القاهرة 06 يوليو 2014 الساعة 01:57 م
حوار / فتحي خطاب
يظل إسم الدكتور سعد الدين إبراهيم ، مثيرا للجدل بآرائه السياسية ، وتحليلاته بشأن الأوضاع الداخلية في مصر ، وبتوقعاته بما هو قادم على صعيد الأحداث السياسية ، وبما يتمتع به علاقات واتصالات مع كبار المسؤولين في الغرب ، وبالقرب من مواقع صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية ، ورجل يحظى بثقة في الدوائر السياسية الغربية كمفكر وسياسي وعالم اجتماع بارز .. وفي اللقاء المطول معه، كشف الدكتور سعد الدين إبراهيم ، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية ، ومدير مركز إبن خلدون للدراسات الإنمائية ، عن أسباب التحول في الموقف الأمريكي والأوروبي تجاه ثورة 30 يونيو ، ودوره في تحسين صورة مصر أمام الدوائر السياسية في الغرب ، وأنه كان حلقة الوصل بين جماعة الإخوان المسلمين والإدارة الأمريكية ، وكيف طلب السلفيون وساطته لفتح أبواب الاتصال مع الأمريكان !! وأكد إبراهيم أن جماعة الإخوان تمتلك كتائب إليكترونية أقوى من أجهزة الحكومة الإعلامية .. وفي قراءته للمشهد المصري، توقع إنشغال مصر بالشأن العربي ، وإعادة فتح ملف الوحدة العربية بشكل جديد .. وقال : أطالب بفتح باب النقاش حول ضرورة بدء مسيرة تنسيقية عربية ، والاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في صورة كونفدرلية أو فيدرالية عربيةز
* في بداية الحوار .. سألته عن قراءته للمشهد المصري الراهن ، وتوقعاته بشأن المستقبل القريب (؟)
قال د.سعد الدين إبراهيم : المشهد في مصر ، وكجزء من تجليات الربيع العربي ، مازال يتصف بالسيولة السياسية الشديدة ، ولكن أهم ما فيه 3 عناصر مهمة جديرة بالتنويه ، الأولى أن المصريين كسروا جدار الخوف بعد 6000 سنة من الخوف من السلطة المركزية منذ أيام " مينا " موحد القطرين ، وثانيا ، أن المصريين جميعا أصبحوا يتعاطون السياسة، ويتحدثون فيها وأصبحت جملة " هي البلد رايحة على فين " جملة لا يخلو منها بيت مصري أى أصبح هناك " تسييس " ملحوظ داخل المجتمع . والنقطة الثالثة ، هي التعبئة المجتمعية والتهيؤ للمشاركة الفاعلة ، فمثلا إذا قيل إن هناك مليونية في " الاتحادية " أو في جامع القائد إبراهيم بالإسكندرية ،أو ميدان الأربعين في السويس أو غيرها ، تجد الناس تتفاعل وتنزل للشارع ، هذا بالإضافة إلى مشهد استفتاء الدستور الذي كان مثالا قويا على تفاعل الناس مع الحياة السياسية ، وكل هذه الأشياء أمور جديدة تماما على المجتمع المصري ، وأرى أنها جوانب إيجابية أفرزتها السنوات الثلاث الأخيرة ، فضلا عن التعددية التي بدأت تظهر في كل شيء كالسياسة والإعلام ، وتلك أشياء محمودة ومرغوبة ، وأنا أرى كمراقب للمشهد السياسي أنها أشياء تدعو للتفاؤل .
