القاهرة 22 يناير 2015 الساعة 04:14 م
* هل يمحي الجديد القديم؟ سؤال أجاب عنه الناس. النخبة والشعب. عند رحيل فاتن حمامة نجمة السينما المصرية ونجمة القرن ونجمة الأفلام المختلفة والمتنوعة علي مدي خمسة عقود.. فاتن حمامة مبدعة أصيلة وكل إبداع أصيل يبقي علي مر الزمان. وهذه قاعدة لم تفاجئني برحيل فاتن حمامة ولا غيرها من المبدعين الذين رحلوا تباعاً طوال عام 2014. ثم بدأ رحيل غيرهم في هذا العام الجديد. وفي خلال ثلاثة أيام فقط رحل المنتج والموزع محمد حسن رمزي ثم الممثل القدير يسري مصطفي ثم فاتن حمامة ثم الممثلة القديرة ثريا إبراهيم.. ولأن النجم نجم.. فإن الإعلام كله ذهب إلي النجم. وبالطبع الجمهور وترك غير النجوم. لكن هناك فارقاً كبيراً بين الجهتين. فالإعلام عليه مهام محددة هي تقديم معلومات وافية عن كل الفناننين الراحلين وانصافهم إعلامياً حتي لو لم يكونوا نجوماً.. لكن هذا لم يحدث مع تكرار حالات الرحيل وما يستدعيه هذا من استعداد بعمل قاعدة معلومات.. وصور ومقاطع مصورة لكل العاملين في حقول الثقافة والإعلام والفن.. فالفن هو جزء من ثقافة مصر الناعمة. ومن الضروري أن نتعامل مع الثقافة والعاملين بها باسلوب أفضل كثيراً مما يحدث.. ولنتذكر أنه عند رحيل الفنانة مريم فخر الدين مثلاً في نوفمبر الماضي فقط سارعت إحدي الفضائيات بتقديم حوار قديم لها لم يعرض من قبل لأنه كان يقلل كثيراً منها ويظهرها بمظهر سيء ولكنه السباق المحموم في منافسة لا تحترم الكثير من القيم والقواعد.. أما عند رحيل فاتن حمامة نجمة الشاشة العربية والقرن. فلم نجد فضائية خاصة واحدة حواراً لها تقدمه. ولكن لميس الحديدي قدمت جزءاً صغيراً من حوار قديم لها علي شاشة التليفزيون المصري الذي لم يبحث أصلاً عن تراثه الثري عن حواراتها.. فما الذي يجعل هذا القنوات كلها. الخاصة والعامة. تهمل البحث عن تاريخ المبدعين والفنانين وتحتفظ به حتي يأخذ كل مبدع حقه بعد الموت.. لو لم يأخذه وهو حي يرزق.
حياة للفن فقط
* الأمر الآخر في رحيل فاتن حمامة هو هذه الشعبية الضخمة التي تمتعت بها والتي فاجأت الكثيرين. ليس لأنها نجمة كبيرة. فهناك نجوم آخرون ليست لهم هذه الشعبية. ولكن لأنها فنانة حقيقية كل ما ربطها بالناس ما يخصهم بالدرجة الأولي. مثل الشخصيات التي لعبتها وعبرت عن المرأة المصرية في كل مراحلها منذ الطفولة وحتي بعد أن أصبحت امرأة تعول الأسرة. ثم جدة لأولاد وأحفاد هاجروا ويطلبون منها أن تلحق بهم في آخر أفلامها علي الشاشة الكبيرة "أرض الأحلام" عام ..1993 فاتن قصة ليس لها مثيل بين نجمات السينما المصرية واجتهادها الشديد يقابله اصرارها علي أن يكون تواجدها العام من خلال السينما فقط وليس الإعلام أو السياسة أو الحفلات الاجتماعية. ومن هنا لم يعرفها الناس إلا من خلال فنها فقط.. وأدوارها التي فاقت في تنوعها كل أدوار غيرها من ممثلات السينما المصرية. والتي عبرت عن شخصية تتطور فكرياً وتنتقل من مرحلة إلي أخري مع تطور