاء البصخة ، أربعاء البصخة ، خميس العهد ، الجمعة العظيمة ، سبت الفرح ، أحد عيد القيامة المجيد .
إقامة الأموات
وييبدأ أسبوع الآلام بسبت لعازر وهو السبت الذي أقام فيه الرب لعازربعد أربعة أيام من رقاده ، وكان هذا سبب تصاعد غضب كهنة اليهود لأن تلك المعجزة جعلت الكثيرين يؤمنون بالسيد المسيح ويتبعوه ، وفى هذا اليوم يفرح الأطفال بشراء الملابس والأحذية الجديدة، ويصنعون العصي المزينة بالشرائط وفي صباح يوم لعازر ينطلق الأطفال من الكنيسة حاملين معهم قطعة قماش مرسوم عليها ايقونات للمسيح ولعازر ، كرمز لمعجزة إقامة لعازر من بين الأموات وتبدأ دورة العازر بأقرب بيت من الكنيسة ثم تنطلق إلى كل منازل القرية دون استثناء، وعند دخول الدار يرتلون أبيات مخصصة لقيام العازر من القبر.
ذكرى دخول المسيح القدس
ويعد أحد الشعانين الأحد السابع والأخير من الصوم الكبير قبل عيد القيامة ، وهو يوم ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس، ويسمى هذا اليوم أيضا بأحد الزعف أو الزيتونة لأن أهالي القدس استقبلت السيد المسيح بالزعف والزيتون المزين فارشينً ثيابهم وأغصان الأشجار والنخيل تحت أقدامه ، حيث ترمز أغصان النخيل أو السعف إلى النصر أي أنهم استقبلوا يسوع المسيح كمنتصر ، وتأتى كلمة شعانين من الكلمة العبرانية "هو شيعه نان" والتي تعنى يارب خلص. ومنها تشتق الكلمة اليونانية "اوصنا" وهي الكلمة التي استخدمت في الإنجيل من قبل الرسل والمبشريين. وهي أيضا الكلمة التي استخدمها أهالي أورشاليم عند استقابل السيد المسيح الذى جاء معلماً وكارزاً داعين الناس إلى التوبة والخلاص ، حيث علّمهم المحبة، محبة الله ومحبة القريب. أحبهم، عطف عليهم وساعدهم, فرح مع الفرحين، وتألم مع المتألمين. عمل العجائب، فأشبع الجياع وسقى العطاش، شفى المرضى وأقام الموتى. ولكن جوهر رسالته كان الخلاص والفداء، فآمن الكثيرون به وبرسالته. وأراد الكثيرون أن ينصبوه ملكاً عليهم، لكي يمنحهم القوة والغلبة على أعدائهم. ولكن المسيح أفهمهم أن مملكته ليس مملكة أرضية بل سماوية.
العشاء الأخير للمسيح
ويعرف خميس العهد بالخميس الكبير وهو يوم مقدس يسبق عيد الفصح وهو ذكرى العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه ، وفي هذا اليوم غسل السيد المسيح أرجل تلاميذه ووعظ فيهم بأن يحبوا بعضهم البعض كما أحبهم هو وترك لهم وصيته ، ويقوم الكهنة فى جميع الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية بغسل أرجل المصليين ورشمهم بالزيت في هذا اليوم ، وفى هذا اليوم المقدس أيضا تم القبض على السيد المسيح ليلاً بعد خيانة يهوذا أحد تلاميذ السيد المسيح الاثنى عشر ، حيث قام بتسليم معلمه لليهود وتمت محاكمته بتهمة التجديف.
أحداث صلب المسيح
وتشتهر جمعة الآلام باسم الجمعة العظيمة أو الجمعة الحزينة هو يوم احتفال ديني بارز وعطلة رسمية في معظم دول العالم، يتم من خلاله استذكار أحداث صلب السيد المسيح وموته في الجلجثة ودفنه، وفى هذا اليوم ترتدى الكنيسة السواد حيث يعلو حجاب الكنيسة الستائر السوداء فى التقليد السرياني والقبطي أو الأحمر في التقليد اللاتيني والروماني ، وفى هذا اليوم تقرأ أجزاء من الكتاب المقدس التى توضح كيف كانت شعبية يسوع المتزايدة تثير قلق أحبار اليهود الذين خلصوا إلى نتيجة مفادها وجوب موته خوفًا من حدوث ثورة سياسية ضد الحكم الروماني تفضي إلى تدمير الحكم الذاتي الذي يتمتع به المجتمع اليهودي ، وفى ليلة الجمعة العظيمة كان يصلي يسوع في بستان الزيتون وهنا تقدم يهوذا الإسخريوطي مع حشد من الجند الرومان و ألقوا القبض عليه ، وسيق يسوع في المساء إلى منزل قيافا رئيس الكهنة وهناك حكم عليه بالموت بتهمة التجديف بعد إدعاءه أنه السيد المسيح.
المحاكمة والصلب
وتذكر الأناجيل رحلة آلام السيد المسيح حيث ضرب وأٌُهين ولفق عليه شهود الزور وعقد السنهدريم اجتماعًا رسميًا بكامل أعضاءه وأقر عقوبة الموت لذلك سيق يسوع إلى بيلاطس البنطى المتواجد فى القدس للإشراف على الأمن في عيد الفصح ، وقام باستجواب يسوع مرتين وأرسله إلى هيرودس حاكم الجليل، وعبّر صراحة أنه لا يجد فيه ذنبًا، إلا أن الأحبار اتهموا يسوع بالثورة على الحكم وبالتجديف ومن هنا حكم على السيد المسيح بالجلد إلا أنه تحت ضغط الأحبار سلم ليصلب ، وقد خرج يسوع حاملاً صليبه من دار الولاية إلى تل الجلجثة، ولم يستطع أن يكمل الطريق بسبب الآلام التي ذاقها نتيجة الجلد بالسوط الثلاثي وما استتبع ذلك من إهانات وتعذيب من قبل الجند الرومان كوضع تاج من شوك على رأسه، فسخّر له سمعان القيرواني لمساعدته على حمل الصليب ، وفي الجلجثة صلب يسوع مع لصين ورفض أن يشرب خمرًا للتخفيف من الآلام التي يعانيها في حين وضعت فوقه لافتة تتهمه بوصفه "ملك اليهود " واستمرّ نزاع يسوع على الصليب ثلاث ساعات وفى الآخر مات يسوع، وتزامن موته بحوادث خارقة في الطبيعة إذ أظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل كما أعلن قائد المئة إيمانه به ، وقبل بداية مساء الجمعة وهو بداية سبت اليهود، أنزل يسوع عن الصليب بناءً على طلب يوسف الرامى ودفن في قبر جديد في بستان الزيتون .
قيامة السيد المسيح
ويسمى السبت المقدس بسبت النور أو سبت الفرح وهو آخر يوم في إسبوع الآلام وهو ذكرى وضع جسد السيد المسيح فى القبر ، ويأتى أحد القيامة الذى يعد أهم الأعياد الدينية في المسيحية وغالباً ما يكون بين أوائل شهر إبريل إلى أوائل شهر مايو من كل عام، وفيه يحتفل المسيحيون بقيامة السيد المسيح من بين الأموات بعد موته على الصليب .