* وبرؤية عالم اجتماع سياسي .. تفاؤلكم قد تعترضه ملامح المشهد المصري العام (؟)
يجب أن نضع في الاعتبار أن المصريين أول من اخترعوا فكرة " الملك الإله " يخافونه ويقدسونه ويعبدوه ، وظلت هذه الفكرة عالقة بالوجدان المصري وبالعقل الجمعي المصري قرونا طويلة ، حتى بعد أن عرفت مصر الأديان السماوية الثلاثة ، اليهودية والمسيحية والإسلام ، ظل الحاكم " يؤله " بشكل غير مباشر ، وظل الخوف من السلطة المركزية ومن الحاكم جزءا من التراث المصري الشعبي ، وهذا إنكسر في 25 يناير 2011 حين ثار الشعب على الفرعون ، وكانت الانتفاضات السابقة على سبيل المثال هي انتفاضات من أجل الخبز أو رفع الأسعار أو ضد مسؤول معين ، ولكن ما حدث في يناير 2011 غير مسبوق في مصر ، وهناك ثلاثة عناصر غيرت مصر تغييرا نوعيا هائلا وهي : كسر حاجز الخوف .. والتسييس .. والتهيؤ .. وإذا كان المصريون لم يعزلوا حاكما واحدا طوال 6000 سنة ، فإنهم عزلوا إثنين في أقل من ثلاث سنوات !!
* هناك من يرى أن ثورات الربيع العربي ، هي ثورات " التدمير العربي " إتصالا بما حدث عقب الثورات، سواء في مصر أو ليبيا أو تونس وسوريا واليمن ، ويدفعون بنظرية المؤامرة .. ما هو تقييمكم لما يقال ( ؟ )
لا .. ليست مؤامرة بالطبع، وأنا أرفض تماما نظرية المؤامرة ، هذا كلام غير صحيح ، فالشعوب العربية هي التي ثارت ضد الإستبداد ، والديكتاتورية، والفساد .. ولقد فوجئ العالم تماما بما حدث ، وأية محاولات خارجية فيما بعد فهي محاولات كضمان للإستقرار ، وضمان استمرار التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل ، ومحاربة الإرهاب، أما ما يقال عن تدخل خارجي في ثورات الربيع العربي، غير صحيح ، والحاصل أن الفرق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، أن أي موقف بالنسبة للدول المتقدمة تتعامل معه بسرعه وتوظفه لمصلحتها .. في مصر كانت ثورة شعبية حقيقية وكان ينبغي لنظام مبارك أن يسقط فسقط ، رجل ظل 30سنة في السلطة حتى أصابته الشيخوخة ، وكان أطول نظام حكم مصر منذ أيام محمد علي ورمسيسي الثاني ! فمحمد علي حكم مصر 40 سنة ورمسيسي لثاني 42 سنة ، ومبارك هو ثالث أطول حاكم حكم مصر لمدة 30 سنة ، ولقد طالبت كثيرا بزواله وهو في عز حكمه حتى دخلت السجن ومن معي في " مركز ابن خلدون " ..
* ولكن موقف وانقسامات شباب الثورة فتح الأبواب أمام الحديث عن نظرية المؤامرة(؟)
سبق أن قلت أن شباب الثورة يعيشون حالة من " الدلع الثوري " وصحيح أن لهم الفضل في انفجار الثورة ، ولكن ليس معقولا أن أي شيئ لا يعجبهم يقاطعونم ويغضبوا ، ويقاطعو العمل العام، وهذه ظاهرة مقدور عليها ، وهي جزء من توصيف المشهد المصري بكل ما فيه ، فقد لتقيت بمجموعة من الشباب في إحدى الندوات، وعبروا عن رفضهم التام المشاركة في التصويت على الدستور، بدعوى أن ثورتهم أختطفت منهم ، والآن الإعلام شوه صورتهم بادعاءات كاذبة عن أنهم عملاء للخارج وينفذون أجندته الأجنبية ، كما أنهم خرجوا من الثورة صفر اليدين ، لهذا رأيت أن " دلعهم الثوري " ثورتهم بعدما تركوا الإخوان والعسكر يعتلوها ، كما رفضوا تكوين حزب يعبر عنهم وعن فكرهم أو يشارك في الحياة السياسية ، وهناك أيضا بقعة سوداء في المشهد السياسي لا يمكن التغاضي عنها وهي الإرهاب والتطرف ، وهما وجهان لعملة واحدة ، فالإرهابي في الأساس متطرف فكريا ، ثم إنه حول الفكر إلى سلوك ، والذي وراء هذا التطرف هم " الإخوان " فهم الفريق السياسي الوحيد في تاريخ مصر الحديثة الذي لجأ إلى العنف والإغتيالات السياسية منذ حقبة الأربعينيات من القرن الماضي حتى اليوم ، ولكن الجديد الآن هو أن الشعب المصري هو من يقاوم هذه الجماعة ، بخلاف مكافحة الحكومت للجماعة على مدار العهود السابقة .