وتغير مجتمعها. فهي الفتاة الثرية. والمظلومة في بداياتها. وهي الظالمة أحياناً بفعل الخلل النفسي والاجتماعي في أفلام مثل "لا أنام" والطريق المسدود. وهي المرأة المقهورة أمام زوج عابث في "سيدة القصر" وأمام زوج مستبد في "نهر الحب" قبل أن تكون المرأة البدوية النقية في "دعاء الكروان" والباحثة عن الحرية في "الباب المفتوح" والفلاحة عاملة التراحيل في "الحرام". وأم فقيرة مع جيش من الأولاد والبنات في "أفواه وأرانب" ثم امرأة تعول أسرة مات عائلها في "يوم مر.. يوم حلو".. هذه عينة من الأدوار التي قدمتها هذه الفنانة الكبيرة علي الشاشة ولم يكن هناك دافع لها إلا احساسها بالناس وكم يعانون.. وعلينا أن نتذكر فيلمها "اريد حلاً" وصرختها في نهايته حين صدر حكم المحكمة برفض دعوي طلاقها من زوج يعاملها بقسوة وبرود.. وكيف أسهم هذا الفيلم في خروج قانون الخلع للنور.. لهذا كله لم يكن غريباً هذا التدافع الجماهيري لوداعها وتلك المشاعر الفياضة من الناس العاديين للتعبير عن مشاعرهم تجاهها فعلاقة الحب التي ربطتها مع الناس تساوي هذا التاريخ وهذه الأدوار وهذه السيرة العطرة والاحترام البالغ لها. ومع ذلك فاجأتني كلمات امرأة جاءت لوداعها بزيها الأسود الطويل وطرحتها حين سألها مراسل أحد القنوات ماذا تمثل لك فاتن حمامة. قالت: "هي حبيبتي. بل حبيبتنا كلنا.. فاتن حبيبة الشعب".. ويا لها من كلمات.
صراع البرامج.. إلي أين؟
* علي شاشة "أون" أدار يوسف الحسيني حلقة من برنامجه "السادة المحترمون" حول برنامج آخر علي قناة أخري هي قناة "القاهرة والناس" وبرنامجها "المستخبي" الذي تقدمه مني عراقي. كان موضوع الحلقة هو صدور حكم المحكمة بتبرئة 21 رجلاً من تهمة ممارسة الفجور في حمام شعبي. وكان "المستخبي" قد عرض حلقة كاملة عن هذا الموضوع. قبل صدور الحكم متهما فيه هؤلاء بالتهمة التي أودت بهم للمحكمة معتمداً علي مرافقة الضابط الذي ذهب للقبض عليهم وبالتالي أصبح البرنامج في ورطة بعد حكم البراءة. ولكن. بدلاً من أن تقدم القناة التي تطلقة برنامجاً آخر يفسر ويبرر للمشاهد ظروف وملابسات الحلقة. فإن قناة أخري تولت الأمر. وحيث تحدث ضيوف "السادة المحترمون" عن تفاصيل حلقة "المستخبي" وكان من بينهم محامي المجموعة. ثم الإعلامي حسام السكري وحيث فندوا ما جاء بالحلقة المذكورة إلي جانب مناقشة رد الفعل لها علي المتهمين الأبرياء وعائلاتهم ونظررة الناس إليهم في حي شعبي يقطنون به.. الموضوع أكبر من حلقة. ويحتاج لمناقشة أوسع لكن الأغرب ما حدث بعد ذلك علي شاشة "القاهرة والناس" نفسها التي أوردت علي لسان أسامة كمال مقدم برنامجها "القاهرة 360" أن زميلته مني عراقي. رفضت الحضور للبرنامج وفقاً لاتفاق معها والحديث للحمهور عن ظروف وملابسات حلقة برنامجها.. السؤال الآن من الذي يراقب أداء الفضائيات المصرية ومدي التزامها بمواثيق الشرف الإعلامية.. وماهي قواعد وحدود مناقشة بعضها لبرامج بعضها الآخر.. وهل هناك جهة مسئولة عن كل هذا.