القاهرة 20 اكتوبر 2014 الساعة 12:40 م
عادت السحابة السوداء للظهور في سماء غالبية محافظات الدلتا وبصورة مؤلمة وتهاجم المحافظات المجاورة.
أزمة تتكرر كل عام.. في نفس التوقيت بسبب حرق قش الأرز والمخلفات الزراعية التي لا يستطيع الفلاح التخلص منها إلا بهذا الأسلوب نظراً لارتفاع تكلفة نقلها وصعوبة التعامل معها.
ولا اعتقد أن هذه الأزمة أو الكارثة بلا حل وهناك مصانع صغيرة متنقلة موجودة في بلاد مختلفة للتعامل مع هذه المخلفات بدلاً من الانفاق علي موظفين في وزارة البيئة لا يفعلون شيئاً إلا زيارات تفقدية وتدوين ملاحظات ودون إجراء حقيقي علي أرض الواقع.
والملاحظات ونتائج الزيارات والتوصيات الست أعدها موظفو البيئة ووحدات الحكم المحلي والمحافظون يمكن أن تبلغ أطناناً من المجلدات.. وهذا ليس حلاً.. ولا تعاملاً مع الكارثة.. ولكنه هروب.
كارثة السحابة السوداء لها مخاطر صحية وتكلفة وأعباء في علاج المتضررين منها يصعب تقديرها لأنها مخيفة.. وواضحة في الاقبال علي العقاقير والأدوية التي تواجه حالات الاختناق وضيق التنفس وبخاصة الأطفال الصغار.
وتأثير السحابة السوداء يمتد إلي المناطق السياحية التي توقعنا عودة السياحة مع قدوم موسم الشتاء وبدلاً من استقبالهم بعد طول غياب بترحاب وتسهيلات واستضافة متميزة نستقبلهم بالسحابة السوداء.
إن التعامل مع هذه الكارثة لم يبدأ بعد وذات التصريحات التي كانت تنطلق منذ أكثر من ربع قرن.. ولا جديد والتلوث سواء من السحابة في هذه الأيام أو المصانع الأخري الملوثة للهواء الجوي هي قضية صحية خطيرة قبل أن تكون قضية بيئية والالتزام بالشروط والمواصفات البيئية وإذا كان التعامل مع السحابة السوداء والتلوث للهواء والماء بسبب الصرف للمخلفات في نهر النيل يتم بأسلوب هزيل حتي الآن فإن الخطر الأكبر أن نرحب باستثمارات جديدة ملوثة للبيئة تهاجر بلدانها.. ونضطر الترحيب بها عندنا لمجرد أنها ستوفر فرصاً للعمل.
ونحن نسعي في هذا الاتجاه الخطر للترحيب بالاستثمارات التي تلوث البيئة فإننا ندمر ما تبقي من البيئة في مصر ونسهم في زيادة الأمراض التي تهاجم المصريين من هذا التلوث.
وفرص العمل التي تأتي من المصانع الملوثة للبيئة أو التي تضر ما حولها من مناطق سكانية لا نحتاجها.
فالبطالة والجوع أفضل من الأمراض التي يصعب التعامل معها.
إن صحة المصريين في خطر بسبب السحابة السوداء وليست من حرق قش الأرز فقط ولكن حرق كل المخلفات الزراعية التي يعجز الفلاح عن التعامل معها.
هناك تقصير في التعامل مع السحابة السوداء في أجهزة الحكم المحلي.. وتوقيع بعض الغرامات يتم كنوع من اثبات الجهود.
ولكن هناك خطر داهم علي صحة المصريين من هذه السحابة ويجب التصدي لها ليس فقط بالتجريم والغرامات ولكن بتقديم الحلول البديلة للاستفادة من المخلفات وقش الارز.
إن المنح والمساعدات التي تصل الحكومة ووزارة البيئة يتم تبديدها مرتبات وحوافز وزيارات ورحلات وأسفاراً ولكننا نحتاج إلي توظيف كل الاعتمادات المحلية والمنح في البحث عن حل تصنيعي لهذه المخلفات لانقاذ صحة المصريين أولاً.. والمحافظة علي البيئة.
وليدرك وزير الاستثمار أن الشرط الأول لأي مصنع جديد هو عدم إحداث تلوث للبيئة وهذا هو الأهم في الموافقة.
أما المصانع القائمة والملوثة للبيئة فإن عليها أن تراجع الملوثات وتسهم في علاجها وتركيب فلاتر واستثمار جزء من أرباحها في ضبط معدل التلوث وحماية البيئة المحيطة لأن صحة المصريين في خطر.
والسياحة أيضا في خطر بسبب التلوث ومخاطره علي الهواء والتنفس وما يؤدي إليه من أمراض بالغة الخطورة.