* هل الإرتباك في المشهد المصري راجعا إلى بدايات سرقة الثورة (؟)
بالتأكيد، لأن شيئا مثل هذا حدث بالفعل في بلدان أخرى ، ومنها فرنسا وإيران ، فبعد فترة من الثورة في هذه البلدان وكثرة القتال والدم ، شعر الناس بشئ من الحنين إلى الزمن الجميل لذي كان به استقرار ، ونسمع في مصر من يترحم على زمن مبارك !! وعلى سبيل المثال ، ومع الثورة الفرنسية 1798 سادت الفوضى والقتل وبدأت حالة أطلق عليها ثورة الرعاع ، فبدأ الشعب الفرنسي يترحم على العهد الملكي الذي ثار عليه ، أما سرقة الثورات فقد حدثت في الثورة الروسية والثورة الإيرانية ، حين جاءت مجموعة منظمة لتخطف الثورة التي لم تشارك فيها منذ البدية .. في الثورة الروسية مثلا في فبراير 1917 كان الشيوعيون فريق هامشي في الثورة ، وهذه المجموعة كان إسمها " مونشفيك " أي الأقلية أو الفريق الصغير ، ولكن لأنهم منظمين وخلال الفترة من فبراير / شباط إلى أكتوبر / تشرين أول إستولو على الثورة ، وتحول إسمهم إلى " بلشفيك " أي الأغلبية أو الفريق المتميز ، حدث هذا خلال 7 شهور ، وهو يماثل تماما ما حدث من جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، وما حدث في الثورة الإيرانية أيضا وكانت البداية أشعلها " مجاهدي خلق " وجاء آيات الله وخطفوها على الجاهز !!
* لا يزال البعض يروج المخاوف من حكم العسكر في عهد المشير السيسي(؟)
أريد توضيح نقطة هامة وهي أنه ليس معنى وجود رئيس على قمة السلطة ذي خلفية عسكرية، أن تسير البلاد نحو الفاشية والاستبداد ، فعلى مدى 60 عاما ماضية من حكم عسكري، تفاوتت هوامش الحريات بنفس درجة تقييد الحريات، والشعب قد استيقظ بداخله المارد ، ولن يعود للقمقم مرة أخرى ، كما كسر جدار الخوف وأصبح مسيسا ومهيئا للعمل العام ، وهذا ما على المشير عبد الفتاح السيسي أن يعيه هو وكل من يأتي من بعده .
* كيف ترى موقف الولايات المتحدة والغرب من مصر بعد ثورة 30 يونيو .. هل هناك تحول بالفعل، وتغيير السياسات تجاه مصر (؟)
أولا لقد إنبهر العالم ـ إلى حد ما ـ بما حدث يوم 30 يونيو والخروج الكبير للشعب المصري ، ولكن ما حدث يوم 30 يونيو كان عليه خلاف، هل هي ثورة كما يدّعي أصحابها، أم إنقلاب كما يدّعي الإخوان المسلمين ، وفي الحقيقة فإن جماعة الإخوان نجحت في أن تسبق الثوار والحكومة بأن أطلقوا عليها " إنقلاب " والإخوان لديهم كتائب إليكترونية أسرع حركة من الحكومة ووزارة الإعلام والهيئة العامة للإستعلامات وحتى المتحدث الرسمي باسم الحكومة ، فأشاعوا أن ما حدث في 30 يونيو هو إنقلاب عسكري !! ولكن قد نجحنا وتوقف الحديث عن الإنقلاب ، وكان ليّ مع غيري دورا ، وتشكل وفد ضم معي رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي ، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، والمحامية منى ذو الفقار ، والتقينا " كاترين آشتون " مسؤولة الشئون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، وعقدنا معها اجتماعا في بروكسل، ثم اجتماع آخر مع وزراء خارجية 26 دولة أوروبية ، والحمد لله إستطعنا أن نجنب مصر قرارا كان على وشك الصدور، بإدانة ما حدث في مصر ، في 30 يونيو، وإدانة فض اعتصامي رابعة والنهضة ،وفرض عقوبت على مصر، ودخلنا في حوار مطول مع وزراء الخارجية الـ26 وقلنا لهم أن الإنقلاب في العالم الثالث ، عادة ما يتم بين منتصف الليل والسابعة صباحا ، ولكن ما حدث عندنا كان في وضح النهار .. وأن من يقومون بالانقلاب يحكموا ويتولوا السلطة ، ولكن ما حصل عندنا أن الشعب تحرك والجيش سانده لإسقاط حكم جماعة الإخوان ، ثم تم تسليم الحكم إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وبعكس الانقلاب العسكري .. وشرحنا لهم الصورة بكافة تفاصيلها ، وقلت لهم ، لو أننا نظرنا مثلا إلى ما حدث في 23 يوليو 1952 نجد أن الجيش المصري تحرك وعزل الملك ، وبقى الشعب المصري يتفرج ويراقب عدة شهور ، ولم يلتف الشعب حول الجيش إلا بعد 3 أو 4 أشهر حينما رأى النتائج بعد عزل الملك ، وصدور قانون الإصلاح الزراعي ، وقانون إلغاء الألقاب المدنية ، فالجيش في 23 يوليو 1952 كان سابق للشعب ، أما في 30 يونيو فإن الشعب كان سابق للجيس ، والجيش كان يلهث من أجل اللحاق بالشعب، واستطاع أن يجنب مصر حرب أهلية ..
وأضاف د.سعد الدين إبراهيم : لقد استجاب الإتحاد الأوروبي بسرعة ، أما الأمريكان فقد أخذوا وقتا ، والتقينا نائب وزير الخارجية الأمريكية " وليم بيرنز " وقلت له الفروق الثلاثة التي شرحتها بين الإنقلاب والثورة ، والرجل في شهادته أمام الكونغرس الأمريكي كرر نفس كلامي .. وقال لي نائب وزير الخارجية الأمريكي، إن الكونغرس يضع أمامه صورة انقلاب " الليندي " في شيلي ، ومنع المساعدات عن أي دولة يقع بها إنقلاب ، ولكن حبي وتقديري لمصر يقول أن ما حدث شيء مختلف ، وسوف أكتب الحيثيات التي أوضحتها أنت، للكونغرس حتى نجنب مصر مغبة قطع المعونة ، وبهذا المعنى تحدث " جون كيري" في شهادته أمام الكونغرس الأمريكي في 3 جلسات استماع على مدار 3 أيام ، وهو أمر لم يحدث داخل الكونغرس منذ حرب فيتنام، أن تخصص 3 جلسات خلال 3 أيام للحديث عن مصر ويجيب " كيري " عن أسئلة كل عضو في الكونغرس ، وهو أمر غير مسبوق ، وهذا حدث لأن مصر دولة محورية، وهي أهم دولة في المنطقة كلها بالنسبة لأمريكا استراتيجيا وأمنيا ، طبعا من أجل عيون إسرائيل ، فمصر مفتاح لثلاثة أمور محورية تهم واشنطن ، وهي معاهدة السلام ، والاستقرارفي المنطقة ككل ، وتأثير ذلك على بقية الدول العربية ، وهناك محاولات جدية الآن ، وتحركات على قدم وساق، لكنها غير معلنة، لرأب الصدع في العلاقات المصرية ـ الأمريكية ، وهناك شواهد لتغيير الموقف والسياسة الأمريكية ، أولا استئناف صفقات توريد السلاح بين الجانبين ، وثانيا إعادة طائرات الأباتشي التي كانت محتجزة في أمريكا للصيانة ، وثالثا دعم التحول الديمقراطي وخارطة الطريق في مصر ، وهذه هي أهم 3 إشارات ورموز لرأب الصدع الأمريكي ـ المصري .
* وكان لكم أيضا دورا في فتح أبواب الإتصالات والعلاقات بين الولايات المتحدة والإخوان بعد ثورة 25 يناير (؟)
الأمر هنا مختلف ، فكان تحركي ومن معي في الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي لعدم إدانة مصر أو توقيع عقوبات عليها ، لكن في موضوع " الإخوان " لم يكن دوري يتعدى دور الوسيط، ولم أسع للتدخل بينهم إلا بعد أن طلب مني خيرت الشاطر التوسط لدى الغرب لأخلق حوارا بينهم وتوصيل صوتهم للخارج ، فأوفيت بوعدي وقمت بتحديد موعد لهم مع الحقوقيين الذين كانوا يقومون بزيارتي أثناء مدة سجني ، بعدما اتصل بي الدكتورعصام العريان، والتقوا بعدد من مممثلي الدول الأوروبية وأمريكا داخل النادي السويسري بإمبابة ، وحاولوا اكتشاف رؤية الإخوان وموقفهم من الأقليات والمرأة وعن كل من ليس على ديانتهم إذا ما وصلوا للحكم أو مناصب بالحكومة ، والأهم موقفهم من معاهدة السلام مع إسرائيل ومن حرية التعبير والإبداع والديمقراطية ، فكان رد " خيرت الشاطر" أنهم يدافعون عن العدالة والشريعة وليس لديهم الوقت للمسائل الأخرى ..
* قيل أنك تقدمت بمبادرة إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء للمصالحة مع الإخوان (؟)
لا ، لم يحدث ، ولم أقابل " محلب " أو وزير الداخلية أو أيا من أولي الأمر ، وفي نهاية المطاف أنا لم أقنع أحد بضرورة المصالحة ، بل الدولة هي من ستفعل ذلك ، فهذه ليست مهمتي ، فالمجتمع الآن هو من يملك قرار التصالح مع الإخوان ، والناس عندها استعداد أن تفتك بأعضائها حينما تتاح لهم الفرصة ، والذي ينقذ الإخوان من أيدي الناس في الشارع اليوم هو الشرطة ، فالذي أخرج المعتصمين في مسجد " الفتح " كانت الشرطة ، وأنا أراهن أن الدولة في مصر دولة رشيدة ، وعلى الرغم من اعتداء الإخوان على قوات الشرطة والجيش فإنني أرى أن الدولة تتصرف بشكل محترم ، وأنقذت عناصر الإخوان من براثن الجماهير، وهي تحقق معهم قانوني .. وعموما أنا لا آمن مكر الإخوان ، ولا ينبغي أن يأمن مكرهم أحد ، فهم أصحاب أجندة وأرباب مخطط ، وهم تنظيم سري تحت الأرض ، وبالتالي لا يؤمن جانبهم أحدا .
* وماذا عن السلفيين (؟)
هم يحاولون أن يكونوا " البديل " عن جماعة الإخوان، أو أن يحتلوا دورهم ومكانهم، وطلبوا مني بالفعل أن أفتح لهم قنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية ، وحدث ، ولكن لا أعرف النتائج ، ولكن السلفيين حديثي النشأة سياسيا !!
* نعود إلى المشهد العربي ، ورؤيتكم للمستقبل ، وعلاقات مصر العربية خاصة في حال فوز المشير السيسي بمنصب رئيس الجمهورية (؟)
أتوقع أن يكون هناك إهتمام وانشغال مصر أكبر بالشأن العربي ، وإعادة فتح ملف الوحدة العربية بشكل جديد ، وأتمنى أن يتعلم العرب الدرس جيدا ويستفيدوا من تجربة الاتحاد الأوروبي ، وقد بدأ تدريجيا وعلى نار هادئة ، واليوم هو تكتل اقتصدي وسياسي كبير في العالم أٌقوى من أمريكا ومن الصين ، وهذا نموذج يجب أن نحتذي به عربيا ، ونبدأ مثلا بالدول التي شهدت ثورات الربيع العربي على الأقل ، تونس ومصر وليبيا وبلاد عربية متجاورة تتكتل مع بعضها ، وكل دولة لها ميزة تنافسية سواء موارد بشرية أو نفطية أو تقنية ، وأن نبدأ مسيرة عربية تنسيقية في صورة كونفدرالية أو فيدرالية ، وأنتهز فرصة الحديث مع " العرب اليوم " وندفع بهذه الأفكار إلى ساحة النقاش معا ، وأمامنا الآن موقف السعودية والإمارات والكويت والبحرين من مصر ، وما يتردد الآن حول هذا المحور مع مصر ، وكان واضحا من حديثي مع مسؤولين في الدول الخليجية أنهم يريدون دعم التوجه الموجود في مصر ، ودعم السيسي تحديدا ، لأنهم يريدون مصر مستقرة ، واستقرار مصر يعني استقرار المنطقة كاملة ، وأيضا وجود مصر كحليف إستراتيجي في مواجهة الخطر الإيراني .
* ولكن أمامنا الآن موقف مختلف تماما من جانب قطر (؟)
قطر سوف تعود إلى مصر ، أو إذا صح التعبير تعود إلى الصراط المستقيم ، عاجلا وليس آجلا ، أولا لأنها مهددة بالعزل خليجيا ، وثانيا عربيا ومصريا ، وأجد أن هناك إعادة نظر لاندفاعهم وتأييدهم لجماعة الإخوان ، لأنهم كانوا يعتقدون في قطر أن هذا سيكرس نفوذهم الإقليمي ، وواضح الآن أن الخسائر أكبر ..
* هل صحيح تدخلكم ووساطتكم لرأب الصدع في العلاقات المصرية ـ القطرية ، خاصة وأنكم مقرب من العائلة المالكة القطرية ، وسبق أن التقيت الشيخة موزة (؟)
أنا أبذل حاليا مجهودات لرأب العلاقات الشعبية المصرية ـ القطرية ، وليس على مستوى الحكومات ، فالحكومات لا شأن لي بها ، لأنني لست مسئولا حكوميا ، وصحيح أنني التقيت الشيخة " موزة " ولكنها ليست الحكومة ، وهي ليس لها أي موقع رسمي في نظام الحكم القطري ، يمكن أن نقول إن " موزة " لها تأثير فقط في اتخاذ القرار ، بحكم أنها زوجة الحاكم السابق وأم الحاكم الحالي ، وبحكم أنها شخصية مثقفة ونشطة وحريصة على العمل العام فهذا قد يجعل لها تأثيرا معنويا كبيرا ، وحينما التقيتها فقد فعلت ذلك على هذا الأساس فقط .. والشيخة موزة مهمومة جدا بتدهور العلاقات المصرية ـ القطرية ، فهي درست في مصر وقضت صباها وشبابها في بلادنا ما بين مدرسة المعادي وجامعة الإسكندرية ، كما أنها لجأت إلى مصر هي ووالدها وقت تدهور العلاقات بين والدها وحاكم قطر سابقا ، وبحكم موقعي كسياسي مصري قومي عربي فأنا أيضا مهموم بتدهور العلاقات المصرية ـ القطرية ، لهذا تباحثت معها في هذا الأمر ..